¤ رحم الله المجاهد الشيخ/ الطيب مصطفى .. الذي حذرنا مبكرا من مصير مجهول ينتظر اهل السودان عند انفراط الامن – وقد كان – .. كانت رؤيته انه ينتظر الناظرين تحت أقدامهم من المتجاهلين للحقيقة المرة.. حقيقة أنهم يلعبون بالنار حين يطلبون إسقاط النظام بدون أن يعدوا البديل الآمن.. ذلك هو ما قصده حين قال (نشيل بقجنا نمشي وين)؟!
¤ حرف اصحاب السوء ومن في نفوسهم مرض حديثه.. صوروه وكأنه يدافع عن ابن اخته المشير البشير.. بينما كان مهموما بكل الشعب السوداني العزيز.. وتسأل اين يذهب الشعب عندما يفقد الأمن ويصيبه ما أصاب الشعب السوري؟.. ذات الاذى والتجريح الذي لحق بالطيب جراء صراحته .. حاق بنائب حاكم اقليم دارفور محمد عيسى عليو.
¤ كان عليو في لقاء جماهيري بمنطقة ود هجام بدارفور يتحدث بذات صدق وصراحة الطيب.. بل انه كان متقدما عليه.. عندما وضع خارطة طريق لأهل الخرطوم – وهم كل اهل السودان – انه حال حدوث ما لا يحمد عقباه ان يولوا وجههم شطر دارفور.. بينما الطيب لم يوفر ملاذا امنا وظل تسأوله قائما الى ان لاقى ربه.
¤ اكاد اجزم انه ولأول مرة منذ ذهاب الانقاذ اسمع مسؤولا مثل علبو.. يدعو للسودان وأهله بالخير .. وجميعهم غطسوا حجره وجلسوا يتفرجون.. كما ان عليو في مقطع الفيديو المتداول كان يدعو لاهل الخرطوم – وهو واحد منهم – بالهداية واجتماع قلوبهم على كلمة سواء .. بوحدة قلوبهم وان يبعد عنهم الشيطان .. وطالب الحشود الجماهيرية الغفيرة بان يرددوا (آمين).
¤ لم يكن حديثه اعتباطا بل يحمل دلالة عميقة وقيمة .. الحق يقال يستحق ان نزجي له الشكر بقرعه جرس الانذار ، بشان الاوضاع وهي غير خافيه على احد.. اخرها الاقتتال القبلي الوحشي الذي شهدته ولاية النيل الازرق.. حيث رأينا الاستهانة بإراقة دماء المواطنين الابرياء.
¤ ثم ان اهل دارفور انفسهم لن يكونوا مهيئين لاستقبال أحد .. الا اذا عملوا بنصيحة عيسى الغالية.. طالبهم ان يكونوا متماسكين، متحابين ، موحدين.. حال حدث في الخرطوم مالا يحمد عقباه، مستعدين لاستقبال الاخرين بكل ترحاب – .. وهو حديث رائع يشابة حكمة سقراط (حتى نحرك ونغير العالم، علينا ان نبدأ بتحريك انفسنا أولا”)
¤ لا ادري سر الهجمة غير المبررة علي الرجل .. لدرجة وصفه بالعنصري .. وقول ساذج يتهمه ببث الرعب في نفوس اهل الخرطوم.. بينما دعوته الصادقة من اجل هدف نبيل وانساني بضرورة المحافظة على نعمة الامن.. ثم ان خطاب عليو يجب ان يراعى فيه اختلاف الزمان والادوات .. حيث كان يخاطب حشدا جماهيريا التأم بمناسبة ملتقى للتعايش السلمي.. ويجب ان يحوي الخطاب امر بمعروف التعايش ونهي عن منكر الفتنة..
¤ اعرف عليو منذ بدايات حرب دارفور.. لم المس يوما فيه عنصرية او جهوية.. لسان حاله عن القبلية (دعوها فانها منتنه).. صحيح هو رئيس مجلس شورى عشيرته (لا ادرى هل مايزال ام لا) .. لكنه لم يشعرنا يوما انه يتعصب او ينحاز اليهم.. ظل صاحب حكمة ورأي سديد .. وحتى انصاريته القحة .. لا نراها الا في جلبابه و(عزبته).
¤ ظل ولسنوات طويلة يكتب في الغراء الموءودة (الصحافة).. كان شديد الاهتمام في كتاباته
باهل السودان لا دارفور وحدهم.. لذلك كانت بطعم التمور وبقامة النخيل.. وبصلابة (السفروك).. وبحلاوة ايسكريم (اوزون).. وبذات شجاعة اهل دارفور.. وبكرم مواطن النيل الابيض واصالة اهل النيل الازرق.
¤ كان عليو مختلفا عن الجميع في معارضته الشرسة للانقاذ.. كان يعارضهم باخلاق وشيم الرجال.. لم يسترسل معها او يتطابق مع توجهاتها
ظل صادعا بالحق عندهم.. يقول لهم أساءتم عند الخطأ.. ويقول لهم بكل شجاعة ووطنية احسنتم عندما يصيبون الهدف.. وما اكثر صحائف الانقاذ البيضاء.
¤ كنا نرى المعارضة المساندة عند عليو .. قال لي ذات مرة بشرق دارفور وكنت برفقة نائب الرئيس الاسبق حسبو عبد الرحمن.. اكتب على لساني (ياريت لو كل ولاة الانقاذ بذات همة انس عمر).. هو مختلف فكريا مع انس لكن شهد له بالحق.. ولا يعرف قدر الرجال الا الرجال.. وعليو يتقدمهم بحكمته وتواضعه وسماحته .. يقول الحق ولو على نفسه.
¤ ظل يقارع الامام الراحل الصادق المهدي الحجة بالحجة سرا وعلانية.. وفعل ذا الامر مع الانقاذ وقحت وهو واحد منها.. ويمضي في ذات الطريق مع حاكم دارفور مني مناوي.. الذي اثبت صواب رؤيته باختياره نائبا له.
¤ التقيت عليو مرات كثيرة وفي مناسبات شتى بالخرطوم وهو واليا لشرق دارفور.. وبعدها نائبا لحاكم دارفور.. هو ذاته الباحث والكاتب الصحفي.. لم تتغير اقواله او افعاله بتغير موازبن القوى او المصالح.. حاشا ان يكون صاحب (فتنة) او من دعاة (فرقة).. نحييه ان وضع لنا خطة (ب) حال حدث بالخرطوم ما لا يحمد عقباة.. فدارفور اقرب من مصر المؤمنة، التي حمل اليها الملايين (بقجهم) ولاذوا بها.