Site icon اسفير نيوز

حوثي هنأ السعودية.. مونديال قطر كسر سنوات من التنافر في المنطقة العربية

للحظة وجيزة بعد أن سدد سالم الدوسري لاعب السعودية كرة من داخل منطقة الجزاء مباشرة إلى الشباك الخلفية لمرمى الأرجنتين ليحسم الفوز الأول في كأس العالم بقطر، وجد العرب في جميع أنحاء الشرق الأوسط المنقسم شيئا يحتفلون به.

ومن الصعب تحقيق مثل هذه الوحدة العربية، لكن استضافة قطر لكأس العالم وفرت لحظة احتشد فيها الكثيرون في العالم العربي بفوز الدوحة والمنتخب السعودي.

وسيتم اختبار ما إذا كان هذا الزخم سيستمر السبت في الوقت الذي تواجه السعودية بولندا، مع استئناف التوترات الإقليمية والخلافات الدينية وتجدد المنافسة الاقتصادية بين البلدان.

وقال السعودي راكان يوسف البالغ من العمر 27 عاما بعد أن هنأته الجماهير العربية في الدوحة، على فوز الصقور الخضر :”جميع الدول العربية تحتفل لأن فريقا عربيا واحدا فاز”، وأضاف “حتى أمير قطر حضر مباراتنا. … هناك هذا الشعور الآن بأننا جميعا إخوة. لهذا السبب أنا عاجز عن الكلام”.

ويبدأ انقسام العالم العربي حتى مع اللغة العربية.

وتتغير اللغة العربية المحكية إقليميا في كل منطقة، كشمال أفريقيا، والخليج والشام.

الدين هو عامل آخر يميز – هناك مسلمون، سنة وشيعة، وأقلية مسيحية، ودروز، وبهائيون وغيرهم. وتحولت وجهات النظر المختلفة حول الدين والمنافسات الإقليمية إلى صراعات، مثل الحرب المستمرة في اليمن.

لكن على الرغم من محاولة تنظيم القاعدة إثارة المتطرفين، فإن كأس العالم الذي يستمر شهرا في قطر الغنية بالطاقة شهد حتى الآن وحدة بين دول الخليج العربية. وحضر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيسا دولتين في بلدين قاطعا قطر قبل نحو عامين فقط، المباراة الافتتاحية للبطولة.

ووصف حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، استضافة قطر للبطولة بأنها “علامة فارقة لجميع العرب”، كما حضر الافتتاح. وكان هذا الشعور مشتركا بين الآخرين أيضا.

وقال مدرب المغرب، وليد الركراكي”نحن فخورون بوجودنا هنا في أول كأس عالم في بلد عربي”.

وبالمثل، أشاد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بقطر بينما رفض انتقادات الصحفيين – وبالتالي الجماعات الحقوقية.

لكن المفاجأة الكبرى جاءت بعد يومين  من انطلاق البطولة، عندما صعقت السعودية الأرجنتين بفوزها في مباراتها الافتتاحية في البطولة، وحضر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني المباراة وارتدى العلم السعودي حول كتفيه.

وأعلن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الأربعاء عطلة رسمية للاحتفال بالفوز. وفي المملكة وخارجها، هتف الناس ولوحوا بالعلم الأخضر والأبيض للبلاد للاحتفال.

يحمل العلم السعودي نفسه صورتين تظهران مكانته المعقدة في العالم العربي الأوسع. وهو يحمل سيفا أبيض ونقشا عربيا للشهادة “لا إله إلا الله. محمد رسول الله”.

بعد وفاة النبي محمد في عام 632 بعد الميلاد، انتشر الإسلام من المناطق الصحراوية المتقشفة في شبه الجزيرة العربية التي أصبحت فيما بعد السعودية.

واليوم، تواصل السعودية قطع الرؤوس كشكل من أشكال الإعدام، وهي واحدة من أكبر الدول التي تنفذ عقوبة الإعدام في العالم. كما استخدمت المملكة أموالها النفطية منذ 1980 لتصدير وجهة نظر محافظة للغاية للإسلام تسمى الوهابية إلى المساجد في جميع أنحاء العالم. وقد استغل المتطرفون المنظمات الوهابية التي تتلقى تمويلا سعوديا أيضا.

وهذا التاريخ، فضلا عن السياسة الإقليمية، يجعل الاحتضان الصادق للسعودية أكثر تعقيدا بالنسبة للعرب في الشرق الأوسط. وبينما احتفل البعض بفوز السعودية في قطاع غزة، فإن القطاع الفلسطيني الذي تحاصره مصر وإسرائيل تحكمه حركة حماس. وعلى الرغم من أن المملكة لا تعترف دبلوماسيا بإسرائيل، إلا أنها تسمح الآن لشركات الطيران الإسرائيلية بالتحليق.

ويمكن رؤية حدود التقارب أيضا في اليمن، حيث تقاتل السعودية المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في البلاد منذ عام 2015. وقدم وزير الإعلام الحوثي ضيف الله الشامي على تويتر “ألف تهنئة” للسعودية على إعادة “كرة القدم العربية إلى الخريطة”. وحذف التغريدة لاحقا واعتذر.

وكتب الشامي “هناك خطوط حمراء لا ينبغي لأي حزب أو شخص تجاوزها”.

كما أن الفوز السعودي، الذي وصفته صحيفة عكاظ اليومية بأنه “استعادة أمجاد” المملكة، يتناسب أيضا مع السعودية الجديدة الأكثر قومية التي تشكلت تحت قيادة ولي عهد محمد بن سلمان

ومع صعود الأمير إلى السلطة، تحررت المملكة اجتماعيا من خلال السماح للنساء بقيادة السيارات، وإعادة فتح دور السينما والحد من عمل شرطة الأخلاق. وتكررت تصريحات الأمير للاعبي المنتخب السعودي قبل البطولة، والتي حثهم فيها على “الاستمتاع” بالمباريات، باستمرار في الصحافة السعودية الخاضعة لرقابة مشددة.

لكن الأمير محمد قاد أيضا حملة ضد فساد استهدفت أي شخص لديه سلطة في المملكة. وتعتقد وكالات الاستخبارات الأميركية أن أوامره كانت وراء القتل الوحشي لكاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، وهو ما نفته المملكة.

وفي الوقت نفسه، تتزايد المنافسة الاقتصادية بين الإمارات والسعودية مع محاولة الرياض جذب الأعمال التجارية الدولية من دبي. واحتضنت قطر، التي واجهت مقاطعة بقيادة السعودية قبل عامين فقط، المملكة بينما عززت علاقاتها مع الولايات المتحدة كخطوة احتياط. ولا تزال الحرب غير الحاسمة في اليمن مستعرة.

وقد توفر كرة القدم فترة راحة، لكن لا دواء شاف لهذه المشاكل.

أسوشيتد برس

Exit mobile version