لقد عاش دونالد ترامب حياته كلها كما لو أنه يحاول إثبات النظرية التي تقول إن أي ضجة إعلامية هي دعاية جيدة. ومثوله أمام المحكمة يوم أمس كمتهم جنائي، تجسيد لهذه النظرية.
هذه القضية أعادته بالتأكيد إلى دائرة الضوء. فقد نُقِلت رحلته من (مار إيه لاغو) مقر إقامته في فلوريدا، إلى نيويورك، على الهواء مباشرة عبر العديد من محطات التلفزيون الأمريكية. ومن الواضح أنه كان يناقش مع مستشاريه كيف ينبغي أن يظهر طوال إجراءات المحاكمة، هل عليه أن يبتسم بتحدٍ أم يبدو كئيبًا وجادًا؟
سواء أعجبك ذلك أم لا، فإن موعد المحاكمة هذا، هو أيضًا من فعاليات الحملة الانتخابية. والسؤال الأبرز هنا حول إمكانية ترامب حقًا بتحويل الملاحقة الجنائية إلى دعاية انتخابية.
منذ إعلان لائحة الاتهام ضده الأسبوع الماضي، تتفاخر حملته بحجم الأموال التي جمعتها، والتي تقول إنها تخطت 8 ملايين دولار، على حد إعلانها.
وتستشهد حملة ترامب باستطلاعات الرأي التي تشير إلى تقدمه على خصومه الجمهوريين في الترشح للرئاسة.
ليس من الواضح إذا ما كانت شخصية عامة ومعروفة مثل ترامب ستحتاج إلى صورة كتلك التي تلتقطها الشرطة للمحتجزين، لكن المتحدث السابق باسم البيت الأبيض هوغان غيدلي قال مازحا: “إنها ستكون الصورة الأكثر رجولة وذكورية ووسامة عبر التاريخ”.
من المتوقع أن تأتي مثل هذه الأوصاف بالشجاعة الذكورية من معسكر ترامب، لكن المثير للاهتمام هو شعور خصوم ترامب السياسيين داخل الحزب الجمهوري بأنهم مضطرون للدفاع عنه.
فقد صرح حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، قائلا: “إن تحويل النظام القانوني إلى سلاح من أجل أجندة سياسية يقلب سيادة القانون رأسًا على عقب”، مضيفًا أنه لن يساعد في حال كان هناك طلب بتسليم ترامب من فلوريدا إلى نيويورك.
أما نائب الرئيس السابق مايك بنس فقال إن لائحة الاتهام بعثت “رسالة مروعة” إلى العالم بشأن العدالة الأمريكية.
من الواضح أنهم يعتقدون أن هذا ما يريد ناخبوهم سماعه.
لذلك، ربما يستطيع ترامب استخ
دام المحاكمة الجنائية لصالحه خلال الانتخابات التمهيدية عندما يصوت الجمهوريون المخلصون.
لكن نفس التكتيك قد يأتي بنتائج عكسية عندما يتعلق الأمر بالانتخابات العامة.
عبر الولايات الأمريكية، من جورجيا إلى ويسكونسن، تحدثتُ إلى عدد كبير جدًا من المستقلين والناخبين المتأرجحين الذين قالوا: “على الرغم من إعجابنا بسياسات ترامب عندما كان في منصبه، إلا أننا سئمنا الآن من الفوضى والدراما التي تحيط به”.
وبتحويل المحاكمة إلى مشهد سياسي، فإنه يخاطر بإبعاد الناخبين أنفسهم الذين يحتاج إليهم للعودة إلى البيت الأبيض في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
جون ماكويغان هو مؤيد قوي لترامب، التقيتُ به خارج برج ترامب في مانهاتن يوم الاثنين.
أخبرني أنه يعتقد أن هذه القضية ستساعد حملة ترامب الرئاسية.
وقال: “أولئك الذين كانوا مقتنعين بالفعل بأن دونالد ترامب شيطان متجسد بهيئة إنسان، لن يتأثروا بالنتيجة، كما لن يتأثر مؤيدو ترامب المخلصون”.
لكنه يعتقد أنه “بالنسبة لأولئك الناخبين الذين يقفون في المنتصف، قد ينتهي بهم المطاف إلى أن يصبحوا مصدر قوة، بدلا من التأثير سلبًا على حملة ترامب لعام 2024”.
سارة سميث
محررة شمال أمريكا