مولانا / احمد ابراهيم الطاهر يكتب بذاكرة التاريخ..حتي لا يرتطم زورق الوطن بصخور التسويات المؤجلة

0

 

إن التزام جانب الحق شعار جاذب ، ولكن تحقيقه أمر عسير، خاصة في مجال الحكم والإدارة . فالدولة حصان جامح، يحتاج لسائس صبور ليحقق به الأغراض التي من أجلها خلق الحصان . وسياسة البشر أشد عسرا من سياسة الخيل . ونجاح سياسة البشر يلد أمة متحضرة متقدمة منتجة مهابة ، تسعد بها البشرية ، ويزول بها الظلم الاجتماعي ، ويسود بها السلام والعدل . ولا ينبغي أن يعتري الساعي في هذا الدرب الوهن واليأس الناتج من سوء الأحوال المحيطة به ، فإن الله كل يوم هو في شأن وإن سرعة جريان الأحداث دليل على حتمية تبدل الأحوال ، وإعداد العدة قبل وقوع الأحداث هو السبيل إلي تجنب ويلات الغفلة التي لا تليق بالإنسان المكلف بصنع الحياة ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله فالبرلمان مؤسسة سيادية عصرية من مؤسسات الحكم ، وهي أداة التعبير عن إرادة الأمة ، وهي العاصمة للسلطة السياسية من الطغيان ، إذ بغيابها يخلو الجو لمن تقلد السلطة للانفراد باتخاذ القرار ، والبرلمان هو أيضا أداة التنبيه لمن غفل عن واجباته التنفيذية بالمساءلة والمحاسبة للمسؤولين، وأيضا هو ميزان التقويم لأداء الدولة ومسيرتها في طريق النماء والتقدم . لكن هذه الأداة البرلمانية محكومة علي الدوام بقوة الإرادة السياسية. والبرلمان ليس هو صانع الإرادة السياسية، إنما هو المترجم لهذه الإرادة. إذ أن الإرادة تنبع من قوة القيادة ورشدها . والقيادة مصدرها النظام السياسي . فإذا كان النظام السياسي هزيلا ضعيفا في إرادته وقراره ، لا يعبر عن هدف أسمي ولا عن مثل أعلي وإنما يعبر عن الهوي والشح والشهوة والمصالح الخاصة انعكس ذلك علي مؤسسات الحكم بما فيها البرلمان ، فاعتراها الوهن وانتقض غزلها وانفض سامرها . وعلي النقيض من ذلك إذا كانت الإرادة السياسية متسمة بالهمة العالية ، معبرة عن قيم المجتمع وتطلعاته ، خادمة لأهدافه وغاياته ، ساعية بالتخطيط الاستراتيجي لنهضته وتقدمه ، فإن البرلمان حينها يكون الأداة الرائدة والترجمة الفورية لقوة الإرادة السياسية مبشرا بها لدي شعبه وموطدا بها لمعقده السامي بين الأمم. ومن هنا تنبع العلائق القوية بين الشعب وأنظمته السياسية ومؤسساته الحاكمة بدوافع القوة في الإرادة لدي كل الأنظمة والمؤسسات، وهي حلقة محكمة تضمن بها الأمة أمنها واستقرار وهيبتها ومكانة سلطانها ودعامة أمنها القومي وعلو مكانتها بين الأمم وجلال هيبتها لدي أعدائها وخصومها. مقتطفات من كتاب ” البرلمان السوداني ، نظرات في التاريخ والسياسة ” ..صدر في عام ٢٠١٨م .

 

اترك رد