إثيوبيا تُشهِر سلاحها.. السودان و”سد النهضة “.. التشدُّد سيد المواقف
إسفير نيوز : تقرير ـ محمد علي كدابة
يبدو أن دائرة الخلاف حول أزمة ملء سد النهضة بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا بدأت تتسع
بعد ان حدد السودان موقفه الرافض لبدء عمليات الملء دون التوصل لاتفاق مما يعمِّق من هوة الخلاف في الملف الشائك التي تجلّت في رفض السودان
الواضح من خلال التأكيدات التي أصدرها رئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك في اجتماع ترأسه بمجلس الوزراء ناقش فيه مخاطر شروع إثيويبا في الملء الثاني لسد النهضة
في يوليو القادم دون التوصل لاتفاق، وتأتي خطوة مجلس الوزراء تحسباً للآثار الناجمة عن سلامة تشغيل سد الرصيرص والمنشآت المائية الأخرى في البلاد.
وبحث الاجتماع سير مفاوضات سد النهضة والمشاورات التي جرت خلال الفترة الماضية بين مختلف الأطراف كما بحث الخيارات البديلة بسبب تعثر المفاوضات الثلاثية
التي جرت خلال الأشهر الستة الماضية، مؤكداً أن السودان لا يقبل بفرض سياسة الأمر الواقع وتهديد سلامة (٢٠) مليون مواطن سوداني تعتمد حياتهم على النيل الأزرق.
اتفاق المصالح
الاجتماع أمّن على موقف السودان المبدئي المتمثل في ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة يحفظ ويراعي مصالح الأطراف الثلاثة.
ولايزال موقف السودان داعياً لمنح دور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض، وتقريب الشقة بين الأطراف الثلاثة،
انطلاقاً من أن الطريقة التي اتبعت في التفاوض خلال الجولات الماضية أثبتت أنها غير مجدية. وجددت الرسالة تأكيد تمسك السودان بالعملية التفاوضية برعاية الاتحاد الأفريقي،
للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم للأطراف الثلاثة وعلى الرغم من التقارب الواضح بين القاهرة والخرطوم في العديد من المجالات الأخرى
من الزيارات المتبادلة الا أن محللون سياسيون ودبلوماسيون يؤكدون على مصلحة السودان في المقام الأول دون الانحياز لطرف.
وما يدعو للمخاوف المتجددة بحسب الخبير الدبلوماسي السفير أحمد كرمنو يرى أن سد النهضة أصبح مهدد أمني خطير على السودان في ظل تعنت الجانب الاثيوبي
وملء السد مستغلاً القوة التي ينطلق منها وهي سلاح المياه، مشيراً الى ان كمية المياه كبيرة تصل الى 74 مليار متر مكعب، السعة التخزينية للسد،
وقال إن كثافة المياه تضع السودان تحت رحمة إثيوبيا لذلك فإن التهديد الذي يواجه السودان كبير خاصة إذا حدث أي انهيار بفعل فاعل فسيكون السودان الخاسر الأكبر في هذه المعادلة.
وبيّن ان من ضمن المنشآت التي يهددها سد النهضة سد الرصيرص والبيئة المحيطة به فضلاً عن كثافة المياه في موسم الخريف الذي يبدأ في يوليو.
وقال كرمنو “اذا حدث الملء سيتمر موسم الخريف ما يقارب 7 أشهر وفي هذا يكون المنطق الذي يتحدث به الجانب الاثيوبي غير صحيح لانه يتحدث من منطق القوة وليس العقل”.
وطالب كرمنو، اثيوبيا بضرورة الاستجابة لقرارات دولتي مصر والسودان الخاصة باتخاذ نهج التفاوض، مشيراً إلى أن اثيوبيا الآن تسمي بنافورة اثيوبيا
ومصر يقال عنها هبة النيل وقال أن هذا الماء الذي تتحدث عنه اثيوبيا ليس ملكاً لها وهوىمن ربنا سبحانه وتعالى، وليس لأي دولة الحق في أن تحتكره لصالحها.
