المحروقات .. زيادات متعاقبة مع غياب المبررات والأهداف

0

 

الخرطوم: علي وقيع الله

 

زيادة أسعار الوقود.. ليست بالأمر الجديد؛ ولكنها تؤثر بصورة مباشرة على معاش الناس، المتمثلة في الإنتاج والصناعة والنهضة بأكملها، لكن في ظل متتالية الزيادات التي تفرضها الحكومة حول المحروقات، تتغيب معها المبررات وتوضيح الأسباب والأهداف لتلك الزيادات، بعض الاقتصاديين جاءت عبر إفاداتهم أنه ما لم تتولّ وزارة النفط مسؤولية الاستيراد والتوزيع كما كانت في الماضي فإن الفوضى ستستمر، والبعض يرى أن الزيادة الأخيرة لا يوجد لها مبرر، وأن الحكومة ما زالت تتخذ قرارات خاطئة وغير مدروسة، وأشار آخرون إلى أن هناك تداولاً لبعض الأقوال عن دور جهات تعمل على احتكار الوقود، ومن ثم تقوم بتطبيق زيادة على سعر الوقود، لكن تظل مجرد أقوال إلى أن تثبت رسمياً عبر لجنة تحقيق رسمية، الأمر الذي يفرض تساؤلات عن ما هي المبررات لزيادة أسعار الوقود في السودان..؟ وما هي أبرز أسباب تلك الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود..؟ وهل هناك جهات غير معلومة تعمل على زيادة الأسعار حتى وإن كانت حكومية..؟ وإلى متى يظل مسلسل زيادة أسعار الوقود في السودان..؟

 

زيادة جديدة

 

طبقت محطات الوقود، أمس الأول، في الخرطوم وعدد من الولايات زيادة جديدة على سعر البنزين و الجازولين، و بلغ سعر لتر البنزين 762 جنيهاً بدلاً عن 672 جنيهاً ليصل سعر الجالون إلى 3429 جنيهاً، فيما بلغ سعر لتر البنزين في ولاية النيل الأبيض 807 جنيهات، ولتر الجازولين 864، وفي التاسع عشر والتاسع من مارس الماضي طبقت المحطات زيادتين متتاليتين؛ حيث بلغ سعر لتر البنزين 672 مقارنة ب 547 جنيهاً و 408 جنيهات.

 

شركات طفيلية

قال عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير، كمال كرار: ما حدث من مضاعفة أسعار جديدة على الوقود نتيحة لغياب وزارة النفط عن استيراد النفط في عهد حكومة حمدوك، وتركه لتهيمن عليه شركات طفيلية وسماسرة استيراد، وبالتالي صاروا يفرضون الأسعار على الحكومة ويضعون عمولات كبيرة على فواتير الاستيراد، وأكد هذه هي النتيجة، وتوقع أن يزداد السعر بين فترة تلو الأخرى، وقطع بأن هذا يضر الاقتصاد القومي، وأوضح كرار عبر إفادته ل(اليوم التالي) أن البترول سلعة استراتيجية، ويشير إلى أنها ستؤثر على تكاليف الإنتاج الزراعي والصناعي، وبالتالي قد تتعطل نهضة القطاعات الإنتاجية، وقال.. ما لم تتولّ وزارة النفط مسؤولية الاستيراد والتوزيع كما كانت في الماضي فإن الفوضى ستستمر.

