كمبال عبد الواحد
المتتبع لسيرة السفير الأمريكي جون جودفري المهنية يلاحظ ان كافة محطاته الدبلوماسية التي عمل بها تُعد من الدول ذات العلاقات المعقدة مع واشنطن .
وفي استعراض سريع لمسيرته المهنية التي ابتدرها كمساعد لنائب وزير الخارجية وانتقاله الى افغانستان في الملحقية الاقتصادية ومنها الى سوريا في ذات المهام منها عقب ذلك الى طرابلس في وظيفة ملحق اقتصادي ومن ثم الى العراق كمستشار سياسي للشمال الكردي لفترة امتدت من العام 2010 _2021 وأخيرا الخرطوم بعد قطيعة امتدت لثلاثة عقود .
على الرغم من إجازة مجلس الشيوخ في يناير الماضي اوراق اعتماد جودفري كسفير رسمي للخرطوم تاخر وصوله لاسباب عزاءها البعض الى انقلاب 25 أكتوبر الذي ساهم في عودة القطيعة الدولية بشكل مباشر و يرى عدد من المراقبين ان تسمية سفير أمريكي للخرطوم جاءت كاستحقاق منصوص عليه ضمن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب في خطوة تم الاتفاق عليها مسبقا مع حكومة حمدوك في ذلك الوقت …
وصول جودفري في هذا التوقيت الحساس من شكل الصراع العالمي عطفا على خلفيته المهنية من خلال عمله في دول تعاني من عدم استقرار سياسي يفتح ابواب للتسأولات المبررة ومستقبل تلك البلدان التي مكث بها منذ العام 2005-2021 من واقع ما الت اليه مصائرها من تشظي وعدم استقرار حتى وقتنا الحالي ..
وتأتي خطوة الادارة الامريكية في ابتعاث سفيرها الجديد للخرطوم بالتزامن مع هرولة الانقلابيون في البحث عن داعم دولي مؤثر بعد مواقف الترويكا الواضحة من انقلاب 25 اكتوبر واتجاهم للشرق الاقصى على الرغم من ردود الافعال الدولية تجاه الغزو الروسي لاوكرانيا والعزلة التي تعاني منها موسكو في خطوة اتسمت بالمغامرة الطائشة وذات الكلفة السياسية الدولية الباهظة في محاولة لتثبيت الانقلاب عبر تنازلات اقتصادية وجيوسياسية معلومة للجميع من خلال ملف الذهب والقاعدة العسكرية المزمع قيامها في البحر الاحمر والتي تطمح من خلالها موسكو في بسط هيمنتها والولوج لافريقيا عبر السودان ومزاحمة النفوذ الاوربي و الامريكي .
وتراهن السلطة الحاكمة الان في الخرطوم في علاقتها مع موسكو على استنساخ سيناريو التقارب السوداني الايراني في مطلع تسعينيات القرن الماضي من واقع تشابه المعطيات في العزلة الدولية التي تعاني منها طهران ولا زالت وموسكو التي تشن حرب عسكرية اقتصادية شبه عالمية والذي سعى من خلاله اخوان التنظيم العالمي في السودان في ايجاد بدائل اقتصادية وعسكرية مع اشتداد الخنق الاقتصادي الغربي على التنظيم والذي انعكس بصورة مباشرة على المشهد الاقتصادي الكلي وحوجة الانقاذيين العسكرية في جهادهم المزعوم الذي قاد البلاد في نهاية المطاف الى الانقسام وميلاد اول دولة في الالفية الثانية ..
اذا من المتوقع ان تكون اوليات مهام السفير الجديد في تحجيم العسكر والحد من التمدد الروسي عبر التلويح بعقوبات حقيقية ومؤثرة خاصة بعد رحلة الانقلابين الاخيرة الى موسكو منتصف الشهر الجاري والتي تم ابرامها لعدد من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية وصفها المراقبون بغير الدستورية وتفتقر الى الشرعية التشريعية خاصة في ظل الفراع الدستوري الماثل حاليا في المشهد السياسي السوداني