تحليل _ عميد م/ ابراهيم عقيل مادبو
1/ يجب علينا الحذر من مثل هذه المصالحات التي تقوم بها الدول الراعية للإتفاق بناء على مصالحها، أو بحسب رؤية استراتيجية مستقبلية تضمن لها الإستفادة من مصالح قد لا تكون منظورة للبعض، فمثلاً خطوة المصالحة التي قام بها اردوغان بين اثيوبيا والصومال على خلفية تدهور العلاقات بين الدولتين بسبب إبرام إثيوبيا اتفاقا مع إقليم “صوماليلاند” المنشق عن الصومال في الأول من يناير 2023م لإستخدم أحد موانئ “صوماليلاند” لعدم وجود منفذ بحري لأثيوبيا، .
حيث استطاع اردوغان انتزاع موافقة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود للجلوس مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والسماح بعقد اجتماعات تتوج بحصول اثيوبيا على ميناء بحري في الصومال للتصدير والإستيراد، وهذا يتماشى مع مطالب إثيوبيا بالوصول إلى البحر، خاصة وأن الرئيس اردوغان أشار إلى تطلعهم لضمان السلام والاستقرار في بين البلدين ووقف التوترات،
وهذا حديث سياسي عام يخفي وراءه تطلع تركيا لتحقيق مصالحها في اثيوبيا فالكثيرين لا يعلمون أن لتركيا استثمارات ومشاريع اقتصادية ضخمة في اثيوبيا وتريد أن تكون لأثيوبيا منفذ بحري للتصدير حيث تحتل تركيا المرتبة الثانية في الإستثمار داخل اثيوبيا ولديها أكثر من 200 شركة تجارية في مختلف القطاعات مثل البناء والصناعات الدوائية والغذائية والزراعية، .
إضافة إلى شراكات ثنائية في الصناعة والتعليم حيث تتولى تركيا إدارة وقف المدارس التي كانت مرتبطة بتنظيم “غولن” الإرهابي في الخارج، وقامت بإنشاء مدارس ومراكز تعليمية جديدة، وتبلغ صادرات تركيا إلى إثيوبيا من الحديد الصلب والمنتجات الأخرى حوالي 300 مليون دولار خلال العام ويستعد البلدين لزيادة حجم التبادل التجاري بينهما وإبرام اتفاقية التجارة التفضيلية (منح الأولوية للمنتجات التركية في أسواق إثيوبيا).
2/ بالنسبة لنا في السودان فمآلات هذه المكالمة بين الرئيس التركي ورئيس مجلس السيادة الفريق أول البرهان يجب أن يُنظر إليها في إطار الحرب الدائراة الأن في السودان.
3/ أقترح أن يتم اخضاع فحوى المكالمة وموضوع الوساطة ومسألة قبول الأمارات بها للدراسة والتحليل، وأن يتم بحث الموضوع برمته عبر مجموعة Think tank أو ورشة عمل استشارية سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية تضم مدنيين وعسكريين وأمنيين، فالأمر هنا يتعلق بالأمارات وما ادراكما الأمارات، ودورها المريب في السودان يتطلب التروي حتى لا تفلت من العقاب بسبب جرائمها في السودان، فحجم خسائر الحرب التي أججتها وزادتها اشتعالاً كبير وخطير وضخم، ويبدو أنها فتحت قناة تواصل لتستغل أردوغان عبر مغازلة المصالح التركية في السودان، ومن الواضح أن الأمارات تريد الدخول عبر باب المصالح لتحقيق أهدافها في السودان بعد أن عجزت عن تحقيقها من باب دعم مليشيا الدعم السريع المتمردة وتنسيقية تقدم.