الرهد حكايات .. على أنقاض الفوضى والنهب
اسفيرنيوز : الرهد : خالد بخيت
من رأى ليس كمن سمع.. اسفير نيوز تنقل جوانب خفيه من تداعيات أعنف عمليات سطو في وضح النهار ومع سبق الإصرار والترصد.. عمليات نهب تعرضت لها مدنية الرهد تحت عبائة الاحتجاج على تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لكن يبدو أن هذا الحق المكفول بالقانون كان غطاءً فقط لتدمير الممتلكات العامة والخاصة في ظاهرة سياسية واجتماعية تنذر بأبعاد خطيرة على المجتمع.
نظرة عن كثب
الأحداث والوقائع التي عاشتها مدينة الرهد بولاية شمال كردفان غربي السودان ليست قصص روائية أو حكايات كلاسيكية من الزمان الغابر قبل مئات السنين بل كانت واقعًا وحقيقة لم يصدقها الكثيرون بالسودان
الموافق 9 فبراير لعام 2021 كان يوما أسود أشر مثل ما حدث في يوم الاثنين الأسود في عاصمة اللاءات الثلاثة (الخرطوم)، حيث خرجت مدينة الرهد عن بكرة أبيها ليس للنهب أو الحرق بل من هول الصدمة عليهم بفعل مجموعات خارجة عن القانون روعت الناس وحرقت ونهبت، فمنهم من يقول إنه جائع وهو ليس بجائع ومنهم من يقول ( لا ) لارتفاع الأسعار والغلاء ومنهم من هو حانق على حكومة المحلية تعددت الأسباب لكن الظاهرة في مجملها تهدد بمستقبل كالح السواد.
الناس هنا غير مصدقين ما يشاهدون.. يا لها من صدمة كُسرت المتاجر ونهبت المخازن الفوضى خلفت بؤساً بائنا لا تخطئه العين خاصة بسوق المدنية
أصل الحكاية .. برواية شهود عيان
يروي ياسر كباشي أن الأحداث اندلعت من أربعة اتجاهات في توقيت واحد بهدف محاصرة السوق ونهبه وأكد أن هذا العمل في مجمله لا يخلو من ترتيب وتخطيط وتدبير لأن ما تم من إتلاف بدأ بعملية الكسر ومن ثم النهب والحرق، واوضح أن الخسائر بسوق المدنية كبيرة حيث تم إتلاف حوالي (26) متجرًا.
وأضاف أن الذين قاموا بعمليات النهب والحرق كانوا ملثمين ويبدو أنهم موزعين الأدوار بينهم، فمنهم من يكسر ومنهم ينهب ومنهم يحرق في مشهد لم تشهدة مدينة الرهد من قبل، فمثلا نجد مخزن التاجر حسام نهب منه حوالي (1472) جوال سكر والتاجر عثمان فضل الله نهبت منه (1000) كرتونة بلح وغيرهم كثر
غياب الأمن .. وانفراط العقد
خرجت الأحداث عن السيطرة يقول الرواي لأن أعداد القوة الشرطية بالمدنية قليلة وغير كافية للتصدي لعمليات بقدر هذا الحجم خاصة وأن أعداد المتظاهرين أكبر من عدد قوات الشرطة.
دعا ياسر كباشي مدير شرطة ولاية شمال كردفان بزيادة سيارات وقوات الشرطة بعد التوسع السكاني الكبير الذي شهدته المدينة مؤخراً وأضاف لا تستقيم معاملة مدنية الرهد بمعاير موضوعة قبل نحو عشرين سنة مضت فقوة الاحتياطي الموجودة بالمدينة مقارنة بحجم السكان تجدها ضعيفة جداً.
التاجر عبدالعظيم خالد الذي يعمل في تجارة الأواني المنزلية لأكثر من عشرين عامًا أكد أنه تم كسر محله ونهبت بضاعته التي تم حصرها وقدرت خسائره ب(8) مليارات وأكد مشاهدته للفتيات ينهبن الأواني المنزلية (العدة) بصورة غريبة.
وأوضح أنه شاهد تمزيق جولات السكر وإفراغها على قارعة الطريق وكذلك جرادل الطحنية وبعد النهب يتم الحرق بصورة لم أتصورها وطالب مدير شرطة الولاية بزيادة قوات الشرطة لتأمين المخازن والسوق حتى لا تتكرر مثل هذه المأساة وقال: أجزم أننى لم أرى خلال عشرين سنة شئ سُرق أو حرق ولم أشهد طول عمري فتاه تسرق إلا في هذه الأحداث.
بنك التضامن الإسلامي.. المصائب لاتأتي فرادة
أضرم متفلتون النار في بنك التضامن الإسلامي فرع الرهد بالكامل وسرقة أساساته من كراسي، ومكيفات، وشاشات تلفاز وغيرها، وما زال الحصر جاريًا لمعرفة حجم الضرر الذي لحق بالبنك، وكذلك تم تهشيم بنك الخرطوم تمهيدًا لسرقتة وحرقه لكن القوة الحارسة له استطاعت صد المتظاهرين وحماية البنك من أي اعتداء.
وشملت عملية الحرق أكثر من عشرين محلًا تجاريًا تم نهبها بالكامل وإحداث ضرر كبير ومنذ اندلاع الأحداث ظل بنك التضامن الإسلامي فرع الرهد خارج نطاق الخدمة والعمل مما سبب ضررًا لأصحاب المصلحة وعملاء البنك مما حدا بهم الحال شد الرحال لنافذة البنك بمدينة الأبيض وهذا يكلف العملاء كثيراً.
الأحداث التي شهدتها المدنية ولخطورتها دفعت وزير الداخلية الذي استلم مهامه حديثا للتحرك العاجل والوقوف على الأوضاع مدانياً بصحبة حكومة الولاية
واستنكر وزير الداخلية الأحداث ووجه بضرورة تعزيز القوة الأمنية بالمحلية وجدد عزمه علي حل المشكلات التي تعترض المواطنين كافة وضرورة بسط هيبة الدولة وردع المتفلتين بالقانون.
فيما قال المدير التنفيذي لمحلية الرهد عصام محمد محمد صالح إن التظاهرات بدأت سلمية احتجاجا على الغلاء غلاء في السلع الاستهلاكية لكنها سرعان ما تحولت إلى أعمال نهب وسلب وتخريب وقدر حجم الأضرار التي لحقت بالتجار 200.775.000 مئتان ألف وسبعمائة وخمسة وسبعون ألف جنيه.
ما حدث بمدينة الرهد يحتاج لإعادة ترتيب دقيق ومعرفة اسباب ذلك ومعالجته بصورة نهائية ووضع الحلول والبدائل المناسبة، وضرورة معرفة الخارطة السكانية للمدينة ومدي توسعها خلال السنوات الأخيرة وإحكام السيطرة عليها أمنيًا واجتماعيًا حتى لا تعش هذه المدينة الحالمة على أنقاض الحريق ونسمع روايات وحكايات جديدة.