Site icon اسفير نيوز

عقارات السودان الفاخرة.. تعاني كساداً حاداً وسط شبهات غسل أموال

 

لا يقتصر الكساد الحاد الذي تعانيه أسواق السودان منذ نحو 3 أعوام على قطاعات بعينها، بل ضرب أيضا سوق العقارات، والفاخرة خاصة، رغم بعض التدابير المتقطعة لتحفيز الإقبال على العقارات العادية التي يحركها لجوء سماسرة وتجار إليها محاولين حفظ قيمة أموالهم هربا من خسائر تدهور الجنيه أمام الدولار.

 

تاجر العقارات في منطقة كافوري بالخرطوم بحري ياسر عثمان قال لـ”العربي الجديد” إن هنالك ركودا كبيرا في سوق العقارات الفاخرة بيعا وشراء، فضلا عن إنشائها من أساسه، محملا المسؤولية إلى غياب المواقع المتميزة والخدمات من مياه وكهرباء وطرق معبّدة.

 

وذكر عثمان أن بعض الشركات العقارية حاولت الاستثمار في الأبنية الفاخرة، لكنها تراجعت لاصطدامها بالمعوقات المشار إليها، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وعجز غالبية المواطنين عن شراء أو استئجار مثل هذه العقارات.

 

شكوى من غلاء أسعار العقارات في الخرطوم

وأشار عثمان إلى تباين أسعار العقارات الفاخرة بمنطقة كافوري حسب المساحة والموقع والمربعات، مبينا أن سعر الفيلا الواحدة من طابقين أرضي وأول مساحة بين 400 و450 مترا مربعا يتراوح بين 400 و750 ألف دولار. كما أن سعر فيلا بمساحة بين 600 و750 مترH أو أكثر يتراوح بين 650 و850 ألف دولار.

 

وأكد ضعف الإقبال على شراء مثل هذه العقارات أو إيجارها، كما على الشقق الفاخرة التمليك، والتي يتراوح سعرها بين 850 و1100 دولار في مساحات بين 154 و220 و240 مترا، مؤكدا أن أكثر الفئات إقبالا هم المغتربون والعاملون في قطاع المعادن.

 

واستبعد المتحدث ذاته حدوث عمليات غسل أموال في سوق العقارات الفاخرة بالخرطوم لمحدودية وج,دها والإقبال عليها.

 

 

تاجر العقارات في الخرطوم محمد علي الصادق، لفت في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى خلو عدد كبير من العمارات والعقارات الفاخرة المشيدة في الخرطوم من المواطنين والشركات، بسبب ارتفاع بدلات إيجاراتها الدولارية.

 

وأشار الصادق إلى أن الإيجارات تنشط نسبيا خلال موسم عودة المغتربين، خاصة المقيمين في الدول الأوروبية وأميركا، لتعاود الركود مجددا بفعل ارتفاع أسعارها، تبعا لتذبذب الدولار في السوق الموازي، والذي بلغ 590 جنيها سودانيا.

 

بدوره، تاجر العقارات بالخرطوم بحري نقدالله علي أشار، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى زيادة المعروض من العقارات الفاخرة في الأحياء الراقية ببحري وأم درمان وتراجع إيجاراتها وتمليكها بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، التي ادت إلى شلل كامل في القطاعات كافة، بما فيها العقاري، لافتا إلى تزايد هجرة أغلب المستثمرين الوطنيين باستثماراتهم إلى خارج البلاد.

 

وشكا تاجر العقارات أبو دجانة شيخ العرب في الخرطوم، لـ”العربي الجديد”، من شلل حركة البيع والشراء للإسكان الفاخر التي انخفضت إلى أقل من 15%، مبينا أن غالبية المشترين هم من فئة المغتربين فقط.

 

ولفت إلى تراجع سعر متر القطعة الفاخرة بالرياض من 1000 إلى هامش بين 650 و700 دولار، والفيلا من مليون و500 ألف دولار إلى 900 ألف بمساحة 600 متر بسبب ضعف القوى الشرائية.

