الطاهر ساتي يكتب.. ( يا رائعين ) __________

0

:: هناك شخص يتواجد كثيراً في صالات الأعراس، يدخل الصالة مع الفرقة الغنائية، و يُهنئ العريس والعروس وهو يتمايل يميناً ويساراً ومحدقاً في وجوه الحسان، ثم يقدم فنان الحفل..أهل العريس يظنونه من أهل العروس، وأهل العريس يحسبونه من أهل العريس، بيد أنه مجرد ( زول شليق) .. وبعد فاصل من الغناء، يستلم صاحبنا المايك من الفنان، ثم يخاطب زحام الرقص : ( مساء الخير يا رائعين يا حلوين، الحفلة حفلتكم و الفرح فرحكم، بس الأغنية الجاية دي خاصة للعريس و العروس، و رجاءً ما عايزين زحمة هنا)..!!

:: وهكذا أيضاً تم تنظيم ورشة تقييم تجربة (حكومة قوى الحرية) بدار المحاميين، بحيث كانت الورشة كما أغنية رقيص العروس ( خاصة جداً)..من الغرائب أن يتم تنظيم ورشة لتقييم تجربة حكومة – بي حالها – بعيداً عن وسائل الاعلام ومراكز الدراسات والأحزاب المعارضة و منظمات المجتمع المدني و غيرها ..ومن الغرائب أن يكون المستمع في ورشة التقييم هو المتحدث فيها.. فالسادة تكلموا مع أنفسهم، وناقشوا أنفسهم، واستمعوا لأنفسهم، وصفقوا لأنفسهم، ثم غادروا بمظان أنهم قيّموا تجربة حكمهم ..!!

:: ثم الجدير بالإنتباه، كما غيّيوا الاعلام في التغطية والنقاش، غيّيوه أيضاً في التقييم .. نعم، كل أوراق تقييم قطاعات تلك المرحلة خلت من ورقة تقييم قطاع الاعلام، وكأنها كانت مرحلة بلا اعلام .. لم يتم تقييم آداء قنوات و إذاعات وصحف تلك المرحلة، و لم يعترفوا بعجزهم عن إحداث اي تغيير إيجابي في اعلام الدولة، و في الصحف أيضاً ..كنا نأمل أن يتغير حال الاعلام نحو الأفضل، و لكنهم عجزوا حتى عن تعديل القوانين المقيدة لحرية الصحافة ..!!

:: نعم، كما قبل الثورة، بعدها أيضاً، فهناك أربع جهات هي التي تحاكم الصحافة، بأربع عقوبات، في قضية واحدة.. قد يغضب مجلس الصحافة ويعاقب بالإيقاف يوماً أو ثلاثة، ثم تحال القضية إلى نيابة الصحافة فتعاقب بحظر النشر، ثم إلى نيابة المعلوماتية لتعاقب بالسجن، ثم تحال القضية إلى المحكمة لتعاقب بالسجن أو الغرامة أو بالاثنين كما ينص القانون ..هكذا حال الصحافة، تحاكمها أربع سلطات في قضية واحدة، وهذا ما لا يحدث إلا في السودان.. !!

:: لم يتم تعديل قانون الصحافة ( قانون 2009)..وحكومة قوى الحرية كانت تعلم أن لمجلس الصحافة سلطة العقاب بالايقاف، و لنيابة الصحافة سلطة حظر النشر، و لنيابة المعلوماتية سُلطة السجن و حظر النشر، ثم هناك الحُكم القضائي..وهذا ما حدث لهذه الصحيفة و صحف أخرى في عهد من يُقيّمون تجربتهم.. نعم، بعد نشرنا لقضية (زبيدة غيت)، وبينما كانت نيابة المعلوماتية تتحرى معي و الأخ مزمل أبوالقاسم، تلقينا استدعاءً آخر من نيابة الصحافة.. نيابتان، في يوم واحد، وفي قضية واحدة، ثم حظروا النشر، كما كان يحدث في عهد المخلوع ..!!

:: لو نظموا ورشة تقييم تجربتهم في الهواء الطلق، بحيث تكون الدعوة إليها لكل أهل الشأن، و للاعلام في أوراقها نصيباً، لتوافد الزملاء – للتقييم و الإصلاح – من كل فج عميق.. ولكن يبدو أن هناك من تعمد تنظيم ورشة التقييم بنهج : ( صباح الخير يا رائعين يا حلوين، الديمقرطية ديمقرطيتكم، و الحرية حريتكم، لكن الورشة دي خاصة لفلان و فلانة، رجاءً ما عايزين زحمة آراء )..!!

اترك رد