بيان ساخن بعد انشقاق في صفوف الحركة الشعبية توتر بين عقار وعرمان
اخبار السودان - اسفير نيوز
الخرطوم – اسفير نيوز
قالت الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال في بيان لها اليوم الثلاثاء أن هنالك حالة انقسام غير معلنة في صفوفها وذلك منذ فترة بحسب ما افصحت.
وأوضحت في بيانها الذي حصل “اسفير نيوز” على نسخة منه أن الانقسام يأتي نتيجة للاختلاف حول الموقف من الانقلاب العسكري منذ يومه الأول.
بين الغالبية الساحقة من أعضاء الحركة الشعبية داخل وخارج السودان التي ترى أن مكان الحركة الطبيعي هو في الوقوف مع الشارع وقوى الثورة المدنية والسياسية في مواجهة الانقلاب، وبين رئيس الحركة وبعض مؤيديه والذين يرون الاستمرّار في الشرّاكة مع الانقلابيين بدعوّى تنفيذ اتفاقية السلام
فيما كشفت مصادر مطلعة “لأسفير نيوز” عن حالة من التوتر و القطيعة بين رئيس الحركة الشعبية مالك عقار اير ونائبه ياسر عرمان.
ودفعت التوترات الحادة في صفوف الحركة الشعبية شمال وزيرة الحكم الاتحادي بثينة دينار إلى تقديم استقالتها اليوم الثلاثاء معللة ذلك بانحيازها إلى صفوف الثوار على حد زعمها.
وفيما يلي نص بيان الحركة :
*الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال*
التاريخ: 9 أغسطس 2022
*بيان من مكاتب وتنظيمات المهجر بالحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال حول بيان رئيس الحركة بخصوص المشاركة في تحالف قوى الحرية والتغيير*
*
– يجب ألا تدير الحركة الشعبية ظهرها للشعب
– التحالف مع الانقلابيين وتثبيت الانقلاب هو بمثابة جسر لانقلاب الإسلاميين القادم
– مكان الحركة الطبيعي هو في مقدمة الصفوف بين بنات وأبناء شعبنا الثائرين في مواجهة الانقلاب
– الحركة الشعبية لا تملك رّفاهية تكرار أخطاء الماضي؛ ومصداقية مشروعها الآن على المحك
*- لا سلام في ظل الدكتاتورية، ولا ديمقراطية بلا سلام وفي ظل الحروب*
*
*بنات وأبناء شعبنا الأبي*
نخاطبكم اليوم بعد مرور حوالي عشرة أشهر من وقوع انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي قطع الطرّيق على عملية التحوّل والانتقال الديمقرّاطي، وأعاد البلاد إلى مربع الشمولية والاستبداد والقمع والفساد.
نخاطبكم بلسان الصراحة والصدق الذي عاهدنا أنفسنا ألا نخاطب شعبنا إلا به، وحال حركتنا ليس أحسن حالاً من حال البلاد، في ظل حالة انقسام، ظل لفترة غير معلّن، نتيجة للاختلاف حول الموقف من الانقلاب العسكري منذ يومه الأول؛ بين الغالبية االساحقة من أعضاء الحركة الشعبية داخل وخارج السودان التي ترى أن مكان الحركة الطبيعي هو في الوقوف مع الشارع وقوى الثورة المدنية والسياسية في مواجهة الانقلاب، وبين رئيس الحركة وبعض مؤيديه والذين يرون الاستمرّار في الشرّاكة مع الانقلابيين بدعوّى تنفيذ اتفاقية السلام .
نحن قيادات وأعضاء الحركة الموقعين على هذا البيان، كانت رؤيتنا دائما ولا تزال، أن الموقع الطبيعي للحرّكة الشعبية والمشتق من اسمها وتارّيخها ومشروعها الفكري والسياسي، هو الوقوف إلى جانب الشعب في كل الأوقات وتحت كل الظروف، وليس مع أعداء الشعب والوطن من الانقلابيين وبقايا دولة التمكين والملك العضوض.
