¤ درجت الامم المتحدة ، منذ تاسيسها في 1945 على عقد دورة جمعيتها العادية ابتداءً من الثلاثاء في الاسبوع الثالث من سبتمبر من كل عام بمقرها بنيويورك.. وتنطلق الدورة العادية الـ (77) في الثالث عشر من الشهر الجاري.. بمشاركة كافة الدول الأعضاء وعددها (193) دولة..بينما تلتئم الاجتماعات رفيعة المستوى والمناقشة العامة في العشرين من ذات الشهر.. وبهذة المناسبة لماذا لا يقود وفد السودان هذة المرة، رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان؟؟
¤ المشاركة مهمة جدا على عدة مستويات .. اولها من الضروري ان يكون التمثيل رفيع المستوى.. وثانيها ان ينتهز البرهان الفرصة ويقدم نفسه بشكل مختلف للعالم.. ويوضح ان اجراءات 25 اكتوبر تصحيحية لا انقلابية .. خاصة عقب الحملة التي قادتها ضده قحت.. التي استخدمت فيها كثير من الاسلحة المحرمة.. بل كانت حملة مضرة بالوطن وهددت امنه وتماسكه عقب المساس بالقوات المسلحة.
¤ يتزامن انعقاد المحفل العالمي مع ترفيع الولايات المتحدة لتمثيلها الدبلوماسي بالخرطوم .. حيث قدم السفير اوراق اعتماده امس الاول للبرهان.. وبمناسبة مباشرته لمهامه بعد مغادرة سلفه للسودان في 1997، هذا لا يعني التطبيع الكامل مع العسكريين.. ربما رأت الولايات المتحدة تخفيف العب على مساعدة وزير خارجية بلادها للشؤون الافريقية مولي في التي اخذ الملف السوداني كثير من وقتها.
¤ ويرجح ان واشنطن ارتات ان يقوم السفير بالمهمة.. او جاء خصيصا للترتيب لحكومة سودانية من قوى سياسية ينحاز لها الغرب .. مشاركة البرهان مهمة للغاية خاصة وان الجمعية العامة تنعقد بعد عامين من الإضطراب الذي احدثته جائحة كورونا.. كما تلتئم تحت ظلال الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها علي إمدادات الطاقة والغذاء في العالم.
¤ وموضوع هذة الدورة حيوي ( الحلول من خلال التضامن والاستدامة والعلم) وهنالك العديد من الفعاليات الجانبية التي تتداول بشأن التعليم، أهداف التنمية المستدامة لاجندة الأمم المتحدة لعام ٢٠٣٠م، حقوق الأقليات، المناخ والقطاع الخاص.
¤ ينبغي تركيز المشاركة السودانية على امرين مهم الخطاب الذي سيقدم ومحاوره.. واللقاءات التي سيجريها رئيس الوفد.. ان المسؤولية الكبيرة تقع على عاتق السفير الحارث ادريس والذي بين ليلة وضحاها أصبح مندوبا دائماً للسودان في الأمم المتحدة
وللأسف ليس له ادنى علاقة بعمل الدبلوماسية متعددة الاطراف.
¤ الرجل غادر الخارجية دبلوماسياً صغيراً وعاد اليها بعد نحو 28 عاما .. ليصبح سفيراً والى نيويورك مباشرة.. وخصصت هذة الزاوية من قبل لاختياره الخاطئ.. لكن من محاسن الصدف ان الخارجية يقوم عليها السفير المخضرم على الصادق الذي نعرفه منذ سنوات.
¤ وقد تكونت للصادق تجارب طويلة وخبرة كبيرة اذ تولى ادارة اغلب الادارات بالوزارة .. وعمل في عدة محطات خارجية.. كانت اخرها سفيراً لدى لبنان وهي محطة كانت دون قامته بكثير .. ادار الخارجية بحكمة دبلوماسية وعالج بذكاء ملف السفراء الذين تعاملوا مع قرارات اكتوبر بحماقة.
¤ كما ان الصادق كثيراً ما هدأ من حالة الغضب التي كانت تملأ نفوس العسكريين تجاة بعض السفراء خاصة الغربيين.. ومن حظ الخارجية كذلك ان يكون الوكيل سفير بقامة دفع الحاج علي الذي ضبط ايقاع الحوش الدبلوماسي بخبرته وصلابته.
