فتح الرحمن يوسف يكتب.. (نحن والحاحاية والهنمبول )

0

باعتباري واحد من الطبقة الكادحة في فرنسا وأثناء إنشغالي بعملي المتواضع الذي يحتاج لتركيز ضج المكان بالصمت وتم بث إشارة مهمة للجميع أن هنالك شخصية مهمة ستمر من هنا وما هي إلا دقائق حتي وجدت نفسي أمام أحد ملوك الدول العربية في تلك اللحظة تركت النظر لجلالة الملك وأصبحت أراقب وجوه الذين من حوله من الحاشية و الحاضرين ثم استجمعت تركيزي ووجهت بصري تجاه الملك لعلي أجد بعض تلك الصور التي كنت أرسمها في خيالي للملوك خاصة ذلك الملك لأنه لا يستنكف أبدا أن يمد لك يده لتقبلها بعد انحناءة الذل المعروفة عند الحاشية والرعيه، وسرعه كده سرحت في وضع شعب هذا الملك الإقتصادي والسياسي فلم أجد غير بؤس وفقر وانتظار علي حافة الرصيف في انتظار موكب الملك القادم لترديد الهتاف المحفوظ (عاش الملك يحيا الملك )
المهم في اللحظه دي وجدت مجموعة حول الملك توجهه للتحرك من هنا وتختار له ليلبس هذا ويشتري هذا وامتدادا للتفاصيل دي تخيلت طبعا ماذا يقرأ للشعب من خطابات (يقرأ بس) مش يفكر و يعد هو الملك فاضي عشان يكتب ولا عشان يعرف الشعب عايز شنو عشان يقولو ليهو؟ أها بعد نظره متأنية لفنيلة الملك وشبشبه والله جد وبعد قراءة لغة جسده وهو يتحرك كالعبيض والله مامر بخيالي إلا ذلك الهنمبول (ولاد المدينة يسمونه خيال المآته) الذي كنا نصنعه لطرد الطيور في موسم العيش ، كنا نصنعه بأيادينا ونلبسه جلبابا ويتهيأ لنا أننا نخدع به الطيور حتي لاتقترب من القمح أو الذره ورغم ده كله نكتشف بعد شويه أنه الطيور لا بتخاف من الهنمبول ده ولا شئ لدرجة إنها في استخفاف بصنيعنا( ترك ) علي الهمبول ده ومن شدة إستفزازها بينا ماتتكاثر بنشوة إلا علي رأس الهمبول والله جد ، أها نقوم ننصب حاحايه ودي منصة في نص المزرعه نصعد عليها لنري كل المحصول من كل الاتجاهات ثم نوصل خيوط عليها (كشكوش) من علب اللبن والصلصه ونتحكم في هز تلك الخيوط من علي تلك الحاحايه كلما هبط سرب للطير في اتجاه معين من المزرعه، ودي الطريقه الناجعه لطرد الطيور ومنعها من أكل المحصول لأنها تخاف حد الرعب من أصوات الكشاكيش ومن علي تلك المنصه(الحاحايه) يتم التحكم والسيطره علي حركة الطيور فمنها الذي ييأس ويغادر لمزرعة أخري ومنها الذي يحاول مرارا دون جدوي ولكن علي أمل.
المهم علي ذكر الهنبول والحاحايه أنا شايف أننا دايما في فضاءاتنا السياسية والإجتماعية والدينية والثقافية بنصنع هنابيل ونجعل لها دورا متخيلا من عندنا رغم قناعاتنا الداخلية بألا دور ولا فائدة من تلك الهنابيل والتجارب برهنت ذلك مرارا ولكننا قوم لا نتعظ من التجارب.
الهنمبول ده ممكن يكون قونه أو شيخ طريقه أو زعيم طائفة وممكن يكون مكون سياسي أو زعيم عشائري أو قائد مليشي أو عسكري ،نحن أكثر شعب بارع في صناعة الهنابيل وتقديسها رغم عدم جدواها.
أي شعب المبدعين والمتميزين أكاديميا والمتفردين في تخصصاتهم في المجالات المختلفة خارج دائرة إهتمامه وإحتفائه ووهم من يصنعون ويقودون الفعل السياسي والاجتماعي والثقافي فيه هو شعب لا ينتظر منه صناعة مجد ولا تحقيق حلم وطني ولا نهضة شاملة لهذا الوطن الجميل (السودان)
أيها الشعب النبيل إستعينوا بحكمة الطيور التي استخفت بتلك الهنابيل وبالت علي رؤوسها ولا تصنعوا هنمبولا من جديد وعليكم ب(الحاحايه) ومن يديرها لأن من يديرها (خواجه وتبع عرب) وهنابيلكم ليست سوي دمي يستخف منها حتي الطير وإلا فإنه لا زرعا حصدتم ولا وطنا حفظتم.
# الله غالب

اترك رد