Site icon اسفير نيوز

لماذا خفضت الحكومة السودانية أسعار النفط بشكل مفاجئ؟

اسفير نيوز

 

أثارت خطوة تخفيض الحكومة السودانية لأسعار البنزين بنسبة تصل إلى 25 في المئة بصورة مفاجئة الكثير من التساؤلات حول الهدف من تلك الخطوة وتوقيتها، ومدى ارتباطها بالدعوات للتظاهر في السادس من الشهر الجاري.
يرى مراقبون أن تلك الخطوة جاءت بعد اتهامات كثيرة بين الشارع والحكومة، خاصة وأن أسعار المشتقات النفطية في السودان تخطت أسعارها في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج، لكن يرى فريق آخر أن الخطوة سياسية نتيجة المخاوف من الشارع المنتفض منذ ما يقارب عام، علاوة على عزوف الناس عن المشتقات النفطية واستخدام الوسائل البدائية.
فهل كانت خطوة تخفيض أسعار المشتقات النفطية نتيجة لظروف اقتصادية أم سياسية؟
بداية، يقول الخبير الاقتصادي السوداني، محمد الناير، إن “تخفيض أسعار المشتقات النفطية جاء نتيجة أن السودان منذ وقت بعيد ومنذ النظام السابق وحتى المرحلة الانتقالية، وحينما بدأ تطبيق روشتة صندوق النقد الدولي والذي كان يقول دائما أن أسعار النفط أو البترول في السودان رخيصة أو أقل من دول الجوار، وبالتالي كان سببا لتهريب هذه السلعة لدول الجوار”.
الأعلى عالميا
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أنه “فجأة وبدون أن يشعر وجد المواطن السوداني نفسه يدفع قيمة مشتقات نفطية أعلى بل تكاد تكون الأعلى على مستوى العالم، لأنه تقريبا وصل لتر البنزين على سبيل المثال إلى 760 جنيه سوداني، ولو قسمناه على 570 وهو سعر الدولار بالجنيه السوداني، فإننا نجد أن سعر لتر البنزين يساوي 1.3 دولار تقريبا، وهو السعر الأعلى في العالم”.
وتابع الناير، أنه “لا يعقل أنك تحمّل السوداني أسعار المحروقات بسعر أعلى مما هي عليه في أمريكا أو الإمارات والسعودية بنسبة كبيرة جدا، وفي الوقت نفسه دخل المواطن السوداني لا يعادل يمكن 3 أو 5 بالمئة من دخل هذه البلدان وربما أقل من هذا”، موضحا أن هذه معادلة مشوهة، وكانت تدور اتهامات متبادلة بين الحكومة والشارع، حيث تلقي الحكومة باللوم على الشركات أنها لا تريد التخفيض، كما أن الشركات تتهم الحكومة بنفس الاتهامات.
إعفاءات ضريبية
واستطرد محمد الناير، بالقول: “الآن تم التخفيض وهو مجزي بالنسبة لسعر البنزين ويمكن أن يخفض أكثر، وأصبح سعره اليوم أقل من الدولار، لكن لا يزال لتر الجازولين أعلى من دولار، وبالتالي الجازولين لم يحقق الهدف المعني، علما بأن البنزين استهلاكه تقريبا يعادل ربع استهلاك الجازولين باعتبار الأخير يدخل في الإنتاج الزراعي والصناعي وقطاع النقل وغيرها”.
وأكد الخبير الاقتصادي السوداني أن أثر الجازولين أعلى وكان يفترض أن يتم تخفيض الجازولين بنسبة أعلى، لكن يبدو أن الدولة تريد أن تحافظ على قدر من مواردها، كان الأفضل هو تخفيض الجازولين بنفس نسبة تخفيض البنزين وأن تواجه هذه الأسعار، وإذا كان هناك إمكانية لتخفيض آخر يمكن القيام بذلك.
وأوضح محمد الناير: “ناشدنا الدولة ونبهنا منذ وقت مبكر أن أسعار المحروقات في السودان هي الأعلى على الإطلاق، وتحدثنا عن لجوء الرئيس الأمريكي إلى الكونغرس بطلب إعفاء ضريبي لمدة 3 شهور على المحروقات، كان الهدف الأساسي هو الحفاظ على أسعار المحروقات للمستهلك الأمريكي الذي يتقاضى رواتب مرتفعة جدا، من باب أولى أن الدولة السودانية تتجاوز أو تتنازل عن بعض الإيرادات، خاصة أن الوقود يطبق عليه ازدواج ضريبي، كان يجب إزالة هذا الازدواج لمصلحة المستهلك والإنتاج”.
جدل كبير