¤ دفع الله الانيق – الاناقة من سمات الدبلوماسي الناجح – اخر النجوم الذين تولوا منصب المندوبين الدائمين.. وحقق اختراق مع فرنسا عندما كان سفيرا لديها .. وهو والصادق جديرين بالاحتفاظ بمنصبيهما في الحكومة الجديدة.. ان لم يكن الترقي لمواقع ارفع.
¤ وزير ووكيل الخارجية مطالبان بالوقوف على خطاب البرهان – حال شارك – في الامم المتحدة.. لان البوابة بنيويورك بلا حارس يفتقر للخبرات والقدرات، عليهما اعداد خطاب رصين.. وهو في حد ذاته سانحه لتقديم البرهان بشكل جديد .. الخطاب مفروض داخليا يعكس جهود تحقيق توافق القوي السياسية.. وصولا لتشكيل حكومة مدنية للترتيب للانتخابات.
¤ بجانب إكمال السلام وتقديم برنامج اسعافي اقتصادي يلبي احتياجات المواطن في الخدمات والتنمية.. والتأكيد علي ابتعاد الجيش عن المسرح السياسي.. اما خارجيا ينبغي ان يتضمن الخطاب تاكيدات ان السودان ضد الإرهاب والتطرف العنيف .. وقادر ان يساعد في مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية… ويتطلع بحزمة من البرامج والمشروعات للمساهمة في تحقيق ركائز الأمم المتحدة الأساسية (السلم والأمن، حقوق الإنسان، سيادة حكم القانون والتنمية).
¤ نجاح مشاركة بلادنا يكمن في حجز كلمة السودان في الايام الاولى لانعقاد الجمعية العمومية.. كذلك احكام اللقاءات الثنائية.. والسعي للقاء الرئيس الامريكي او نائبته، واذا تعذر ذلك – وهذا وارد بنسبة كبيرة لازدحام برنامج بايدن بنيويورك ..في العادة يمضي يوماً واحداً يبدأ بمخاطبة الجمعية العامة بعد الافتتاحية الراتبة في كل دورة من رئيس البرازيل مباشرة.. ( أول رئيس للجمعية العامة برازيلي الجنسية).
¤ ويختتم بايدن يومه باقامة مادبة عشاء لرؤساء الوفود .. اقول اذا تعذر لقاء بايدن او نائبته كمالا ،يكون الاجتماع مع وزير خارجية بلادهما انتوني بلينكن… كما على الخارجية البحث عن فرص لقاءات مع الرؤساء والقادة الغربيين في المقام الاول .. ورؤساء وفود الدول اعضاء مجلس الامن الخمسة الدائمين، والعشرة غير الدائمين ( ألبانيا، البرازيل، غابون غانا ،الإمارات، الهند، أيرلندا، كينيا، المكسيك والنرويج).. بجانب الاجتماع مع كلا من الامين العام للامم المتحدة.. ورئيس الجمعية العامة.
¤ كذلك من اللقاءات الثنائية المهمة.. الرئيس السنغالي ( رئيس الدورة الحالية للإتحاد الإفريقي).. والرئيس الجزائري الذي ستستضيف بلاده القمة العربية في نوفمبر القادم.. وكلا من الرئيس الأذري( رئيس الدورة الحالية لحركة عدم الانحياز )، ورئيس الوزراء الباكستاني ( الرئيس الحالي لمنظمة التعاون الإسلامي ومجموعة الـ (77) والصين)، ورئيس وزراء جمهورية التشيك ( الرئيس الحالي للإتحاد الأوروبي) ..بجانب اهمية عقد لقاء مع رئيس البنك الدولي ومدير صندوق النقد الدولي الخلاصة يجب عقد اجتماعات نوعية مفيدة لبلادنا.
¤ ويجب ان تستعين الخارجية في الاعداد للمشاركة في الجمعية العامة بسفيرنا بواشنطن محمد عبد الله ادريس الذي غادر لتسلم مهامه امس الاول – الخميس – .. وهو سفير متميز وصاحب خبرة واخر محطاته كان في لندن وعمل وزير دولة بالخارجية .. إن تعذرت اللقاءات في ردهات الأمم المتحدة أو مقر بعثة الولايات المتحدة في نيويورك فعلي سفارتنا في واشنطن بذل الجهود لترتيب لقاء لرئيس مجلس السيادة في البيت الأبيض وبالعدم وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن.
¤ ومهما يكن من امر يجب ايلاء الامر اهمية قصوى على كافة المستويات.
**