تقرير ــ محمد جمال قندول
انطلقت أمس الأحد ورشة الإصلاح الأمني والتي تستمر حتى بعد غد بحضور رئيس مجلس السيادة وقائد عام الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ونائبه بالمجلس وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو والأطراف الموقعة على الاطاري .
وحظي المحفل باهتمام سياسي وإعلامي لجهة ان انعقادها والذي جاء بعد ان تم تأجيله أكثر من مرة يرسم آخر حلقات الإطاري التي فيما يبدو من واقع المؤشرات يمضي صوب الخواتيم ولكن ايضا يصعب التنبؤ بمخرجاته وإمكانيات ان تكون الورشة مفتاح العبور لـ نجاح العملية السياسية أو القشة التي قد تفضي لانهيار الحل الجاري .
وتنعقد آخر الورش المدرجة ضمن مصفوفة العملية السياسية بالتزامن مع تمدد الرفض لـ الاطاري والتصعيد الذي أعلنته قوى الكتلة الديمقراطية مما يجعل الكثير من الأسئلة تتقافز الى الذهن ولعل أبرزها هل يحدث توافق عسكري مدني على توصيات أهم الورش وحال تمخض وفاق على مخرجاته بين العسكريين والمدنيين كيف سيمضون ببحار الإطاري وسط أمواج الرفض العاتية.
(1)
وقال رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بان الإصلاح الأمني والعسكري عملية سودانية خالصة وذلك لأنهم يريدون بناء قوات مسلحة ملتزمة بالمعايير التي ترتضيها الأنظمة الديمقراطية ، مؤكدا التزام الجيش بعدم وقوفه حجر عثرة أمام إصلاح الدولة السودانية وتابع البرهان بان القوات المسلحة في السودان يجب أن تكون تحت إمرة سلطة مدنية منتخبة.
مررنا بتجارب نستطيع أن نبني عليها”، وتعهد بألا يقف الجيش “حجر عثرة في سبيل إصلاح الدولة السودانية ، مشيرا الي أنهم يريدون بناء قوات مسلحة بعيدا عن السياسة والمشاركة في أي أعمال داخلية ما لم تطلب الحكومة.
ويقول الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء (م) أمين مجذوب بان انعقاد ورشة هيكلة القطاع الامني ظلت من المحاور العالقة ضمن ورش العملية السياسية ولذلك تركت بالختام حتى يتم التحضير لها وبدا واضحا أهميتها من خلال مخاطبة رئيس مجلس السيادة ونائبه وأضاف مجذوب لــ(الإنتباهة) : بانه تم التحضير للمحفل من خلال الأوراق المقدمة علي مدار ثلاثة أيام وهي الإطار النظري لـ الورشة كما انه سيتخللها اوراق تفصيلية من المكون العسكري والمدني خاصة بنواحي (ما هو الإصلاح ومن سيقوم به ، والدمج وغيرها ) ورغم ان الوقت المخصص لورش الإصلاح الامني قليل على حد تعبير محدثي الا انها مرحلة إقناع الرأي العام بان الأطراف المعنية جلست وتحاورت
ويشير اللواء أمين مجذوب الى ان عملية الدمج ستأخذ وقتا ليس بالقصير لا يقل عن ثلاث أو أربع سنوات وذلك لتشعب الدعم السريع وتمددها وعلاقاتها الإقليمية والدولية بجانب ان هنالك نصوصا باتفاقية جوبا للسلام خاصة بالحركات وبالتالي المنصوص عليه 29 شهرا بالاتفاقية تقترب من الأربع سنوات.
محدثي عرج للتعليق حول أبرز ما جاء بخطاب قائد عام الجيش ورئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقال بانه حمل رسائل متعددة أهمها الالتزام بالخروج من المشهد السياسي وإجراء الإصلاحات والدمج لكل القوات حتى يكون هنالك جيش واحد بعقيدة واحدة كما ورد بحديث البرهان عبارة مهمة (القوات المسلحة لن تخضع إلا لحكومة منتخبة) والمعنى هنا ان إداراتها خلال الفترة الانتقالية ستكون عسكرية وما بعدها ستكون مدنية ويتم تنفيذ ما تم التوافق عليه بعد الانتخابات وهو حديث وراءه إشارات عديدة.
