اسفير نيوز : الصيحة
صلاح مختار
اتفاق اعلان المبادي جرت مراسم توقيعه بجوبا بين رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحركة الشعبية قطاع الشماع عبد العزيز الحلو، بحضور الوساطة الجنوب سودانية يتقدمها راعي السلام في السودان الفريق سلفاكير ميارديت، أعاد للأذهان حملة النقد التي جوبه بها رئيس الوزراء عندما وقع مسودة اتفاق مع الحلو بأديس أبابا حوت ضمن بنودها مدنية الدولة.
هناك من يرى أن مجرد تصور حكومة مدنية يعني التخلي عن الإسلام وتعاليمه، في وقت يضم فيه السودان هويات وإثنيات متعددة من حقها أن تحظى بكامل حقوقها وواجباتها أسوة بنظرائها اللآخرين.
(الصيحة) التقت بالسفير عبد الباقى كبير مدير المركز الدبلوماسي بوزارة الخارجية، وهو سفير قادم من مناطق جبال النوبة إحدى مناطق السودان التي عانت التهميش، أنصفه السلام في أن ينال حقه ملتحقاً بمؤسسات الدولة. ويرى كبير أن اتفاق جوبا طوى صفحة الحرب وإعلان المبادئ مثّل الحلقة الأخيرة فيه، وانتقد من أسماهم بالأوصياء على السودان وشعبه، واعتبر ما يثار عن العلمانية كلمة حق أريد بها باطل وأن الحقوق يجب أن يتساوى عندها الجميع، لافتاً إلى أن التدين شخصي والمولى عز وجل يحاسب الناس فرادى..
هذا وغيره مع السفير كبير في الحوار القصير التالي:
السفيرعبد الباقى كبير مدير المركز الدبلوماسي بوزارة الخارجية لـ(الصيحة):
العلمانية كلمة حق أريد بها باطل والبعض يفترض الوصاية على الآخرين
اتفاق جوبا طوى صفحة الحرب وإعلان المبادئ مكمل له
كيف تنظر لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين البرهان والحلو بجوبا؟
أولاً، لابد من الإشارة إلى أن هذا الاتفاق طوى صفحة من الاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، ثانياً، الاتفاق يؤسس لقاعدة مهمة جدًا وهي أهمية الجلوس لمخاطبة جذور المشكلة السودانية منذ الاستقلال، وبالتالي وضع الحلول النهائية لأسس الصراع، وأن توقيع أعلان المبادئ هذا يعد مسعىً جيداً لتكملة الحلقة الأخيرة لمعالجة قضايا الاحتراب الداخلي في السودان باعتبار أن اتفاق جوبا تناول جزءًا كبيرًا من قضايا الخلاف حول كيف يُحكم السودان وآلية تضافر جهود كل أبناء وبنات السودان لنهضته، ولكن بلا شك تبقت بعض القضايا دون حل.
إذن إعلان المبادئ الذي تم التوقيع عليه بالأمس القريب في تقديرك مكمل للاتفاق؟
نعم، الآن الاتفاق الإطاري نظر في ما تبقى من قضايا وانشغالات الحركة الشعبية بقيادة القائد عبد العزيز الحلو، أبرزها إدارة التنوع الثقافي والديني في السودان بطريقة تحفظ حقوق كل مواطن سوداني، بحيث لا تفرض ثقافة على أخرى وأن يكون الجميع على أرضية متساوية من الحقوق والواجبات وأن الوطن للجميع ويسع الكل.
ولكن هناك من صوب انتقادًا لاذعاً للاتفاق واعتبره بسطاً للعلمانية ومحاربة للدين الإسلامي.. كيف ترد على هؤلاء؟
البعض يفترض الوصاية على الأخرين، التركيز على العلمانية حق أُريد به باطل، الدولة يجب أن تعبّر عن جميع مواطنيها وليس عن ثقافة أو دين بعينه. والقوانين منوط بها حفظ حقوق كل مواطن على قدم المساوة وضمان الحق في التعبير عن هويته ودينه، والسودانيون لحظة الواجب ينحازون لبعضهم البعض، ولكن لابد من المساواة في الواجبات والحقوق، وهذا جوهر الدولة المدنية.
إذن الدولة المدنية مهمة لإدارة التنوع في السودان؟
بالتأكيد، ولابد من وضع الأسس والمفاهيم التي تحفظ حقوق كل إنسان وأن تكون الحقوق متساوية. والدولة المدنية تحفظ كل الحقوق، خلافاً لنموذج الدولة الشمولية التي تهضم حقوق الآخرين وتكرس لعلو ثقاقات وهويات على الأخرى، وما حدث في السودان من ثورة تغيير أسهم فيها كل أبناء الوطن تراكمياً بمختلف توجهاتهم السياسية وتنوعهم الثقافي والإثني وواجهوا كل التحديات، ولذلك يجب أن ينال الكل حقوقهم .
هناك من يرى أن إعلان المبادئ بمثابة إبعاد للدين كيف ترد عليهم؟
الاتفاق يعطي كل إنسان حقه كاملاً، أما التدين فهذا مسؤولية فردية، الإنسان مسئول أمام الله، والناس يحاسبون أمامه فرادى، أما أمام الوطن فالمسؤولية جماعية وتضافر الجهود مطلب أساسي.
وهل ما كان يطبق في العهد السابق هو الإسلام؟
واقع الحال يجاوب على سؤالك، والذين يتباكون الآن هل ما كان يجري من تقتيل باسم الدين لأبنائنا وحرمانهم من الحياة الكريمة في ديارهم سهولاً وودياناً كانت أم جبالاً هل ذلك هو إسلام !؟ كلا. في تقديرى الثورة نتاتج تراكم جهود من أجل خلق سودان يستوعب كل السودانيين ودفع فيها الغالي والنفيس من أجل حكم ديمقراطي يحقق العدالة للجميع، وهنا لابد من تسجيل صوت شكر لحكومة جنوب السودان رغم التحديات التى تواجهها كدولة وليدة كانت حريصة على تحقيق السلام في السودان، وأن كل السودانيين الشرفاء يعلمون أن الجنوب انفصل لأن الحكومات المتعاقبة فشلت في إدارة التنوع. هذا التوقيع في جوبا جرى في أجواء تراضٍ وإرادة حقيقية تجسد اللحمة السوادانية.