 

أما منطقة شرق النيل ببحري، فيختلف سعرها حسب المربعات، مبينا أن سعر المنزل الفاخر في حي الهدى يتراوح بين 220 و250 ألف دولار، في حين أن أسعار المخططات الاستثمارية فتشهد تباينا حسب الموقع.

 

المحلل الاقتصادي هيثم فتحي قال لـ”العربي الجديد” إن العقارات سوق متقلب وجاهز للمضاربات بسبب غياب الاستقرار الاقتصادي عن قطاعاته الصناعية والزراعية والخدمية، ما دفع العاملين في هذه القطاعات إلى هجرة نشاطهم إليها لحفظ قيمة المدخرات ورأس المال، لكونها المكان الآمن للمضاربة لسرعة وضمان عائدها الربحي.

 

كذلك، أشار فتحي إلى أن الهجرة من الريف إلى الحضر عام 1975 كانت تقدر بـ14%، ثم ارتفعت عام 2015 إلى 49%، وتبلغ الآن 50%، وهذا ساهم في تنشيط تجارة العقارات في المدن، لحاجة المواطن للخدمات، والتي لا تتوافر إلا في المدن والعاصمة، ما تسبب في ارتفاع كبير في أسعار العقارات سابقا، خاصة الفاخرة، وعمّق من الركود فيها.

 

شكوك بتبييض أموال عبر العقارات في السودان

واستطرد فتحي قائلا: “إذا لم تكن هنالك رقابة مصرفية على مصادر الأموال، فإن سوق العقار يمكن أن يكون من وسائل غسل الأموال، خاصة أن السودان حدوده مفتوحة مع جيرانه وتقل فيه الرقابة الأمنية”.

 

وقال تاجر عقارات في وقت سابق لـ”العربي الجديد” إن الكساد اضطر الشركات لبيع العقارات بأرخص الأسعار لتزايد العرض وقلة الطلب، مشيرا إلى هجرة عدد من السماسرة للعمل في الخارج، خاصة في مصر وتركيا ودول الجوار الأخرى، من أجل حماية رؤوس أموالهم من التآكل.

 

من جهته، المحلل ياسر أحمد الكردي أشار لـ”العربي الجديد” إلى “انقسام السودانيين اﻵن في معيشتهم وتفاصيل حياتهم إلى حزبين، حزبُ أقلية تستمعُ وتستأثرُ بكلِّ شيء، يقابله حزب أغلبية محرومة من أي شيء”.

 

وأوضح الكردي أن “الفئة اﻷولى التي قد لا تتخطى 10% من مجموع السكان، صعد معظم أصحابها عبر طرق غير مشروعة مثل الاتجار في المخدرات واﻷسلحة ومُضاربات النقد اﻷجنبي، إضافة إلى آخرين كنزوا مئات المليارات من الجنيهات عبر التجاوزات الجُمركية وما شابهها من إعفاءات حكومية، وبالتالي كوّن هؤلاء ثروات خلال فترةٍ وجيزة جداً، ولشرعنة هذه اﻷموال وحفظ قيمتها لجأوا إلى إنشاء مبان فاخرة”.

 

كما أشار إلى أن “هناك فئة قليلة حالفها الحظ في جمع ثروات ضخمة من خلال عملها في تعدين الذهب خلال العقدين الأخيرين، في حين أن آخرين صعدت بهم صفقات تجارية نظيفة، لكن تبقى الحقيقة أن ثورة اﻹنشاءات الهائلة ممثلة في الفيلات والعمارات الراقية التي ظهرت مؤخراً في العاصمة الخرطوم وبعض مدن الوﻻيات، جعلت الكثيرين يتساءلون عن أصحابها ومصادر ثرواتهم رغم التدهور المُريع الذي يُعاني منه اقتصاد السودان”.

 

العربي الجديد

Exit mobile version