ولذلك ظل موقفنا رافضا رفضا تاما وباتا لموقف رئيس الحركة الدّاعم لاستمرار الحرّكة في الشرّاكة في الحكم في المركز والولايات بالرّغم من وقوع الانقلاب، وهو موقف غير مبدئي ويمثل طعنة للثورة ولدماء الشهداء ولا يشبه الحركة وتاريخها، وقد ساهم بالتضافر مع مواقف حركات مسلحة أخرى، تحديداً أعضاء مجموعة تحالف اعتصام القصر الجمهوري، ولعب دورا أساسيا في دعم وتقوية الانقلاب العسكري. وقد أدى هذا الموقف من الانقلاب إلى إحداث بلبلة وانقسامات داخل الحركة وبين كوادرها، وإلى استقالة عدد من أعضائها احتجاجا على هذا الموقف المشين والذي لا يشبه الحركة وتاريخها، وهو يشكل تهديدا جدياً لمستقبل الحرّكة السياسي وتبديداً لرّصيدها الجماهيرّي وعلاقتها بالشعب، في ظل ظروف صعبة ومعقدّة يمر بها الوطن.
لقد صبرنا طوال هذه المدة وانخرطنا في حوارات مع رئيس الحركة أملاً في حمله على الرجوع للصواب وتصحيح موقف الحركة وإعادتها إلى مكانها الطبيعي مع بنات وأبناء شعبنا الثائرين ضد الانقلاب والانقلابيين، ولكن باءت كل محاولاتنا بالفشل، في ظل إصرار رئيس الحركة والقلة المؤيدة له على استمرار شراكتهم مع الانقلابيين وقتلة الشهداء. لذلك لم يعد أمامنا سوى تمليك الحقائق لشعبنا، والتأكيد على الاستمرار في العمل مع بنات وأبناء شعبنا على هزيمة ودحر الانقلاب وكل من يدعمونه واستعادة الحكم المدني الديمقراطي، مهما عظمت التضحيات.
لقد كان الكثيرون من عضوية الحركة أول ضحايا هذا الانقلاب، وقد كان نائب رئيس الحركة على رأس من اعتقلهم الانقلابيون عشية انقلابهم لعلمهم المسبق بما سيكون عليه موقفه من انقلابهم أو أي انقلاب على النظام الديمقراطي. وبالمقابل كان موقف الحركة واضحا في مواجهة الانقلاب حيث انسحب نائب رئيس الحركة من موقعه الحكومي كمستشار لرئيس الوزراء السابق وكذلك الرفيقين مساعد وزير وزارة شؤون مجلس الوزراء ووكيل وزارة الحكم الاتحادي من موقعيهما في الحكومة فور وقوع الانقلاب، وكذلك استمرت الرفيقة وزيرة الحكم الاتحادي تقاوم الانقلابيين وسياساتهم حتى إعلانها استقالتها صباح اليوم من موقعها. ولكن استمر رئيس الحركة ورفاق أخرون في مواقعهم الحكومية. واستمرت الحركة تعمل بفعالية مع حلفائها في قوى الحرية والتغيير من أجل اسقاط الانقلاب واعادة الحكم المدني، ذلك في الوقت الذي يدعم فيه رئيس الحركة استمرار الشراكة مع حكومة الانقلاب. هذه الازدواجية جعلت البعض يتهم قيادات الحركة بالانخراط في لعبة توزيع الأداوار.
*شعبنا الأبي*
إن الانقلاب الحالي هو بمثابة جسر يمهد لانقلاب أكبر قادم يُعيد المؤتمر الوطني والنظام القدّيم بكامل أركانه وركائزه السياسية والاقتصادية والأمنية ورّموزه للحكم مرّةً أخرى على جماجم السودانيين، سواءً بذات الوجوه أو بوجوه انقلابية جديدة. هذا الانقلاب القادم ليس ببعيد وقد حدّثت عدّة محاولات انقلابية فاشلة في هذا الاتجاه، ومن قِبل ذات عناصر النظام القدّيم، ونحن نرفض بصورة قاطعة، أن تكون حركتنا جزءاً من سلطة انقلاب يشكل جسراً لعودة النظام القديم.