وحول انخفاض معدل التضخم وفق النسب المعلنة من جهاز الإحصاء، يثار حولها جدل كبير، حيث أن التقارير الصادرة من الجهاز المركزي للإحصاء وهي طبعا الجهة الرسمية والمعني بها إصدار التقارير، وهي ترصد التقارير وفقا للمعادلات المجازة دوليا من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ولم تجر عملية مسح لموازنة الأسرة لمعرفة الأوزان الخاصة بحساب معدل التضخم، وأوزان الاستهلاك بالنسبة للسلع الاستهلاكية والخدمات وغيرها، منذ العام 2007 والمعايير الدولية تقول إن التحديث لموازنة الأسرة يجب أن يتم كل 5 سنوات، ويمكن أن يكون هذا هو الخلل الموجود والذي يجعل الأرقام لا تعطي مؤشرات حقيقية.
وأشار الناير إلى أن خطوة تخفيض أسعار المحروقات خطوة جيدة، آملا أن تحسب بدقة ويتم تخفيض الجازولين ويتواصل حساب الأمر بدقة وتخفيض الأسعار بالمحروقات باعتبارها مهمة جدا للاقتصاد وللمستهلك، وتنعكس على وسائل النقل أو قطاع النقل الذي يدخل في كل القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ثورة الجياع
من جانبه، يقول المحلل السياسي السوداني، ربيع عبد العاطي، إن “مسألة الوقود لها علاقة بالقوة الشرائية التي انعكست حتى على من يمتلكون السيارات، ونلاحظ إيقاف الكثيرين لسياراتهم لعجزهم عن تسييرها وصيانتها، مع عدم قدرتهم على مقابلة مصاريف الحياة من غذاء و كساء وعلاج مما ينذر بكساد سينسحب على كل السلع الغذائية و الضرورية، وهو مقدمة لما يسميه البعض ثورة الجياع“.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أنه “لا نستغرب إذا لم يجد التجار من يشتري سلعتهم فيصيبها الفساد والبوار وهي في المخازن، وانخفاض سعر الوقود مؤشر واضح لقلة الطلب بل وقد يصل إلى انعدامه”.
“مليونية تشرين”
أما السياسي السوداني، بكري عبد العزيز، فيرى أن الحكومة الحالية تحاول عمل أي شيء يمكن أن يسهم في تهدئة الشارع بعد تفاقم الأوضاع بصورة غير مسبوقة.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أنه “بعد توحيد قوى المقاومة في ميثاق واضح أصبح هناك تنظيم قوي جدا ولا يفصله سوى ساعات عن مليونية السادس من أكتوبر/تشرين الأول والتي يتم الحشد لها بصورة ضخمة جدا، لذا تحاول الحكومة مصالحة المواطن بأي طريقة بعد أن فاقت الأسعار كل التوقعات”.
وأكد عبد العزيز، أن مخاوف الحكومة من التظاهرات وردود الأفعال هو ما دفعها لتلك الخطوة وفي هذا التوقيت، هم يحاولون معالجة أزمة النفط أو البنزين فقط متناسين عشرات الأزمات الأخرى التي يعيشها المواطن وعلى رأسها الأمن والاقتصاد.
وقررت الحكومة السودانية، أمس الثلاثاء، تخفيض أسعار بيع الوقود في محطات الخدمات البترولية. وجاء القرار بعد مراجعة وزارة الطاقة والنفط الأسعار الشهرية حسب الأسعار العالمية للمنتجات البترولية وتكلفة الإنتاج المحلي، بحسب وكالة الأنباء السودانية “سونا”.
وأوضحت أنه “بناء على المراجعة الشهرية للأسعار فقد تقرر تعديل أسعار المنتجات البترولية، اعتباراً من اليوم الثلاثاء الموافق الرابع من أكتوبر 2022م الساعة الثالثة عصراً كحد أقصى”.
ووفقا للأسعار الجديدة يكون سعر البيع بمحطات الخدمة البترولية للتر البنزين 522 جنيه (ويبلغ سعر الدولار الأمريكي في السودان نحو 576.3267 جنيه وفقا للبنك المركزي السوداني).
وبحسب الأسعار الجديدة يكون سعر لتر الجازاويل 672 جنيه شاملة رسم الولاية 2 جنيه/ لتر. وأكدت الوزارة أن القرار يأتي في إطار سياستها والتزامها بالخط الخدمي لمصلحة المواطن وتطمئن السادة المواطنين بتوفر جميع المنتجات البترولية بصورة مستقرة.
سبوتنك
Exit mobile version