(2)
مجموعة الرباعية والترويكا أصدرت بيانا ترحيبيا بانطلاقة ورشة الإصلاح الأمني والعسكري اليوم الأحد وأشارت أن مجلس الأمن يراقب العملية السياسية في السودان عن كثب وأشادت بجميع الأطراف الحاضرة في الورشة على التزامها، المسجل في الاتفاق السياسي الإطاري، برؤية جيش مهني وطني موحد واحد، يتم إصلاحه وتحديثه، تحت سيطرة مدنية ديمقراطية
وأصدرت المجموعة الرباعية والترويكا (النرويج، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية) بيانا مشتركا بمناسبة افتتاح ورشة العمل الخامسة والأخيرة من المرحلة النهائية للعملية السياسية ، كما حمل البيان ان معالجة القضايا القانونية والدستورية والسياسية حول دور القوات المسلحة وقوات الأمن الأخرى هي عنصر حيوي في أي انتقال من الحكم الاستبدادي إلى الديمقراطية.
وفي الأثناء قال نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع الفريق اول محمد حمدان دقلو خلال مخاطبته وقائع الجلسة الافتتاحية بان عملية الإصلاح الأمني والعسكري مهمة ليست سهلة، غير انه ذكر بانهم يسيرون صوب إقامة جيش سوداني موحد ، واعتبر دقلو بان قوات الدعم أنشئت وفقا للقانون الذي نظم عملها وحدد مهامها وان عملية دمجها في القوات المسلحة بحاجة إلى قوانين جديدة يصدرها المجلس التشريعي القادم ، وتابع بان الإصلاح يجب أن يشمل مؤسسات الدولة كافة ، مطالبا كذلك بإخراج بند الإصلاح الأمني والعسكري من السجال السياسي تماما واشار الى وجود الكثير من النماذج والأمثلة في عمليات إدماج الجيوش، والتي تأتي غالباً في ظروف مختلفة عن الواقع السوداني كما هو الحال في تجارب جنوب إفريقيا، والفلبين وزيمبابوي وناميبيا وغيرها من البلدان ، وزاد : يجب علينا الاستفادة من هذه التجارب، مع الأخذ في الاعتبار الفوارق الكبيرة بين جيوش تلك البلدان وحالة قوات الدعم السريع، التي أنشئت وفق قانون نظم عملها وحدد مهامها”.
(3)
وحظيت فعاليات انطلاقة محفل الامس اهتماما لافتا سواء كان على الصعيد السياسي او الإعلامي خاصة وانها جاءت بعد تأجيله لأكثر من مرة مع الإشارة الى ان ورشة الإصلاح العسكري والأمني هي آخر الخطوات ضمن متطلبات الاتفاق الإطاري..
مدير الإعلام العسكري الأسبق اللواء محمد عجيب قال ان الورشة انعقدت بتوقيت خاطئ وفهم مغلوط بمعنى ان هنالك بعض الإجراءات التي كانت يجب ان تسبق مثل هذا النوع من الأعمال المتعلقة بالقوات المسلحة وقد وقع القائمون على امر هذه الورشة بخطأ استراتيجي بمعنى ان هذا الامر يعني إصلاح القوات المسلحة وهو شأن عسكري بحت لا يتم النقاش حوله من قبل مدنيين كما ان واحدة من الأخطاء التي وقعت فيها هذه الورشة هو غموض معنى الإصلاح او بمعنى أدق .. من هم المعنيون بالإصلاح .
واضاف عجيب بانه من خلال التصريحات والمعلومات التي رشحت من قبل المعنيين بهذا الأمر ان قوى الحرية والتغيير تعنى بإصلاح القوات المسلحة وإبعاد الخصوم السياسيين ، المتوهمين من القوات المسلحة وهذا الأمر لا علاقة له بإصلاح الجيش حيث كان من الأحرى على القائمين بأمر هذه الورشة ان ينصرفوا لعملية الإصلاح لأحزابهم والممارسة السياسية بما يسمح بالخروج بالبلاد من الأزمة التي تمر بها وأن يتركوا الشأن العسكري وإصلاح الأجهزة النظامية لأهل الشأن من العسكريين.
