ميونيخ: «الشرق الأوسط»
شكل قرار بايرن ميونيخ الألماني بالاستغناء عن مدربه يوليان ناغلسمان ومنح مفاتيح المهام الفنية لمواطنه توماس توخل، صاعقة مدوية للوسط الرياضي الألماني، خصوصا أنصار ومنسوبي النادي.
وصل ناغلسمان في فترة ما بعد الظهر مع مستشاريه إلى مقر النادي البافاري حيث قضى قرابة ساعة من الوقت، قبل أن يعلن بايرن بعد قرابة الساعتين عن قراره.
شرح المدير الرياضي البوسني حسن صالح حميديتش: «كان هذا القرار الأصعب خلال وجودي كعضو مجلس إدارة للرياضة في بايرن ميونيخ. يؤسفني هذا الفراق مع يوليان. لكن بعد تحليل شامل للتطور الرياضي لفريقنا، خاصة منذ يناير (كانون الثاني) ومع تجربة النصف الثاني من الموسم السابق، قررنا الآن تحريره»، علماً بأنه تحدث قبل أيام عن «مشروع طويل الأمد».
أما المدير التنفيذي أوليفر كان أوليفر فقد كان تحدث عن تراجع في جودة اللعب، خاصة بعد العطلة الشتوية.
وصل ناغلسمان من لايبزيغ في صيف 2021 بعقد حتى 2026 مقابل صفقة قُدرت بين 20 و25 مليون يورو. لاستبداله، تعاقد القادة البافاريون مع توخل حتى صيف عام 2025، على أن يتم تقديمه السبت في مؤتمر صحافي.
في وقت سابق من الأسبوع الحالي، لم يبخل رئيس بايرن هيربرت هاينر في الثناء على ناغلسمان عندما أدلى بتصريح لصحيفة كيكر جاء فيه: «أجد أن يوليان متقدم (فنياً). هو مدرب رائع أظهر أمام باريس (سان جيرمان الفرنسي في ثمن نهائي دوري الأبطال) تفوقه التكتيكي والاستراتيجي على أعلى مستوى أوروبي».
بعد 5 أيام من الكلمات الشهيرة للرئيس، قامت إدارة العملاق البافاري بانقلاب بقياس 180 درجة.
فقبل شهر مليء بالمواعيد الرياضية المهمة في أبريل (نيسان) المقبل أبرزها الموقعة المنتظرة أمام بوروسيا دورتموند متصدر «بوندسليغا» بفارق نقطة عن بايرن، وأخرى في ربع نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا ضد مانشستر سيتي الانجليزي، يتساءل كثيرون ما الذي يمكن أن يكون قد دفع «ريكوردمايستر» إلى مثل هذا التحول في خضم استراحة دولية؟!
الحقيقة أن العلاقة تدهورت بين ناغلسمان وقائده مانويل نوير منذ إصابة حارس عرين بايرن وألمانيا بكسر في الجزء السفلي من ركبته اليمنى خلال ممارسته رياضة التزلج في بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي أبعده حتى نهاية الموسم.
وبعد طرد مدرب حراس المرمى منذ صيف 2011 توني تابالوفيتش والمقرّب جداً من نوير في يناير، عبّر قائد بافاريا عن غضبه الشديد في مقابلتين مع صحيفتي «أثلتيك» و«زود دويتشه تسايتونغ» قائلاً: «يبدو الأمر كما لو أن قلبي قد اقتُلع».
وخلال مؤتمره الصحافي التقليدي قبل المباراة في ليفركوزن الأسبوع الماضي، أبدى ناغلسمان انزعاجه من وجود «جاسوس» في فريقه، بعد تسرب خطط المباراة في صحيفة «سبورت بيلد» الأسبوعية.
حسابياً، يعيش بطل ألمانيا في المواسم العشرة الأخيرة في حقبة الفني الشاب البالغ 35 عاماً أسوأ موسم له محلياً منذ 11 عاماً، حيث حصد 52 نقطة فقط في 25 مباراة، ليحتل المركز الثاني في الدوري متأخراً بفارق نقطة خلف دورتموند. خسر زملاء توماس مولر ثلاث مرات هذا الموسم في الدوري، آخرها الأحد في ليفركوزن 1-2.
للمرة الأولى منذ موسم 2011-2012، عندما أفلت آخر مرة لقب الدوري من بايرن لصالح دورتموند، لا يجد البافاري نفسه في الصدارة قبل تسع مراحل من نهاية الموسم، بعد أن تنازل عنها لصالح غريمه الذي لم يذق طعم الخسارة منذ مطلع 2023 (9 انتصارات مقابل تعادل).
وبخلاف معاناته في الدوري، حقق عملاق بافاريا نجاحاً ساحقاً في المسابقة القارية الأم، مع سلسلة من 8 انتصارات توالياً ومواجهات ضد برشلونة الإسباني وإنتر الإيطالي في دور المجموعات وسان جيرمان في ثمن النهائي، انتهت جميعها بالفوز ذهاباً وإياباً من دون أن تهتز شباكه بأي هدف.
ومن الواضح أن الديناميكية في «بوندسليغا» غير مواتية لبايرن، إذ حصد دورتموند 10 نقاط أكثر منذ نهاية العطلة الشتوية، والأسابيع القادمة هي تلك التي تنطوي على جميع المخاطر، فاستضافة بوروسيا في الأول من أبريل المقبل أمر حاسم في سباق الرمق الأخير للتتويج باللقب. ثم مواجهة فرايبورغ بعد 4 أيام في ربع نهائي الكأس، وخاصة المواجهة القارية ضد سيتي.
المسألة الآن باتت متروكة بين يدي توخل لحسم الأمور بعدما انتهت مهامه في الأندية السابقة التي أشرف عليها على غرار دورتموند وباريس سان جيرمان وتشيلسي الإنجليزي بشرارات وإقالات. يقود حصته التدريبية الأولى الاثنين في ظل غياب معظم لاعبيه لانشغالهم مع منتخباتهم الوطنية.
هنا يعيد التاريخ نفسه مع توخل. فبعدما أقيل من نادي العاصمة الفرنسية في أواخر عام 2020، عُيّن مدرباً لتشيلسي بعد أسابيع في نهاية يناير، ليحرز لاحقاً لقب دوري الأبطال مع «البلوز». هذا كل ما يريده بايرن بعد هذه الثورة المفاجئة.
الشرق الأوسط