إن الحجة الرئيسية التي يحاول الرفيق رئيس الحركة أن يبرر بها موقفه الداعم للانقلابيين هي تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام. نؤكد هنا أن حركتنا ظلت ملتزمة بتنفيذ اتفاقية السلام، ولكن اتفاقية السلام لا تنفصل عن إطارها الدّستوري، المتمثل في الوثيقة الدستورية، التي مزقها الانقلاب.
فالاتفاقيّة كانت جزءاً لا يتجزأ من الوثيقة الدستورّية، وقد أكدت الوثيقتان على الحكم المدّني الدّيمقراطي، وسيادّة حكم القانون، واحترّام حقوق الإنسان والحرّيات الأساسية، والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، وتحقيق العدّالة والمحاسبة، ووضع حد لحالة الإفلات من المساءلة، وتفكيك دولة التمكين، وإعادة بناء أجهزّة الدولة المدنية والعسكرية على أسس مستقلة ومهنية.
وقد أكدّت اتفاقية السلام على الارتباط الذي لا يقبل الفصل بين تحقيق السلام من جهة ومتطلبات التحول الديمقراطي في الجهة الأخرى؛ فلا سلام ولا عدالة ولا حرية في ظل حكم عسكري دكتاتوري، وقد أثبتت التجارب السابقة استحالة تحقيق السلام في ظل الدكتاتورية، مثلما يستحيل تحقيق التحوّل الديمقرّاطي في ظِّل الحروب وغياب السلام، فالاثنان يرتبطان و يتفاعلان موضوعياً ووظيفياً.
وقد جاء الانقلاب لينسف كل هذه الثوابت، ويعطل الوثيقة الدستورّية، ولذلك شكَّل الانقلاب خرقاً فاحشاً لاتفاقية السلام، ومن ثم فإن الانقلابيين هم من خرقوا اتفاقية السلام وقبروها في اللحظة التي نفذوا فيها انقلابهم على المكون المدّني.
ونؤكد في هذا الصدد، أنه لا يوجد في اتفاقية السلام أي نص يُلزم الحركة بتأييد الانقلاب. فالسياق الذي تم فيه التوقيع على الاتفاق هو ذات السياق الذي كان ينبغي أن يتم ضمنه تنفيذ الاتفاق، خاصة بنود الترتيبات الأمنية، وهو سياق التحول والانتقال نحو الحكم المدني الديمقراطي. فاتفاق السلام والوثيقة الدستورية، التي حوته ليسا محايدين تجاه الانقلاب وعودة الدكتاتورية، وفي الوقت الذي لا يوجد فيه نص في اتفاقية السلام يلزم الحركة الشعبية بتأييد الانقلاب، هناك نصوص كثيرة جداً تلزمها بالدفاع عن الحكم المدّني الديمقرّاطي ومناهضة أي انقلاب عليه.
وهذه الرؤية التي تربط اتفاقية السلام بالتحول الديمقراطي تستمد أساسها من منفستو الحركة الشعبية 2019 الذي اجيز واصدر قبل أقل من عام واحد من توقيع اتفاقية السلام، والذي ينص على:
*”3.4.4: الحل السياسي: الحل السياسي السلمي المتفاوض عليه المفضي للتغيير الجذرّي وبناء رابطة سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية جديدة قائمة على المواطنة بلا تمييز ومساواة النوع؛ يظل آلية اغتنت من تجارب شعبنا الطويلة والإرث الإنساني، وأدت لحل كثير من القضايا الشائكة في كثير من البلدان عبر الحل السياسي السلمي، … الحل السياسي أحد الآليات المجربة في كل فترّات الانتقال التي شهدّها السودان، مع الأخذ في الاعتبار كيفية تجنب إعادة إنتاج الأنظمة القديمّة على حساب ثورّة الجماهير ومطالبها العادلة في بناء مجتمع جديد، وألا يكون الحل السياسي آلية لإطفاء شعلة الثورّة، ومطية لإدماج الحركات الثورية في إطار الانظمة القديمّة، كما في كثير من تجارب الانتقال الماضية، من ثورّات وانتفاضات واتفاقيات سلام لوقف الحرب ومساومات أعقبت الثورات الشعبية على وجه الخصوص، وأدت إلى فترات انتقال رّخوة لم تخاطب جذور الأزمات وأعادت إنتاج الأنظمة القديمّة والأزِّمات نفسها على نحو أكثر تعقيداً.”*
هذا النَّص المقتبس من مانفستو الحرّكة الشعبية 2019 الذي يحذرنا صراحة من مغبة التنازلات والاتفاقات الرخوة التي يمكن أن تُستخدم كآلية لاعادة انتاج النظام القدّيم والانقلاب على الثورّة والنكوص عن أهدافها، جاء ليحذر من تجريب المجرب وخطورة استنساخ أخطاء وكوارث الماضي.