الإيراد السريع

يقول المحلل الاقتصادي الدكتور، محمد الناير، إن الحكومة ما زالت تتخذ قرارات خاطئة والتي وصف بأنها غير مدروسة، ويتوقع أن تؤثر سلباً على حياة المواطن وتؤثر كذلك على العملية الإنتاجية في البلاد، دون أن تنظر الحكومة للعواقب، بل تنظر للإيراد السريع الذي تتحصل عليه من هذا الإجراء، ولا تبالي بالعقبات أو العواقب، وبحسب قوله.. إن الزيادات في أسعار الوقود التي حدثت أمس الأول ستؤثر سلباً على الموسم الزراعي الصيفي بصورة كبيرة وعلى مجمل القطاعات الإنتاجية سواء كانت الإنتاجية بشقيها الزراعي والحيواني، وكذلك الصناعي و الخدمي، ونوه إلى أنه سترتفع تكاليف الإنتاج بصورة كبيرة وغير مسبوقة، وبالتالي سترتفع تكاليف المعيشة وتكاليف النقل، بحيث لا يستطيع المواطن الوفاء بها خاصة شرائح المجتمع الفقيرة و من ذوي الدخل الضعيفة،

 

وبالتالي قطاع النقل نفسه قد لا يجد فرصة للعمل في ظل ارتفاع المحروقات و ارتفاع أسعار قطع الغيار وغيرها من الأشياء،

 

مما تجعل تذكرة المواصلات داخل العاصمة أو بقية الولايات مرتفعة جداً، وتابع.. كل ذلك سيؤثر سلباً على حياة المواطنين بصورة أو بأخرى، وأوضح د. الناير في تصريح ل(اليوم التالي) أن الزيادة الأخيرة لا يوجد لها مبرر لأن أسعار البترول عالمياً بعد أن ارتفعت تراجعت مرة أخرى إلى حوالي 100 دولار للبرميل أو يزيد قليلاً، ولفت إلى أن سعر الصرف للعملة الوطنية مستقر لقرابة ثلاثة أشهر، لجهة أنه تساءل ما هي الأسباب، وقال إن الدولة سبق وأن ملكت القطاع الخاص بصورة أساسية استيراد الوقود، ويرى أن الدولة ربما تريد تعديل هذا الأمر، ومضى قائلاً : فكان من باب أولى أن تقلل الحكومة من حجم الضرائب لمصلحة المواطن حتى لا تلجأ لهذه الزيادات، ويعتقد أن هذا هو الإجراء الأسلم، ولكن لم تتخذهالدولة للأسف الشديد!.

 

احتكار الوقود

 

أما المحلل الاقتصادي الدكتور، الفاتح عثمان محجوب، فقد أكد أن الحكومة الانتقالية بقيادة د. عبدالله حمدوك وقتها أنجزت اتفاقاً مع دول الترويكا وصندوق النقد الدولي لإلغاء الدعم السلعي ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية؛ للحيلولة دون انهيار اقتصاد الدولة، ويضيف.. بناء على ذلك الاتفاق تم تحرير سعر الوقود، وأصبح يتم تحديد سعره وفق أسعار الوقود في السوق العالمية ووفقاً لسعر الصرف، لكن د. الفاتح عبر حديثه ل(اليوم التالي) قال يبدو أن ثمة عوامل غير معلومة تؤثر على أسعار الوقود في السودان؛ إذ أن السودان بات ضمن أعلى الدول أسعاراً للوقود في إفريقيا، وتابع قائلاً : بل أصبح الوقود يتم تهريبه للسودان من ليبيا وتشاد نسبة للأسعار العالية جداً في السودان، وذهب بالقول.. بما أن الحكومة لا تفرض ضريبة عالية على الوقود فيجب عليها التحقيق في مغرفة أسباب ارتفاع أسعار الوقود في السودان مقارنة بدول الجوار، وأشار إلى تداول أقوال عن دور جهات تعمل على احتكار الوقود ومن ثم تقوم بتطبيق زيادة سعر الوقود، ويرى المحلل الاقتصادي أنها تظل مجرد أقوال؛ إلى أن تثبت رسمياً عبر لجنة تحقيق رسمية، وأبان أن عالمياً أسعار الوقود شبه مستقرة منذ أكثر من شهر، بل بالعكس مرشحة للهبوط بفعل زيادة إنتاج السعودية وفنزويلا، مضيفاً أن هناك بعض التوقعات عن قرب دخول نفط إيران للسوق العالمية بعد توقيع الاتفاق النووي.

 

اليوم التالي

اترك رد