Site icon اسفير نيوز

فنانون مصريون.. اهتموا بـ«الشهرة» على حساب «الشهادة»

القاهرة__انتصار دردير

ظلّت مقولة الفنان عادل إمام الشهيرة «بلد بتاعة شهادات» بمسرحية «أنا وهو وهي» راسخة في الموروث الشعبي المصري لعقود، فبينما ظلّت الشهادة الدراسية هدفاً وحلماً للكثيرين، فإنّ بعض الفنانين المصريين اهتمّوا بـ«الشهرة» على حساب «الشهادة»، من منطلق أنّ الفرصة قد تأتي مرة واحدة، وعلينا التمسّك بها حتى لا نفقدها، إذ اضطرّ بعض الفنانين المصريين لتأجيل سنوات الدراسة من أجل شقّ طريقهم الفني الذي يستحوذ عليهم بشكل تام، وينسيهم «الشهادة».

 

غير أنّ البعض الآخر أصرّ على استكمال دراسته رغم تباعد الزمن، على غرار الشاعر أيمن بهجت قمر الذي حصل أخيراً على بكالوريوس السياحة والفنادق، وهو في عمر الـ48 عاماً، وبينما أعلن ذلك عبر أحد البرامج، أجرت المطربة شيرين مداخلة معه لتؤكّد عزمها على استكمال دراستها على طريقة صديقها الشاعر، فيما وصفته الإعلامية منى الشاذلي بأنّه «خبر الموسم».

 

وكان قمر قد أعلن قبل أيّام على صفحته بموقع «فيسبوك» نجاحه في البكالوريوس، ليتلقّى عشرات التهاني من أصدقائه الذين عبّروا عن إعجابهم بقوة إرادته وإصراره على الحصول على الشهادة في هذه المرحلة العمرية، رغم ارتباطه بأعمال فنية عديدة.

 

وكشف أيمن قمر في تصريحات تلفزيونية أنه كان يشعر طوال الوقت بأنّ شيئا ما ينقصه، وأنّه كان واثقاً من عودته إلى مقاعد الدراسة لخوض الامتحانات في ثلاثة مواد لم ينجح فيها في المرحلة النهائية، كما كان يدفع المصروفات بانتظام ليضمن استمرار قيده بالمعهد، وعدّ قمر ذلك رسالة لأولاده وللناس كلها، وروى موقفاً تعرّض له حيث كان ينصح أحد أولاده بالاهتمام بالدراسة فقال له ابنه: «لكنّك لم تكمل تعليمك»، فأخذ قمر يوضح له أنّه عاش ظروفاً مختلفة، واضطر للعمل وهو في المرحلة الثانوية بعد وفاة والده المؤلف الكبير بهجت قمر، وأشار إلى أنّه عاش بمفرده منذ كان في الصف الأول الثانوي، وتعثّر في الدراسة لانخراطه في العمل، وأكّد قمر أنّه كان يردّد دائماً أمام أولاده وأسرته أنّه سيحصل على البكالوريوس.

 

وإلى جانب شيرين عبد الوهاب التي لم تتمكن من استكمال تعليمها لتشقّ طريقها الفني، يقف عددٌ من الفنانين في الموقف نفسه، من بينهم، المطرب عمرو دياب الذي التحق بالفعل بمعهد الموسيقى العربية، إلّا أنّه لم يُكمل تعليمه، وكذلك المطرب محمد فؤاد الذي اكتفى بحصوله على مؤهّل متوسط (دبلوم الثانوية الصناعية)، والمطرب الشاب محمد الشرنوبي الذي أعلن قبل ذلك أنّه لم يستكمل تعليمه بعد المرحلة الإعدادية، وقال في تصريحات سابقة إنّه يعمل منذ كان طفلاً، وإنّ الشهادة مهمة جداً بالنسبة له لكنّه لم يحصل عليها لظروف لا يعلمها أحدٌ، وإنّه يفخر بما حقّقه من نجاح في مجالي الغناء والتمثيل، بينما اكتفت أصالة بشهادة الثانوية العامة، ولم يستكمل الفنان محمد رمضان دراسته بمعهد الفنون المسرحية، وفق تقارير وتصريحات الفنانين في حواراتهم السابقة.

 

ويرى الناقد الموسيقي أمجد مصطفى أنّ «استكمال دراسة البعض يكون بمثابة تحدّ كبير ليحقّق نفسه علمياً كما حقّقها على المستوى الفني، موجّهاً التحية للشاعر أيمن بهجت قمر الذي أصرّ على ذلك رغم مرور كلّ هذه السنوات»، ويلفت: «هو بلا ريب أمرٌ مميزٌ لأنّ الشهادة لن تضيف له نجاحاً في مجاله».

 

وحول انتشار هذه الظاهرة بين المطربين بشكل أكبر، يقول أمجد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «المطرب قد تظهر موهبته مبكراً ويتلقّى عروضاً للغناء تشغله عن استكمال دراسته، كما أنّ الأمر نفسه موجودٌ في مجال التمثيل، وفي المقابل أكمل مطربون آخرون دراساتهم العليا وحصلوا على الدكتوراه مثل إيهاب توفيق والراحل علي حميدة».

 

وأشار أمجد إلى أنّ الحرص على استكمال الدراسة والحصول على شهادة عليا يتوقّف على الشخصية نفسها، وفي النهاية فإنّ الموهبة لا علاقة لها بالشهادة، فمثلاً الموسيقار الكبير رياض السنباطي حين ذهب للالتحاق بمعهد الموسيقى، قاموا بتعيينه مدرّساً لموهبته الكبيرة، فالموهبة هي التي تفرض نفسها في كلّ الأحوال، ولن يقلّل منها عدم حصول المطرب على شهادة عليا»، بحسب تعبيره.

 

وحرص عددٌ من الفنانين على استكمال الدراسات العليا بعد حصولهم على المؤهل الجامعي، من بينهم التونسية هند صبري «ماجستير في القانون»، والمطرب أحمد فهمي «ماجستير من معهد الكونسرفتوار»، والفنانة التونسية دُرة «ماجستير في العلوم السياسية».

 

وبحسب د. هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع، فإنّ «العالم كلّه تنطبق عليه مقولة عادل إمام الشهيرة (بلد بتاعة شهادات)، لأنّ التّعليم يرتبط بسلّم المكانة الاجتماعية، بل إنّه يُعدّ أوّل وجوه هذه المكانة، التي تضمّ أوجه عدّة، من بينها المهنة والمال».

 

وتقول زكريا لـ«الشرق الأوسط»: «الخطوة التي اتّخذها قمر وأعلنها، تمثّل حافزاً للبعض لكي يقلّدوه، فـ(كوكب الشرق) أم كلثوم، التي تلقّت تعليمها في كتاب القرية، لم تتردّد في تعلّم اللغة الفرنسية، وكذلك فعلت فاتن حمامة، لكنّ البعض اعتاد الرّبط بشكل خاطئ بين التعليم ومرحلة الشباب، مع أنّ التعليم يظلّ بلا سقف عمري، فكلّ يوم يحمل معارف جديدة للإنسان

Exit mobile version