*بنات وأبناء شعبنا العظيم*
إن اتخاذ قرار بخطورة قرار استمرار المشاركة في سلطة انقلابية متورطة في جرائم ضد الإنسانية ومستمرة في سفك دماء الشهداء من بنات وأبناء شعبنا من الشباب واليافعين العزل ليس شأناً خاصاً أو قراراً يتخذه فرد بمعزل عن مؤسسات الحركة والآلاف من أعضائها، ودون وضع هذه القرارات المصيرية على طاولة الحوار والنقاش داخل مؤسسات الحركة للوصول إلى قرار ديمقراطي حولها، إلا أن هذا ما لم يحدث، وكان قرار استمرار مشاركة رئيس الحركة عضوا في مجلس الانقلاب انفراديا دون الرجوع إلى أية مؤسسة من مؤسسات الحركة المعلومة.
والخلاصة أن محاولة تبرير الاستمرّار في الشرّاكة مع الانقلابيين بحجج تنفيذ اتفاقية السلام، تفتقد لأي سند من دستور ووثائق وأدبيات الحرّكة وأعراف عملها السياسي.
ومع ذلك ندرك نحن الموقعون على هذا البيان أن معركتنا الحقيقية حالياً هي ليست مع رئيس الحركة ومن يدعمونه رغم اختلافنا معه، ولكن معركتنا الحقيقية هي مع الانقلابيين وأجهزة أمن واستخبارات الدولة العميقة وبقايا المؤتمر الوطني، وأنه ليحزننا أن يتحول بعض رفاقنا إلى مجرد أدوات بأيدي الانقلابيين وأجهزة النظام القديم المعادية لشعبنا.
لقد خلقت ثورّة ديسمبر فرّصة عظيمة لإنهاء كل الحروب في السودان وتحقيق السلام العادل والشامل، والذّي يتضمن ترتيبات أمنية لبناء جيش وطني مهني واحد يعكس التنوع السوداني ومصالح جميع السودانيين، وبعقيدة قتالية جديدة تتمثل في الدفاع عن البلاد وحماية حدودها ضد الاعتداءات الأجنبية، وليس شن الحروب على الريف ومواطني الهامش، ومن ثم انتقال الحرّكة بالكامل إلى العمل السياسي السلمي وسط الجماهير، وطَّي صفحة الكفاح المسلح والحروب الأهلية، كما تم التأكيد على كل ذلك في اتفاقية السلام، ومن قبل في منفستو الحركة 2019.
