الأمين داؤود.. أخشى اندلاع حرب بشرق السودان
حذّر رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة وعضو المجلس الرئاسي للجبهة الثورية السودانية، الأمين داؤود، من مخاطر حدوث تصعيد جديد في شرق السودان، مؤكدا أن اندلاع الحرب في هذا الإقليم المتوتر “سيكون أمر مأساويا بلا شك، وأنا أخشى حدوث ذلك، لأن أسباب الحرب بدأت تلوح في الأفق، وحينها سيخسر الجميع”.
ولفت، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، إلى أن “الأوضاع في إقليم شرق السودان وصلت إلى مرحلة التخريب الكامل للنسيج السياسي والاجتماعي، وانهيار غير مسبوق في المعاش والأمن المجتمعي، فضلا عن غياب لأجهزة الحكم، وهو ما ينذر بمشاكل خطيرة وعواقب فادحة”، مؤكدا أن الإقليم المضطرب ما زال حتى الآن بين حالة اللاحرب واللاسلم.
واستنكر داؤود اتهام البعض له بالسعي لإشعال الفتنة في شرق السودان، قائلا: “الفتنة أشعلت قبل دخولنا البلاد، وتتحمل مسؤوليتها الحكومة الانتقالية، أما هؤلاء المرجفون الذين يرددون تلك الأقاويل والترهات فنحن تجاوزناهم، ولم نعد ننشغل بهم من الأساس، لأننا نعمل على انتزاع حقوق شعبنا بشكل مشروع ودستوري”.
واستطرد رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، قائلا: “نحن نواجه حملات إعلامية شرسة من وقت لآخر، لكن تلك الحملات لم تنلْ ولن تنالَ منا، وسنظل نمارس دورنا الوطني مهما كانت العقبات والتحديات، ولن نتنازل عن قناعاتنا، كما أنه لن يستفيد أحد من شيطنة شرق السودان”.
ولفت إلى أن “المبادرة التي طرحها الرئيس الأريتري أسياس أفورقي، خلال شهر رمضان الماضي، ليست بدعة في الساحة السياسية؛ فهناك اتفاق أسمرة الموقع عام 2006، وهناك مصالح مشتركة بين الشعبين السوداني والأريتري، ونحن بدورنا نرحب بكل أفق للحل، ولا سيما من دول الجوار وأصدقاء السودان في الوطن العربي والقارة السمراء أفريقيا”.
انسحاب الجيش السوداني
وشدّد داؤود على أن إعلان الجيش السوداني، مؤخرا، الانسحاب من المفاوضات السياسية، وترك الحكم، سيكون له انعكاس وتأثير واضح على كل الأوضاع في البلاد، وليس شرق السودان فقط، منوها إلى أن “تلك الخطوة التي اتخذها الجيش مقبولة من حيث الشكل”.
وكان نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو “حميدتي” قد أعلن، في 23 تموز/ يوليو 2013، أن الجيش قرر “بصورة صادقة” أن يترك الحكم للمدنيين لوضع حلول للأزمة السياسية، مهما كلفت من “تنازلات”، مشدّدا على أن “المؤسسة العسكرية لن تتمسك بسلطة تؤدي لإراقة الدماء”.
وأوضح داؤود أن “هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الآلية الثلاثية، لأن قضية الشرق مؤثرة بشكل جوهري وفارق في الأحداث السياسية، وبسبب ذلك حدثت تحولات كبرى في الحكم، وتخصيص وضعية مستقلة وخاصة لقضية الشرق ضمن أجندة الآلية الثلاثية.. أصبحت الحاجة ماسة لها ولا بديل عنها”.
وتتكوّن الآلية الثلاثية من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية لشرق إفريقيا (إيغاد)، وتهدف لتسهيل الحوار بين الأطراف السودانية المختلفة.
وذكر داؤود أن اللجنة العليا لمعالجة أزمة شرق السودان، التي يترأسها “حميدتي”، أصدرت “قرارات مهمة تمس الواقع في المنطقة، لكنها للأسف لم تمضِ قدما في طريقها للأمام، لأنها ركزت على القبائل دون الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في الشرق، وتجاوزت أصوات الشباب”.
اتفاق جوبا
وبشأن إمكانية إدخال التعديلات المطلوبة على اتفاق السلام الموقع في جوبا، استطرد داؤود قائلا: “اتفاق جوبا ليس قرآنا أو إنجيلا ولا شيئا مقدسا، وبالتالي فهو يقبل التقويم والتقييم دون مزايدة من أي أحد، ولا يوجد مانع من استكماله إذا اقتضت الضرورة”.
لكنه أعلن رفضه التام لإجراء استفتاء شعبي حول مسار “اتفاق جوبا”، وقال: “لا نقبل استفتاء حول أمر حدث فيه استفتاء مسبق، الجماهير والقوى السياسية والاجتماعية التي أيّدت المسار كبيرة وواضحة ولا تحتاج لأي خزعبلات جديدة”، وأضاف: “نحن نرفض أي منبر خاص دون توافق كل الأطراف المعنية، ولا مكان للادعاءات الكاذبة ومؤتمرات الفتنة”.
ونوّه عضو المجلس الرئاسي للجبهة الثورية إلى أن “الصراع المستمر في شرق السودان منذ العام 2019 له أبعاد محلية وإقليمية ودولية”، دون مزيد من التفاصيل في هذا الصدد.
وطالب داؤود بـ”معالجة جذور الأزمة والمشكلات التي تواجه الإقليم الشرقي والبلاد بشكل عام، مع إعطاء أولوية لقضايا التهميش السياسي والاقتصادي ونهب الموارد”.
أحداث متصاعدة بالسودان
يشار إلى أنه في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وقعت الخرطوم اتفاقا لإحلال السلام مع حركات مسلحة ضمن تحالف “الجبهة الثورية”، فيما تخلف عن الاتفاق “الحركة الشعبية ـ شمال” بزعامة عبد العزيز الحلو، وحركة “تحرير السودان” بقيادة عبد الواحد نور، والتي تقاتل القوات الحكومية في إقليم دارفور (غربا).
بينما أعلن “حميدتي”، في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2021، عن تعليق اتفاق “مسار شرق السودان”، الموقع ضمن اتفاق جوبا للسلام، إلى حين “توافق أهل الشرق”، وذلك بعد التشاور مع أطراف الحكومة والوساطة.
و”مسار الشرق”، اتفاق موقع في 21 شباط/ فبراير 2020، بين الحكومة وفصيلين من شرق البلاد، هما مؤتمر البجا والجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، وينص على تمثيل الفصيلين بـ30 بالمئة في السلطة التنفيذية والتشريعية بالإقليم، لكنه لم ينفذ حتى الآن.
وإحلال السلام هو أحد أبرز الملفات التي كانت على طاولة الحكومة الانتقالية منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 نيسان/ أبريل 2019، عمر البشير من الرئاسة (1989- 2019)، تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.
ومنذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، يشهد السودان احتجاجات رفضا لإجراءات استثنائية اتخذها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، أبرزها فرض حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.
ويقول الرافضون لهذه الإجراءات إنها تمثل انقلابا على مرحلة انتقالية بدأت في 21 آب/ أغسطس 2019، وكان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة.
لكن البرهان نفى حدوث انقلاب عسكري، واعتبر أن إجراءاته تستهدف “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، وقال إنه لن يتم تسليم السلطة إلا لمن يأتي عبر الانتخابات أو توافق سياسي