وكان المكونان المدني والعسكري قد أبرما اتفاقا إطاريا مطلع ديسمبر الماضي أفضى الى عملية سياسية برعاية اقليمية ودولية تمضي صوب خواتيمها نصت على 5 ورش ومن ضمنها الإصلاح الأمني والذي بدأ أمس الأحد ويشارك فيه ممثلو القوات النظامية والقوى السياسية وحركات الكفاح المسلح، ومتقاعدو القوات النظامية وعدد من المختصين الوطنيين.
ويعود الخبير الأمني والاستراتيجي محمد عجيب ويواصل في معرض تعليقه ويرى بان فرص نجاح الورش المنعقدة تكاد تكون معدومة وأن مخرجاتها ستذهب للأدراج المغلقة ولن ترى النور لجهة ان الجيش لديه مفاهيم ورؤى مختلفة أدناها ان القوات المسلحة تتحدث عن تطوير مؤسستها وليس إصلاحها وبالتالي ليست هنالك نقاط تلاقي بين العسكريين والمدنيين في هذا الأمر .
(4)
الخبير والمحلل السياسي أحمد موسى عمر بدوره قال لــ (الإنتباهة) بان انعقاد ورش الإصلاح الأمني أهم ما جاء فيها حديث قائد عام الجيش والذي اشار الى ضرورة تبعية القوات المسلحة للحكومة المنتخبة الأمر الذي يؤكد بان العلاقة بين القوى المدنية والعسكرية بالمرحلة الانتقالية تحتاج لمزيد من الحوار بما يحفظ للمؤسسة العسكرية قوميتها والاستقرار خاصة وان الوقت الحالي استثنائي وان أي حكومة ستشكل وفق اتفاق سياسي وليس تفويضا شعبيا.
واعتبر محدثي بان محفل الأمس فرصة للحوار العسكري وإجراء الإصلاحات الهيكلية وفق الخطط والبرامج المرسومة بواسطة الجهات الفنية كما انها تمثل سانحة طيبة لإجراء مراجعات لأعرق مؤسسة قومية بالبلاد والتي يجب ان تتم بواسطة المختصين بالشأن الأمني والعسكري.
ويضيف الخبير والمحلل السياسي احمد موسى عمر بان ورشة الإصلاح الأمني مرهون به نجاح العملية السياسية برمتها الأمر الذي يجعلها محل اهتمام شعبي وإعلامي كبير حتى تختتم أجندته غدا الثلاثاء .
ويشير موسى الى ان ما تم بالأمس كان به بعض النواحي الايجابية مثل التقاء خطابي البرهان وحميدتي بان الإصلاح الأمني والعسكري هي عملية فنية أمنية تقوم بها المؤسسات النظامية من الملمين بالعقيدة والقوانين ويجب ان يتم تحصينها من التدخلات السياسية خاصة في ظل حكومات غير منتخبة .
وبانتهاء ورش الإصلاح الأمني تكون العملية السياسية قد أكملت مصفوفتها وتمضي لغاياتها رغم التعقيدات التي تعترض طريقها ومن ضمنها اتساع رقعة الرافضين وإعلانهم التصعيد حيال الإطاري وفي مقدمتهم الكتلة الديمقراطية ، وكان الناطق باسم العملية السياسية خالد عمر موسى قد أعلن بتصريحات صحفية أمس الأول (السبت) الانتهاء من صياغة مسودة الاتفاق النهائي لحل الأزمة في البلاد وأشار الى ان المسودة الأولية استندت إلى مرجعيات محددة، هي الاتفاق الإطاري والإعلان السياسي الذي نوقش مع القوى غير الموقعة، ومسودة الدستور الانتقالي، وتوصيات المؤتمرات الأربعة التي عقدت ضمن المرحلة النهائية للعملية السياسية
الانتباهة