وأن الذي يجري الآن باسم الترتيبات الأمنية وترحيل جزء من الرفاق من مناطق الحركة الي معسكرات القوات المسلحة هذه الخطوة تتعارض مع بنود الترتيبات الأمنية في الاتفاقية، بل هي بمثابة تجنيد واستيعاب لجزء من قوات الحركة داخل المؤسسة العسكرية التي لم تخضع لأي عملية إعادة هيكلة أو إصلاح حتى جزئي كما جاء في الاتفاقية، وحافظت على طبيعتها كمؤسسة مسيسة وذات قيادة معادية لتطلعات شعبنا. فالترتيبات الأمنية المنصوص عليها في الاتفاقية لا يمكن أن تختزل في مجرد دمج جزء صغير جداً من الجيش الشعبي في الجيش الحكومي، وإنما هي عملية شاملة تبدأ باعادة هيكلة الجيش الحكومي، وإبعاد العناصر الحزبية التي تدين بالولاء للنظام القديم والمؤتمر الوطني وليس الولاء للوطن، وتغيير العقيدة “الجهادية” الخاصة بالمؤتمر الوطني واستبدالها بعقيدة وطنية مهنية جديدة، واعادة بناء مؤسسات قيادية مهنية جديدة للجيش بدءا من هيئة القيادة ومجلس الدفاع الوطني، وتأتي عملية دمج الوحدات كتتويج للتريبات الأمنية وليس بالطريقة التي تحدث الآن. ولا تكتمل عملية إعادة هيكلة وإصلاح مؤسسة الجيش إلا بعد عودته للثكنات وخروجه بالكامل من السياسة. ويؤكد ذلك مجددا ما ذهبنا إليه من أن تنفيذ اتفاق السلام لا يمكن أن يتم بمعزل عن عملية التحول السياسي والحكم المدني.
إن الفرصة لا تزال مفتوحة ليس فقط أمام حركتنا ولكن أمام كل حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية السلام، لتصحيح مواقفها، والعودة إلى جادة الشعب. ولكن هذه الحركات، وخاصة تلك الحركات المشاركة في تحالف اعتصام القصر الجمهوري الذي تشكل بغرض توفير حاضنة للانقلاب، قد سقطت للأسف في أول امتحان حقيقي، وانفضح أمر قياداتها ومدى ارتباطها بالانقلابيين وبقايا النظام القديم والثورة المضادة، وكذلك مدى عدائها لأحلام وتطلعات شعبنا في الحرية وبناء وطن جديد.
والمعلوم أن الحركة الشعبية لتحرير السودان شاركت بفاعلية في تأسيس تحالف قوى الحرية والتغيير، وقد منحت الثورّة الحرّكة فرصة كبيرّة لتوسيع تحالفاتها مع القوى المدنية والسياسية صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير، لبناء الكتلة التارّيخية التي يتوقف عليها إحداث التغيير السياسي والاجتماعي وبناء سودان المواطنة المتساوية بلا تمييز.
ونشير مجددا في هذا الصدد إلى الفصل الرابع من منفستو الحركة 2019 الذي تضمن نقد تجرّبة الكفاح المسلح وأكد على رّد الاعتبار للعمل السياسي السلمي وسط الجماهير، فقد أكد المانفستو على أن *”بناء حركة جماهيرية ديمقراطية سلمية فى المدن تربط عضوياً بين نضالات الرّيف والمدن وبين قضايا الخبز والتحرّر والسلام العادل، هي وحدها التي يمكن أن تحقق أهدّاف المهمشين فى سودان جديد. هذه الحرّكة الديمقرّاطية هي التي بإمكانها وحدها توحيد الوجدّان السياسي لجماهير المدّن والرّيف على امتداد السودان، …. وقد أضحى الربط العضوي بين نضال الرّيف والمدينة شرطاً رئيسياً لإكمال مسيرّة الثورّة السودانية والعبور إلى ضَّفة السودان الجديد”.*
ولكن وبدلاً من أن يعمل رئيس الحركة على توطيد تحالفات الحرّكة مع قوى الثورّة وبناء الكتلة التارِّيخية، استمر يدفع الحركة نحو التورط في شرّاكة مع قوى الانقلاب والثورّة المضادة. لقد سمت قيادة الحركة هذه الانقلاب باسمه منذ اليوم الأول ودون مواربة واعتبرته انقلابا عسكريا، وهو موقف يستحق الاشادة والتقدير. ولكن ذلك يطرح سؤلا أكثر إلحاحا: كيف يستمر رئيس الحركة في المشاركة في حكومة نتجت عما اسماه انقلابا؟
ولما أن حركتنا من المؤسسين لقوى الحرية والتغيير، فقد ظلت ممثله في جميع مؤسسات ولجان التحالف، وسوف تظل حركتنا عضواً فاعلاً في تحالف الحرية والتغيير حتى يحقق أهدافه في اسقاط الانقلاب وإزالة آثاره وعودة الحكم المدني الديمقراطي. وما صدر في بيان رئيس الحركة الشعبية بتاريخ 8 أغسطس 2022 والداعي للخروج من تحالف قوى الحرية والتغيير يعبر عن وجهة نظره الخاصة ولا يعبر عن قرار مؤسسات وعضوية الحركة، تماما كما كان قراره الفردي بالاستمرار في الشراكة مع الانقلابيين. ولذا سوف تستمر الحركة الشعبية في مقاومة الانقلاب حتى سقوطه ودحر آخر انقلابي.