وطالب كرمنو بضرورة اتفاق يوضح فيه مواعيد الجفاف ومواعيد الفيضان باستشارة خبراء الري والمهندسين لاتخاذ تدابير الحماية لمصر والسودان.
تباعد مستمر
يبدو هناك تباعداً مستمراً بين السودان وإثيوبيا ومصر حول ملف سد النهضة مما ينذر بأزمة محتلمة جراء إصرار إثيوبيا على ملء السد في المرحلة الثانية،
وبالنظر لاعتراض السودان فإن خبراء اقتصاديين قللوا من تأثير عمليات ملء سد النهضة على السودان، ويرى الخبير الاقتصادي
د. عبد العظيم المهل أن قضية السودان في سد النهضة تتمحور ليس في عملية الملء وإنما في تبادل المعلومات والتنسيق بين إدارة سد النهضة وإدارة خزانات السودان وبالأخص خزان الرصيرص.
وقال المهل إن ملء السد تتضرر منه مصر وليس السودان لأنه هو منبع للمياه وبه 44 نهراً ومجرى نهر ومشكلة السودان تكمن في عملية تأمين السد للمهددات.
وقال: “على السودان ان يطالب بعمل سدين على النيل الأزرق يضمنا في الاتفاق لتخفيف ضغط المياه حال حدوث انهيار
بجانب أن هذين السدين يساهمان في حل مشكلة الكهرباء التي يعاني منها السودان وان لا يلتفت الى اعتراضات مصر لانها هي المتضرر من عملية الملء ولابد للسودان في هذه الحالة أن يهتم بمصالحه”.
أما الخبير الاقتصادي سيد الحسن عبد الله، أكد بدوره عدم تضرر السودان من عملية ملء سد النهضة في المرحلة الثانية،
وقال إن السودان سيتفيد من حصته كاملة الـ18 مليار مكعب واستبعد أي خطوة تصعيدية بضرب سد النهضة وقال: “لا يمكن لأي طرف أن يلجأ إلى استخدام القوة حال فشل التفاهمات الجارية الآن بشأن السد”. ووصفها بأنها من المستحيلات.
الحل الوحيد
وذكرت مصادر أن جنوب إفريقيا والاتحاد الإفريقي يدركان هذه المسألة الخلافية، ولكنهما يريان أن الحل الوحيد على المدى المنظور هو الاستجابة للمطالبة باستمرار المفاوضات على النهج ذاته،
مع التركيز على انتزاع إقرار سياسي سيادي من رؤساء البلدان الثلاثة بالمضي قدماً في المفاوضات، من دون إبطاء لكن آخرين يرون أن أزمة الحدود بين السودان
والحرب الدائرة قد يكون لها أثر على هذا التعهد الذي أصبح صعب المنال، في ظل تذرُّع الرئيس الاثيوبي أبي أحمد المستمر خلال الفترة الأخيرة بالأوضاع الداخلية الصعبة في بلاده، والحرب التي يشنها على إقليم تيغراي.
وبات من الصعب بحسب خبراء التوصل إلى اتفاق متكامل قبل موعد الملء المقبل لسد النهضة وبدء السد في توليد الطاقة الكهربائية، حسبما ترغب الحكومة الإثيوبية في ربيع العام المقبل
وبحجم التدفق اليومي من السد والذي سيصل إلى سد الروصيرص، حتى لا تتأثر السلامة الإنشائية للأخير مما يجعل الخرطوم تتمسك بأن يكون التغيير في حدود 250 مليون متر مكعب وتقترح أديس أبابا 350 مليوناً.
وتختلف الرؤية المصرية عن السودانية أيضاً حول فترات الجفاف والجفاف الممتد، إذ تقترح مصر تمرير 37 مليار متر.