:: دكان هاشم بامكار، كان من أمكنة الجمال ببورتسودان.. رحمة الله عليه، كنت أستمتع بسخريته ونقده اللاذع، وأتعمد استفزازه، ليغضب وينثر الدرر.. باغتُّه ذات ظهيرة وهو يناولني الفنجان الثالث تقريباً: (بصراحة – يا عم هاشم – طاهر إيلا ما قصر معاك، جاب ليك الظلط لحد دكانك، المفروض تنضم ليهم بعد دا)، فنظر لمن حوله ليستمعوا إلى الإجابة، ثم فجرها: (الظلط دا الزفت بتاع البترول، الصافي النضيف بيمشي وين؟)..!!
:: ومنذ بداية الخريف وكوارث السيول والأمطار، فإن كل ذو لسان وشفتين بالدولة يحدِّث المنكوبين عن أموال المسؤولية المجتمعية ثم يصمت، وهذا خطأ.. أموال المسؤولية الاجتماعية تبرعات الشركات، ولكن (ميزانية الدولة بتمشي وين؟).. ميزانية الدولة هي (الصافي النضيف)، وكان على المنكوبين أن يعرفوا حجمها و بنود الصرف بكل وضوح، وهذا ما لا يحدث حالياً..!!
:: لا يُوجد برلمان يُجيز الميزانية ويلزم الجهاز التنفيذي بأوجه الصرف ويستدعي التنفيذيين ويحاسبهم على ما يصرفون.. ولا أحد من المنكوبين يعرف ما يفعله المراجع العام أثناء ساعات العمل الرسمية.. لقد اختفى المراجع العام منذ عام سقوط نظام البشير، وكان آخر تقرير عُرض للشعب – عبر البرلمان والإعلام – في أكتوبر العام 2018 .. (زمن الدسدسة والغتغيت) لم ينته، أو كما قالوا، بل تواصل في عهد حمدوك و.. يتواصل حالياً..!!
:: تقارير المراجع العام (مخبوءة)، رغم أن كشفها لا يهدد أمن الدولة ولا سلامة المجتمع.. ثلاث سنوات، وليس هناك أي أثر لتقارير المراجع العام.. والمؤكد أن المراجع رفع تقارير العام 2019 للبرهان وحمدوك، وكان عددها (106 تقرير)، كما قال التسريب.. وكذلك تقارير 2020، (36 تقريراً).. و.. كان يجب عرضها، ليعرف الشعب ما يحدث لميزانية الدولة.. أموال الميزانية أهم من أموال المسؤولية المجتمعية، ولو تم توظيفها – كما يجب – لما انتظر المواطن إغاثات الأجانب..!!
:: وأموال المسؤولية الاجتماعبة ذاتها بحاجة إلى توفيق أوضاع بحيث لا تتغول عليها السلطات المركزية.. وعلى سبيل المثال، أعلنت شركة الموارد المعدنية عن دعم المنكوبين بنهر النيل بمبلغ (2 تريليون جنيه)، وكشفت عن إيداعها أموال المسؤولية المجتمعية إلى حسابات ولايات أخرى.. وهي البحر الأحمر والشمالية وشمال كردفان والقضارف وجنوب دارفور.. وذكرت أرقاماً مالية – بدون تفاصيل – باعتبارها استحقاقات.. ما هي الشركات المساهمة؟، وكم حجم إنتاجها؟، وكيف تم تحديد المساهمة المجتمعية..؟؟
:: (الإجابات مخبوءة)، لغياب البرلمان وتغييب المراجع العام.. ثم من الخطأ أن تتدخل الأجهزة المركزية – شركة كانت أو وزارة – في أمر تحصيل وإدارة وتوزيع أموال المسؤولية المجتمعية، كما يحدث حالياً.. فالسلطات المسؤولة عن هذه الأموال هي المحليات واللجان المجتمعية، وليس السلطات المركزية ولا حتى الولائية التي دورها الإشراف.. ثم لماذا يتم اختزال المسؤولية المجتمعية فقط في مناطق الذهب..؟؟
:: نصف مصانع السودان بالجزيرة، وكذلك السدود والخزانات بالنيل الأزرق وسنار وكسلا والقضارف وغيرها.. مع ذلك لا يتحدث أحد عن المسؤولية المجتمعية للمحليات الحاضنة لهذه المشاريع.. قد تبدو الدولة غير عادلة، ولكن (لا)، فهي – أصلاً – غير موجودة، بحيث تكون عادلة أو ظالمة.. وأخشى أن يشرعوا في تأسيس الشركة السودانية للموارد الصناعية والكهربائية، بمظان استكمال (هياكل الدولة)..!!