*بنات وأبناء شعبنا الأبي*
إن السير في طريق الانقلابيين وبقايا النظام القدّيم لا يقود إلا إلى النهايات المعروفة والمجربة، وما حدث ويحدث في دارفور والنيل الأزرق وشرق السودان من أعمال القتل الجماعي وسفك الدماء وإثارة للفتن الإثنية والقبلية والفوضى الأمنية هي صناعة الانقلابيين وأجهزة الدولة العميقة، التي لا يعرفون غيرها سبيلاً للتحكم في حيّاة السودانيين.
وما حدّث في النيل الأزرق على وجه التحديد قُصد منه ضرّب النسيج الاجتماعي وعزل الحرّكة عن حواضنها حتى في معقل وجودها العسكري وإحدى قلاعها الحصينة.
ولا يُخفى على أحد أن مخططات الانقلابيين وأجهزتهم في هذا الخصوص، مرّشحة للمزيد من التصاعد لخلق مزيد من الفتن والفوضى الأمنية وسفك المزيد من الدماء، باعتبار ذلك هو السبيل الوحيد لإيجاد مبررات استمرّار الحكم العسكري من جهة، و لضرب و تقزيم الحرّكة الشعبية وعزلها عن جماهيرها في الهامش والمركز. ولكن على من يشارك الثعابين أوكارها أن يتوقع اللدغات وليس القبلات.
يحاول أيضا بعض داعمي الإنقلابيين تبرير مواقفهم بزعم أن هناك تناقض بين قضايا ومصالح مواطني الهامش ومناطق الحرب من جهة وقضايا ومصالح المتظاهرين والثوار في العاصمة والمدن من جهة أخرى، وأن تحقيق مصالح الهامش يقتضي العمل سلطة الانقلاب لتنفيذ اتفاقية السلام. وهذه حجج متهالكة ومتناقضة وهي تتعارض أيضا مع أسس رؤية الحركة؛ فالدم السوداني واحد في الدمازين أو كسلا أو الجنينة أو أمام بوابات القيادة العامة، ومعاناة النازحين واللاجئين لا تنفصل عن معاناة الباعة المتجولين في شوارع المدن أو ضحايا التعذيب في سجون الانقلابيين، وقضية الشعب السوداني ومصلحته واحدة تتمثل حاليا في هزيمة الانقلاب وتحقيق أهداف الثورة في الحرية والسلام والعدالة، وقد نسي هؤلاء أن هذه الثورة المجيدة قد انطلقت شرارتها الأولى وسالت أولى قطرات دمائها في الدمازين وعطبرة قبل الخرطوم.
لم يكن اتفاق سلام جوبا 2020 ممكناً لولا ثورّة ديسمبر 2018 وفُرّص تحقيق السلام التي خلقتها. وقد وحدت هذه الثورة الضمير الوطني ومهدت الطريق للقضاء على الانقسامات الإثنية والمناطقية التي ظل يستثمر فيها المؤتمر الوطني وأجهزته طوال سنوات حكمهم وما يزالون. وقدم بنات وأبناء شعبنا تضحيات جسام وغير مسبوقة في مرحلة ما بعد الاستقلال بالرغم من فاشية أجهزة الأمن وتواطؤ دول وأنظمة كثيرة في الإقليم ضد ثورة شعبنا وسعيه للتحرر والانعتاق وبناء الوطن الذي يستحق، وما تزال ثورة شعبنا مستمرة لثلاث سنوات حتى تنتصر وتحقق أهدافها في الحرية والسلام والعدالة وهي ذات أهداف الحركة الشعبية التي ظلت تقاتل من أجلها منذ عام 1983.
