الطاهر ساتي يكتب.. التقييم ..!!
:: عندما تأخر خطيب المسجد، صعد أحد ذوي الخيال الواسع إلى المنبر، وخطب في الحاضرين وصلى بهم، ثم طالبهم بتقييم خُطبته، فنهض أحدهم قائلاً : ( صاح أمية بن خلف باع سيدنا بلال لكن ما لريال مدريد، و منو القال ليك الملك فهد مات في غزوة بدر؟، و ياخ الكُفار ما استخدموا الكيماوي في غزوة أحد، وصاح أبو لهب كافر لكن ما ود حرام، وغلط كبير انك تدخن بين الخطبتين، وكان تنزل من المنبر بالسلم بدل تتلب زي القرد .. بس دي الملاحظات، لكن – بصورة عامة – الخطبة بليغة و مؤثرة)..!!
:: وبدار المحامين، تم تقييم تجربة حكومة مابعد الثورة، وهي المسماة إعلامياً بحكومة (قحت)؛ وذلك في ورشة نظمتها صحيفة الديمقراطي بالتنسيق مع المجلس المركزي لقوى الحرية..لقد تبارى بعض السادة في تقييم التجربة بما لايختلف كثيراً عن تقييم ذاك المصلي لتلك الخُطبة العصماء.. في البدء، بالإنابة عن المجلس المركزي، اعتذر طه عثمان للشعب عن أخطاء ( فترة حكمهم)..وهي أخطاء بمثابة كبائر، وكان مجرد التلميح بها يُفجّر في وجه قائلها إتهامات ( الكوزنة) و ( الأرزقية)، وغيرها من ترهات الترهيب والإبتزاز الرخيص ..!!
:: وعلى سبيل المثال، تحدث مدني عباس مدني عن سلبيات الوثيقة الدستورية، ومنها عدم تفصيل نصوصها للكثير من القضايا والسلطات التي كانت بحاجة إلى تفصيل وتوضيح، ثم عاب على الوثيقة زيادة سنوات الفترة الانتقالية عقب اتفاق جوبا.. ولم يتحدث مدني عن جرائم التزوير التي طالت نصوص الوثيقة الدستورية، وذلك باعتراف نصر الدين عبد الباري و ابراهيم الأمين، كان أحدهما وزيراً لعدل الحكومة الجاري تقييمها و الآخر قيادياً بالحاضنة السياسية لتلك الحكومة ..!!
:: نعم، بعد أداء القسم، كشف وزير العدل بحكومة حمدوك عن وجود نسختين من دستور البلد، وكل نُسخة تختلف عن الأُخرى، وهذا ما لم يحدث في تاريخ دساتير البشرية.. ثم كشف القيادي بقوى الحرية إبراهيم الأمين ما أسماه بالتلاعب في ذات الوثيقة من قبل ثلاثة مسؤولين ( عسكريين ومدنيين)، وهذا ما فات على مدني عباس، ربما لضيق الوقت او مساحة الورق .. وبالمناسبة، وجدت مريم الصادق تبريراً لعيوب الوثيقة الدستوية، بحيث قالت أن السادة بقوى الحرية (كانوا مستعجلين).. ولا تعليق ..!!
:: ثم اختزل خالد عمر فساد تلك المرحلة في مبارك أردول فقط لاغير، قائلاً : ( أنا عملت ضده وكنت أريد إقالته، لأنه ارتكب خطيئة تشوِّه سُمعة الحكومة الانتقالية)، و بهذا الحديث يظن بأنه يدين أردول و يُبرئ نفسه، وهذا ظن خاطئ ..طالما عجز سيادته عن اقالة ومحاسبة أردول، لماذا لم يكشف فساده – في وقته – للاعلام كأضعف الإيمان؟.. لم يتحدث خالد عن (زبيدة غيت) وأبطالها، رغم أن حكومته منعت الصحف عن النشر في هذه القضية .. لم يتحدث خالد عنها، لعل المانع ( مناع ) أو خير ..!!
:: أما محمد الفكي سليمان، فقد قدم ورقة تضج بالغرائب، منها أن قوى الحرية تفاجأت بتوقيع اعلان جوبا.. تفاجأت، تخيلوا .. ربما علينا إلغاء عقولنا وتصديق ورقة الفكي.. ناهيك عن مئات المدنيين الذين كانوا يرافقون رئيس الوفد محمد حمدان دقلو ويتحلقون حوله، بل محمد حسن التعايشي كان المتحدث الرسمي باسم وفد الحكومة في جوبا.. عفواً، ربما كان التعايشي يمثل المؤتمر الوطني وليس قوى الحرية التي تفاجأت بالسلام ..!!
:: وهكذا .. فالذين كانوا على أخطاء فلول النظام المخلوع قضاة يحكمون بالاعدام، أصبحوا على أخطائهم محامين يترافعون على أنفسهم بغرض البراءة .. مريم الصادق كانت الأقرب الى الحقيقة في تقييم تجربة تلك المرحلة ، بحيث قالت في لحظة صفاء : ( الحكومة كانت ضعيفة، لأننا ماعندنا سابق خبرة فى الحكم، لقد كنا مناضلين)، وليتها قالت : ( لقد كنا نشطاء)، لتكتمل الحقيقة ..!!