دبلن «الشرق الأوسط»
بعد أيام من إعلانه عزمه الترشح لولاية ثانية، اختار الرئيس الأميركي جو بايدن تسليط الضوء على جذوره الآيرلندية في زيارة استمرت أربعة أيام إلى آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا.
واختتم بايدن، أمس، رحلته التي وصفها الآيرلنديون بـ«التاريخية» بزيارة موقع كاثوليكي في نوك، قبل التوجه إلى البلدة التي يتحدر منها أجداده.
وتحمل هاتان الزيارتان معاني عائلية ودينية كثيرة بالنسبة لبايدن. واختار الرئيس الكاثوليكي الثاني فقط في تاريخ الولايات المتّحدة بعد كينيدي، التوقف في مزار «نوك» الذي يحظى بشعبية منذ ادّعى سكانه رؤية ظهور لمريم العذراء في عام 1879، ليصبح ثاني أبرز شخصية يزوره منذ البابا فرنسيس في عام 2018.
توجه الرئيس الأميركي، الذي لطالما تغنّى بجذوره الآيرلندية من جهة والدته، بعد ذلك إلى بلدة بالينا التي غادرها أسلافه منتصف القرن التاسع عشر ليستقروا في بنسلفانيا بشرق الولايات المتّحدة.
وقبيل إلقائه خطاباً أمام آلاف السكان الذين خصصوا له ترحيباً حاراً، انتشرت أعلام أميركية في أرجاء البلدة الصغيرة بينما بدا الحماس واضحاً على المقيمين فيها.
وما زال أقارب لبايدن يعيشون في المنطقة، بينهم ابن عمّه الثالث جو بلويت الذي يعمل سباكاً. وقال بلويت (43 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «هذا يوم نشعر فيه بالفخر لعائلتنا ولآيرلندا»، موضحاً أنّ «بالينا تعني الكثير» لبايدن.
لم يتردد بايدن، طيلة زيارته التي استمرت أربعة أيام إلى الآيرلندتين، في التعبير عن ارتباطه بجذوره.
واستهلّ خطاباً ألقاه أمام البرلمان الآيرلندي، الخميس، بالقول «أنا في دياري» باللهجة الآيرلندية.
وقد بدا عليه التأثّر خلال الخطاب، خصوصاً عندما استذكر والدته، قبل أن يشيد بـ«متانة» الروابط بين آيرلندا والولايات المتحدة،.
وبالقيم المشتركة للبلدين على غرار «الحرية والعدالة والكرامة والعائلة والشجاعة».
ولا يخلو هذا التعلّق بالجذور من دوافع سياسية، خصوصاً أن بايدن يعتزم الترشّح لولاية رئاسية جديدة في انتخابات 2024.
فطفولته التي قضاها في كنف عائلة آيرلندية متماسكة تتيح له تلميع صورته كرئيس متحدّر من أوساط متواضعة وكادحة.
وهو ما من شأنه ربّما أن يستميل أصوات 30 مليون أميركي يقولون إنهم متحدّرون، مثله، من آيرلندا.
وتتيح الهجرة الآيرلندية لبايدن أن يركّز على خطابه المفضّل، ولا سيما الوعود و«الإمكانات» في الولايات المتحدة و«الإيمان» بالمستقبل واستعادة «الكرامة».
وفي مقابل حرارة الاستقبال الذي حظي به في جمهورية آيرلندا، واجه بايدن انتقادات حادّة حيال تعاطيه مع الجزء الأول من رحلته إلى آيرلندا الشمالية رغم حرصه على التذكير بجذور والده البريطانية.
وفي حين شارك بايدن في إحياء الذكرى الـ25 لاتفاق الجمعة العظيمة، لم يخصص سوى لقاء سريع مع رئيس الوزراء البريطاني في بلفاست،.
بينما طغت على زيارته القصيرة للمقاطعة البريطانية اتّهامات وجّهها إليه الوحدويون الموالون للمملكة المتّحدة بأنه «معاد لبريطانيا».
وحضّ بايدن الحزب الوحدوي الديمقراطي على إنهاء مقاطعته للهيئة التشريعية، في مقابل وعد بقيام «عشرات الشركات الأميركية الكبرى» بالاستثمار في المقاطعة إذا عاد الاستقرار السياسي.
كما دعا المملكة المتّحدة إلى التعاون «بشكل أوثق» مع آيرلندا لحفظ السلام في مقاطعة آيرلندا الشمالية، بعدما أضعفت هذا التعاون التوترات الناجمة عن «بريكست»