وإن موقع الحركة الشعبية الطبيعي هو في مقدمة هذه الثورة في الشوارع ومع الكنداكات والشباب والمزارعين والمهنيين والطلاب والعمال في كل مدن وقرى وأرياف السودان، وليس في الاستمرار في الشراكة في الحكم مع القتلة وأعداء شعبنا. وهو موقف غير مبدئي، يساوي بين القتلة والضحايا.. بين عصابات النهب والفساد والطفيليين الذين ينهبون ثروات ومقدرّات وأموال الشعب و المعدّمين والمهمشين، وهو أيضا موقف خاطئ بحسابات السياسة؛ فالثورة السودانية وجدت لتنتصر، وقطار الثورة سيبلغ محطته النهائية غض النظر عن هوية النازلين والصاعدين، ومؤامرات الأعداء الداخليين والخارجيين.
*بنات وأبناء شعبنا الأبي*
وإذ نضع بين أيديكم الحقائق عارية حول ما حدث ويحدث داخل حركتنا، فإننا لا نعفي أنفسنا من المسؤولية عما حدث، ونعاهدكم على مواصلة العمل الذي لا يعرف الكلل من أجل تصحيح هذا الخطأ الفادح، وإعادة كل الحركة إلى موقعها الطبيعي في صف شعبنا وثورته الظافرة ضد الانقلابيين وبقايا النظام القديم، وأن نعمل معا على هزيمة الانقلاب وكل داعميه وأدواته وإعادة الحكم المدني الديمقراطي وتأسيس سلطة الشعب، وأن نحافظ على مبادئ السودان الجديد في الحرية والكرامة والسلام والعدالة وبناء سودان المواطنة المتساوية بلا تمييز.
ونهيب بمؤسسات وعضوية الحركة الشعبية على تحمل مسؤلياتهم في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها بلادنا، والعمل بالطرق الدستورية والديمقراطية على وضع الأمور في نصابها الصحيح.
*الموقعون* :
1. الرضى ضو البيت ادم، عضو المكتب القيادي، السكرتير السياسي للحركة، وعضو مكتب الحركة الشعبية بفرنسا
2. على عبد اللطيف محمد حسين، ممثل الحركة الشعبية بالمملكة المتحدة وايرلندا
3. أحمد ضحية، رئيس مكتب الحركة الشعبية بالولايات المتحدة الأمريكية
4. تاج السر حسين – سكرتير الحركة الشعبية بشرق أفريقيا
5. ناصف بشير الأمين، السكرتير العام للحركة الشعبية بالمملكة المتحدة وايرلندا
6. عز الدين مرسال، رئيس مكتب الحركة الشعبية بالمملكة المتحدة وايرلندا
7. الحاج بخيت، مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان الولايات المتحدة الأمريكية
8. عثمان شريف إسحاق، نائب ممثل الحركة الشعبية بفرنسا
9. نزار يوسف الطاهر، السكرتير الإعلامى للحركة الشعبية بالمملكة المتحدة وايرلندا
10. د. محمد صالح يس، رئيس مكتب الحركة الشعبية بايطاليا
12. د. مصطفى شريف، ممثل الحركة الشعبية بالولايات المتحدة الأمريكية
13. أحمد سالم جار النبي، رئيس مكتب الحركة الشعبية بدولة استراليا
14. طارق الجيلاني عبد الرازق، مكتب الحركة الشعبية فرنسا
15. كبيدة احمد صابون، مقرر اللجنة التنظيمية بالقرن الافريقي إثيوبيا
وفيما يلي نص بيان الحركة :