Site icon اسفير نيوز

إجراءات مكافحة التضخم في الولايات المتحدة.. كيف تؤثر على العالم؟

سلطت صحيفة واشنطن بوست الضوء على تداعيات السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة حاليا لاحتواء التضخم في الداخل على الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل حول العالم.

وخلال جولة استمرت 11 يوما في آسيا هذا الشهر، أوضحت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، ونظراؤها من الدول الثرية في أوروبا وأماكن أخرى أنهم بدأوا في التعامل مع كيفية التخفيف من موجات الصدمة الاقتصادية التي تضرب البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، في محاولة لتقليل تأثير الإجراءات الاقتصادية للولايات المتحدة وغيرها من الدول الغنية على اقتصادات الدول الفقيرة.

وتقول صحيفة واشنطن بوست إن كبار صناع السياسات الاقتصادية في العالم يخشون من  “غرق” الاقتصادات الأكثر فقرا بينما يحاول الاحتياطي الفيدرالي الأميركي كبح جماح الأسعار في الأسواق الأميركية”.

وواجهت بلدان الأسواق الناشئة بالفعل مشاكل اقتصادية متزايدة بسبب الإنفاق الضخم على مكافحة الوباء، ثم ارتفاع أسعار الغذاء والوقود الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

ومن شأن تشديد السياسة النقدية الأميركية أن يؤدي إلى تفاقم هذه المشاكل، لأن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يرفع تكلفة تمويل الديون بالنسبة لعشرات البلدان منخفضة الدخل التي تقترض بالدولار، وفقا للصحيفة.

وردا على سؤال حول المستويات المرتفعة للديون الحكومية في العالم النامي، قالت يلين للصحفيين، الأسبوع الماضي، إن تشديد السياسة النقدية “يمكن أن يجعل مشاكل الديون هذه التي هي بالفعل شديدة للغاية أكثر صعوبة”.

وتردد صدى تعليقات الوزيرة، في وقت لاحق، في اجتماعات وزراء مالية مجموعة الـ20 في إندونيسيا، على كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، الذي يقدم التمويل الطارئ.

وقد يؤدي القرار المفاجئ الذي اتخذه البنك المركزي الأوروبي بزيادة سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، وهي أول خطوة من نوعها منذ 11 عاما، إلى فقدان عملات الدول الأكثر فقرا المزيد من قيمتها.

وقالت جورجيفا: “مع تشديد الظروف المالية، فإن عبء خدمة الدين قاس. وبالنسبة لبعض البلدان، هو عبء لا يطاق”.

ويقول العديد من الاقتصاديين إن البلدان التي تعتبر أسواقا ناشئة تتعرض بالفعل لأكبر قدر من الضغوط التي واجهتها منذ ما يقرب من 30 عاما. وقال البنك الدولي إن نحو 60 في المئة من الدول الفقيرة “تعاني من ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير”

القروض بالدولار

وغالبا ما تقترض الدول الأكثر فقرا بالدولار الأميركي للمساعدة في دفع ثمن الواردات التي لا تستطيع إنتاجها بطريقة أخرى ولتعزيز المصداقية الدولية لاحتياطياتها المصرفية.

وأحد الجوانب السلبية لذلك هو أن “الديون المقومة بالدولار” تجعل هذه البلدان عرضة للتقلبات في قيمة العملة الأميركية، وهي تغيرات خارجة عن إرادتها.

وعلى سبيل المثال، عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة، يصبح الدولار أكثر تكلفة مقارنة بالعملات الأخرى. وهذا يجعل مدفوعات ديون البلدان المقترضة أكثر تكلفة.

ويزداد التحدي حدة بعد آخر تقرير لمعدلات التضخم في يونيو أظهر أن الأسعار في الولايات المتحدة ارتفعت بمعدل 9.1 في المئة في ذلك الشهر.

ومن المتوقع أن يدفع التقرير الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة أكثر في اجتماعه، يوم الأربعاء. وهذا بدوره سيجعل الأمور أسوأ بالنسبة للبلدان المنخفضة الدخل.

وأشارت يلين للصحفيين إلى أن الدولار القوي يمكن أن يكون إيجابيا لاقتصادات الدول الفقيرة، لأن صادراتها إلى الولايات المتحدة ستكون أرخص وأكثر جاذبية للمستهلكين الأميركيين.

لكن علامات الخطر آخذة في الظهور في أجزاء كثيرة من العالم. وقال مارك وايسبروت، الخبير الاقتصادي في مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة، في واشنطن، إنه بين بداية الوباء وحتى الآن، ارتفع متوسط نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم النامي من 52 في المئة إلى 67 في المئة قياسيا.

دور الصين

وتتمثل إحدى الخطوات التي يمكن أن تساهم في حل المشكلة محاولة دفع الصين إلى الاتفاق على توفير الإغاثة للبلدان المثقلة بالديون.

وأثناء زيارتها لليابان في وقت سابق، انتقدت يلين الصين لمقاومتها محاولات الدول المنخفضة الدخل إعادة التفاوض على التزاماتها.

وبينما واجهت البلدان ضغوطا على الديون خلال الوباء، وافقت دول مجموعة العشرين، في عام 2020، من حيث المبدأ على “إطار مشترك” يهدف إلى إنشاء قواعد جديدة لإعادة هيكلة الديون السيادية عندما يصبح من الواضح أنه لا يمكن سدادها.

ورغم تقديم دول مثل تشاد وإثيوبيا وزامبيا التماسات للمساعدة بموجب المبادئ الجديدة، امتنعت الصين عن التنفيذ، وهو ما أثار غضب المسؤولين الأميركيين ومسؤولي صندوق النقد الدولي.

وقال مسؤولو وزارة الخزانة في إفادة للصحفيين في إندونيسيا، قبل المحادثات، إنهم يؤكدون للصين أنه من مصلحة بكين قبول شروط الديون المحدثة لأنه إذا انهارت اقتصادات الدول المدينة، فإن هذا يجعل احتمالات استعادة الصين لأموالها أقل احتمالا.

وقالت يلين للصحفيين، الأسبوع الماضي، إنه “من الخيب للآمال للغاية” أن الصين لم تتعاون مع جهود إعادة هيكلة الديون.

وتواجه الولايات المتحدة ضغوطا أيضا لتخفيف أعباء ديون البلدان.

ودعا الاتحاد الأفريقي، الذي يمثل أكثر من 50 دولة، إلى تخصيص آخر لـ “حقوق السحب الخاصة”، وهو برنامج يديره صندوق النقد الدولي ويوفر رأس المال الطارئ للبلدان المحتاجة.

ودعا ما يقرب من 15 عضوا ديمقراطيا في الكونغرس الإدارة الأميركية إلى قيادة عملية صرف حقوق السحب هذه، على غرار قرارات صرف بـ 650 مليار دولار صدرت، العام الماضي، للمساعدة في مكافحة الوباء.

لكن وزارة الخزانة قالت في بيان إن الإدارة لا تدعم مثل هذه الخطوة، مشيرة بدلا من ذلك إلى جهد أصغر لتقديم قروض على أساس حقوق السحب الحالية

Exit mobile version