اسامه عبد الماجد يكتب : عرمان وسلام كولمبيا

اسفير نيوز

0

اسفير نيوز

 

 إذا عرف السبب

 

¤ تناولت في الزاوية السابقة مقالة ياسر عرمان التي جاءت تحت عنوان (اتفاق جوبا .. مأزق الانقلاب والتطبيق والرفض الجماهيري، اوجه الشبه والاختلاف مع اتفاق سلام دولة كولمبيا).. استفضت في تعقيبي حول انتقاده للحركات .. ومقارنته بين اتفاق جوبا 2020 ونيفاشا 2005.

¤ نختم اليوم بالتعليق على وجه المقارنة المخلة التي عقدها بين سلام جوبا واتفاق (لاتيني) شهير وقع بين الحكومة الكولمبية وحركة مسلحة معارضة لها معروفة ب (فارك) ابرم في العام 2016 بالعاصمة الكوبية هافانا.. بعد قتال اندلع في 1964. ¤ استدلال عرمان باتفاق كولمبيا كونه خضع للمراجعة .. وذلك بعد ان عرض على استفتاء بواسطة الشعب الكولمبي الذي رفضه.. معلوم ان عرمان يقود وبقوة تيارا يدعو لمراجعة اتفاق جوبا لا الغائه – ولن يجرؤ على تبني التوجه الاخير – لانه سيدخله في صدام مع رفاق الأمس وتحديدا مالك عقار .. الذي قد يضطر لكشف (المستخبى) من تاريخ عرمان ¤ مطالبات ياسر الملحة بالمراجعة والغاء المسارات مدعاة للدهشة.. لأنه كان من العناصر الاساسية في العملية التفاوضية التي جرت في جوبا.. وكان يذاكر من كتاب اتفاقية نيفاشا.. كما ان تصريحاته التي ظل يمتدح فيها اتفاق جوبا مبذولة في الاسافير.. وكذلك تصريحات قادة قحت ومن شايعهم وجميعهم اطلقوا شعارا مخادعا مثل كل شعاراتهم (السلام سمح). ¤ في المقارنة التى عقدها عرمان بين سلام جوبا وكولمبيا .. امتدح حركة فارك واعتبر ذلك ذكاء منها في أمرين – كما قال – قبولها بمراجعة الاتفاق لكسب مزيد من الرضا الشعبي والحفاظ على القضايا الجوهرية التي عالجها الاتفاق .. واشار عرمان الى ان المراجعة نصت على عرضه للبرلمان للمصادقة وقد كان. ¤ لكن عرمان تناول نصف الحقيقة او دونها.. ولم يوضح سبب مباركة الكونغرس الكولمبي على الاتفاق رغم رفض الشعب.. يعود السبب الى ان الرئيس الكولومبي – وقتها – امانويل سانتوس كان صاحب الاغلبية في البرلمان.. وكان طبيعيا تمرير الاتفاق .. حتى انه منح جائزة نوبل للسلام. ¤ لم نسمع عرمان طالب بمنح زعيمه جون قرنق جائزة نوبل للسلام.. ذلك لانها ستكون مناصفة مع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه.. يحاول عرمان اعطاء الاخرين دروسا في الديمقراطية والسلام والعدالة، لا تجد في داره سبيلا .. مع اعجابه الزائد باتفاق الفرقاء الكولمبيين كان متوقعا منه ان يقترح ابان مفاوضات جوبا طرح الاتفاق لاستفتاء شعبي. ¤ لكنه كان يفكر بذات تفكير زعيمه قرنق .. ان يكون الاتفاق حكرا عليهم .. بينما اتفاق مسار الشرق الذي يطالب بالغائه . نصت بنودده على قيام ملتقى تشاوري هو بمثابة استفتاء لاهل الاقليم حوله.. فبأي منطق يدعو لالغاء هذا المسار الذي حقق مكاسب غير مسبوقة للشرق.

 

¤ ان سلام كولومبيا لم يوقف الحرب بشكل نهائي حنى يباهي به عرمان .. وليس هناك اتفاقا كاملا بما فيه نيفاشا .. ولا يزال منشقين عن فارك يقاتلون الحكومة.. ومارسوا عمليات اختطاف وقتل وسط المئات من الذين وقعوا السلام.. كما ان كولمبيا لا تزال البلد الاولي التي تصدر المهاجرين الى الولايات المتحدة وكندا.. وثالث دولة في العالم بعد الكونغو وسوريا تشهد موجات نزوح داخلي.

¤ لكن الدرس الحقيقي من التجربة الكولمبية الذي يجب ان يستفيد منه عرمان وكل الحركات ويكون لهم عبرة في مستقبلهم السياسي هو فوز واحد من قادة الحركات بالرئاسة.. غوستافو بترو الرئيس الحالي لكولمبيا الذي فاز في يونيو الماضي وكان وقع على إتفاق في 1990.

¤ وبترو لم يتعامل بطريقة عرمان مع الحكومة والتي اشبة باسلوب الناشطين.. ولم يهدر وقته في التهريج السياسي… بعد السلام في 1990 أسهم مع آخرين في تأسيس حزب سياسي وأصبح ثاني أهم قوة سياسية في البرلمان بعد عام واحد فقط، وانتخب عضوا فيه.. بعد سنوات قلائل اختير ليكون أفضل عضو في البرلمان من قبل زملائه ومن قبل الصحافة الوطنية لإدانته الفساد ومناقشاته في مسائل السيطرة السياسية

. ¤ واختير الشخصية السياسية لعام 2010.. وشغل منصب عمدة مدينة بوغوتا (العاصمة)، ( 2012 – 2015.).. بترو شخصية متميزة لحظة فوزه اعلن التزامه باالاتفاق مع فارك.. وقال إن من نتائجه أن متمردا سابقا مثله أصبح رئيسا للبلاد…

¤ كانت الفرصة كبيرة امام ياسر ليكون بترو السودان لكنه اضاعها منذ 2005 .. وهو الان كتب ممنيا نفسه بزيارة كولمبيا .. وقال هي ارض ساحرة مليئة بالفقراء والمقاومة والتاريخ والثقافة .. لكنه مكر على القارئ ولم يخبره انها مليئه بالحسناوات.

اترك رد