مقاطعة قوى ثورية ومسلحة للعملية السياسية في السودان تهدد بفشلها

محللون يرون أن "فرص نجاح الاتفاق النهائي، رغم الإعلان عن الجداول الزمنية للتنفيذ، تظل متساوية مع فشل تحقيق ذلك"

0

 

رغم تحديد الأطراف السودانية شهر أبريل المقبل موعدا لميلاد حكومة مدنية تستكمل معها الفترة الانتقالية في انتظار الوصول إلى الانتخابات، يشكك مراقبون في قدرة الفرقاء على تنزيل اتفاقهم على أرض الواقع في ظل مقاطعة قوى ثورية ومسلحة للعملية السياسية الجارية.

 

وتمثل حركات مسلحة وكيانات سياسية، بعضها يتواجد في الحكم، تيار غير الموقعين على الاتفاق الإطاري الذي يمهد للتسوية السياسية المرتقبة.

 

ويقود الكتلة الديمقراطية مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان، وجبريل إبراهيم، وزير المالية، رئيس حركة العدل والمساواة، وتحالف العدالة والديمقراطية برئاسة مبارك أردول، مدير شركة الموارد المعدنية (الحكومية)، والحزب الاتحادي الديمقراطي – فصيل جعفر الميرغني، مساعد الرئيس السابق عمر البشير حتى سقوط النظام في أبريل 2019.

 

وترفض هذه القوى السياسية التوقيع بشكل منفرد، وتريد التوقيع ككتلة واحدة، وهو الشرط الذي ترفضه القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، وعلى رأسها قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم سابقا) التي تطالب بالتوقيع لكل حزب أو حركة بشكل منفرد.

 

 

 

عثمان فضل الله: فرص نجاح الاتفاق النهائي مساوية لإمكانات فشله

عثمان فضل الله: فرص نجاح الاتفاق النهائي مساوية لإمكانات فشل

وفي 20 مارس الجاري قال الأمين السياسي للكتلة الديمقراطية أركو مناوي “موقفنا واضح ومرهون بالمشاركة بالكتلة الديمقراطية بكل القوى السياسية المنضوية تحتها”. وأضاف “نرفض أيّ إقصاء وتشكيل أي حكومة بهذه الطريقة”.

 

وظلت القوى الرافضة للاتفاق السياسي بين العسكر والمدنيين على موقفها السابق “لا تفاوض.. لا شراكة.. ولا شرعية”، حيث ترفض أي تفاوض مع الجيش.

 

واستمر هذا الرفض ليشمل الاتفاق الإطاري، وتقود هذه القوى الاحتجاجات في العاصمة الخرطوم ومدن البلاد منذ 25 أكتوبر 2021.

 

وتضم هذه القوى الحزب الشيوعي السوداني، وحزب البعث العربي، وتجمع المهنيين السودانيين، ولجان المقاومة.

 

وفي 20 مارس قال الحزب الشيوعي “نرفض الاتفاق الإطاري وأي تسوية سياسية هادفة إلى تصفية الثورة والإفلات من العقاب، وتكريس وجود العسكر في السلطة، تحت مسمى المجلس الأعلى للقوات المسلحة”.

 

وتهدف العملية السياسية الجارية إلى حل أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر 2021، حين فرض قائد الجيش عبدالفتاح البرهان إجراءات استثنائية، منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ.

 

واعتبر القيادي في الحرية والتغيير محمد عبدالحكم أن “وصول السودانيين إلى المحطات الأخيرة في العملية السياسية يمثل حلقة جديدة من سلسلة نجاحات القوى السياسية المدنية في مسعاها الرئيسي لإنهاء الانقلاب واستعادة التحول المدني الكامل”.

 

وقال عبدالحكم “مع تشكيل لجنة لصياغة الاتفاق السياسي النهائي، وتحديد مواقيت التوقيع، وتشكيل السلطة المدنية، نكون بلغنا مرحلة جديدة في مسار إنهاء الانقلاب عبر آليات سياسية حققت الهدف المصبو إليه”.

 

وذكر أن “التوصل إلى تفاهمات للقوى المدنية مع المجتمع الدولي، ووعود منظمات التمويل الدولية بإعادة انسياب المنح المخصصة لدعم الموازنة العامة، ومنح تطوير البنى التحتية ستحدث انفراجة تدريجية على المستوى الاقتصادي”.

 

 

وأضاف “سيشكل هذا الدعم إسنادا كبيرا للسلطة المدنية، ويحفز على الالتفاف الشعبي حول خيار الدولة المدنية وخروج العسكر من المشهد السياسي والاقتصادي، وسيضيف رصيدا جديدا إلى صف داعمي التحول المدني الكامل”.

 

وقال إن “موقف القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري لا يزال في مسعاه للتواصل المستمر مع حركتي جبريل ومناوي، باعتبارهما من الأطراف المحددة مسبقا كأطراف في العملية السياسية”.

 

القوى الرافضة للاتفاق السياسي بين العسكر والمدنيين ظلت على موقفها السابق “لا تفاوض.. لا شراكة.. ولا شرعية”

 

وأردف “نعتقد أن على هذه القوى أن تنخرط في العملية السياسية لمصلحة الوطن، وإن تمسكوا بمواقف الرفض فهذا سيكون أمرا مؤسفا، لكن المؤكد أن قطار العملية السياسية سيمضي إلى نهاياته دون أن يتوقف كثيرا في محطة الانتظار”.

 

ويرى المحلل السياسي عثمان فضل الله أن “فرص نجاح الاتفاق النهائي، رغم الإعلان عن الجداول الزمنية للتنفيذ، تظل متساوية مع فشل تحقيق ذلك”.

 

ويقول فضل الله “فرص نجاح الاتفاق النهائي في الوصول إلى غاياته تبقى 50 في المئة، ومتساوية مع نسب الفشل في ذلك، رغم صدور الجداول الزمنية للاتفاق، (بما فيها) تشكيل الحكومة في 11 أبريل المقبل”.

 

ويستطرد “الجيش، رغم قبوله بالجدول الزمني للاتفاق النهائي، تدل تصريحات قادته على عكس ذلك، وهذا يفتح الباب أمام توتر جديد في المشهد قد ينسف الاتفاق مع المدنيين في أي لحظة”.

 

 

ويشير فضل الله إلى أن القوى غير الموقعة على الاتفاق في “الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية”، إذا مضى الاتفاق إلى نهاياته ستوقع مجبرة لأنها لا تملك خيارا آخر غير التوقيع.

 

وفي المقابل يرى المحلل السياسي خالد الفكي أن “هناك أملا في أن يفضي الاتفاق إلى نهايته رغم وجود عقبات، تتمثل في رفض القوى الثورية، وقوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية، وكذلك التيارات الإسلامية”.

 

وأكد الفكي على ضرورة عدم الإسراف في الأمل بأن الاتفاق سيذهب نحو التنفيذ الكامل، واعتبر أن “العثرات ستظل حاضرة أمام الاتفاق”.

 

وأشار إلى أن “الإرادة السودانية -بالإضافة إلى الدعم الإقليمي والدولي للاتفاق- يمكن أن تحقق تراضيا كاملا يذهب بالاتفاق إلى نهايته، وصولا إلى الانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية”.

 

العرب

اترك رد