¤ جرت امس مراسم تنصيب ديبي الابن (محمد ادريس) رئيسا لتشاد لفترة انتقالية تمتد لعامين..
قدمت لنا الجارة الشقيقة درسا بليغا في المصالحة الوطنية.. وطي صفحة الخلافات والنظر للمستقبل ووحدة الصف الوطني.. وتغليب المصلحة العليا للبلاد لا العباد..
¤ لم يهدر التشاديين الوقت في المماحكات والمزايدة السياسية.. والتهاون بامن بامن بلادهم والارتهان للخارج.. كما هو الحال في بلادنا.. (كان الله في عون المواطن السوداني).. بسرعة فائقة طوت تشاد صفحة الاحزان بمقتل رئيسها السابق ادريس ديبي في ابريل 2021 .
¤ عقب مقتل ديبي تم تشكيل مجلس عسكري انتقالي.. برئاسة نجله محمد ليترأس البلاد لمدة عام ونصف العام.. تنتهي بإجراء انتخابات.. اخمد محمد نيران الفتنة.. ولم يثأر لوالده ولم بفتح مزاد المبادرات، كما هو حالنا.. اطلق هو شخصيا ودون وسطاء مبادرة للحوار الوطني، داعيا جميع الأطراف للمشاركة فيها.. وبدأ خطوات حقيقية بإنشائه وزارة للمصالحة الوطنية.
¤ بعد ثمانية اشهر من حكمه (يناير الماضي) خرج محمد بخطاب الى شعبه معلنا انطلاقة الحوار الوطني الجامع.. تأخر بعض الشئ ولكن في مارس الماضي، وكما عودتنا قطر الخير.. احتضنت دوحة الجميع لا العرب وحدهم، حوار الفرقاء التشاديين.. برعاية من الامير تميم بن حمد.. بذلت الوساطة القطرية جهدا كبيرا في تقريب المسافات وتعميق الثقة.. حتى توجت جهودها في 8 أغسطس الماضي باتفاق سلام.
¤ كانت الحاجه ملحة لاستكمال السلام.. اقترح الرئيس الشاب محمد ديبي حوار تشادي/ تشادي بانجمينا.. كانت الارادة كبيرة والعزيمة قوية لدى الاخوة في تشاد رغم وجود نحو (200) عرقية تتحدث (100) لهجة.. مع العلم ان التاريخ التشادي يعرف فقط استخدام القوة العسكرية في حسم الخلافات وليس بالحوار،
¤ انطلق الحوار التشادي الداخلي استكمالا لاتفاق الدوحة.. ناقش 20 بندا جاء أبرزها الإصلاح الجذري للجيش.. مراجعة ميثاق الفترة الانتقالية.. عدم أهلية أعضاء الأجهزة الانتقالية للترشح في أول انتخابات قادمة.. وتشكيل حكومة مصالحة وطنية بعد اختتام الحوار الشامل..
¤ استغرق الحوار شهر ونصف الشهر بمشاركة سياسية ومدنية واسعة الى جانب مشاركة (40) حركة مسلحة.. التزمت الاطراف بمخرجاته والتي كانت اهمها.. حل المجلس العسكري الانتقالي.. تكليف محمد ادريس بقيادة فترة انتقالية تمتد لعامين .. يعقبها قيام انتخابات..
¤ تستحق التجربة التشادية الوقوف والتامل.. ويستحق ديبي الابن التحية والتكريم.. ظل يركز على طرح قضيتين مركزيتين.. العدالة وقبول الاختلاف.. بالنسبة لجيرانها، تجاوزت تشاد الصراع السياسي في السودان.. والصراع السياسي والمسلح في ليبيا .. وقفزت فوق الغام افريقيا الوسطى المليئة بالمليشيات العابرة للحدود.
¤ دون متاريس تمضي تشاد نحو واقع جديد.. وهي البلاد التي دلت تشهد انقلابات وصراعات.. ربما لم يسكت يوما صوت الرصاص.. الذي اودى بحياة ادريس الجنرال الشرس الذي يعد أحد أطول الزعماء حكما في أفريقيا.. حيث وصل الى السلطة عبر انتفاضة مسلحة في 1990.
¤ ومهما يكن من امر ماجرى في تشاد درس للفرقاء السودانيين.