د/ امين حسن عمر يكتب… حرب القوميات في أثيوبيا… الخطر القادم
بات توقع نشوب حرب قوميات في أثيوبيا أمرا لا يمكن صرفه وأستبعاده وذلك بعد توسع الإشتباكات بين قوات التغراي التي تسعى إلى توسيع مناطق سيطرتها حتى الحدود المعترف بها للإقليم وبين قوات الأمهرا التي كانت قد سيطرت على بعض المناطق الجنوبية من أقليم تغراي بدعوى أنها مناطق متنازع عليها تابعة لها. وفي الأيام القليلة الماضية ومع سيطرة قوات التغراي على بعض هذه المناطق الجنوبية من الأقليم ومع إضطرار قوات الأمهرا للإنسحاب أعلنت حكومة أقليم أمهرا التعبئة العامة واستدعت كل القادرين على حمل السلاح وناشدت المعاشيين من العسكريين من أبناء قومية أمهرا الأنضمام سريعا لمعسكراتها. وكانت قوات الحكومة الأثيوبية وقوات أمهرا قد تلقت هزيمة مزلزلة في تغراي وأضطرت إلى إنسحاب متعجل و للتغطية على الهزيمة المذلة أعلنت الحكومة الإثيوبية وقف إطلاق نار من جانب واحد و انسحاب قواتها من مكلى عاصمة تغراي، فيما وصفته بأنه انسحاب إنساني تكتيكي . ولكن جبهة تغراي وصفت هذا الزعم بأنه مزحة، وقالت إنها طردت القوات الحكومية من المدينة ونجحت في توجيه هزيمة مهينة للجيش الإثيوبى، ونظمت استعراضا علنيا لنحو 8 آلاف أسيرا أسرتهم من الجيش الإثيوبى، وذلك وسط هتافات النصر من أهالى تيجراى.وأعلنت الجبهة أنها تريد انسحابا كاملا للقوات الإريترية وقوات إقليم أمهرة المجاور قبل أن تبدأ أية محادثات مع الحكومة بشأن وقف إطلاق النار.
وهدد القائد لعسكري للجبهة تسادكان بإن الحرب ستستمر ما لم يعلن آبى أحمد هزيمته عسكريا في تيجراى. واتهم الحكومة أيضا بتعمد منع وصول المساعدات إلى الإقليم. وقال أنه لم تدخل مساعدات تيجراى منذ وقوع مكلي في قبضة الحكومة في نوفمبر.
وأمريكا من جهتها تمارس ضغطا قويا على الحكومة الأثيوبية عبر الخارجية الأمريكية والتي قالت إن الوزير أنتوتى بلينكن اتصل هاتفيا برئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، وشدد على ضرورة التزام جميع الأطراف بوقف فورى ودائم لإطلاق النار في إقليم تيجراى. و وتقرر الخارجية الأمريكية أن الصراع في تيجراى أسفر عن مقتل الآف الضحايا وتشريد أكثر من مليونى إنسان، ودفع بمئات الألوف إلى حافة المجاعة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس: إن بلينكن وزير الخارجية الأمريكي قد دعا آبى أيضا إلى الالتزام بالخطوات التي حددها مجلس الأمن، بما في ذلك انسحاب القوات الإريترية وقوات الأمهرة من تيجراى، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، ووضع الأسس لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع التي ارتُكبت.
وكان القتال قد تصاعدت وتيرته بين القوميات وبات يهدد بالمجاعة قوميات التغراي و الأمهرا والعفر وكان مسؤول أممي قد أعلن في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي أن المجاعة التي تضرب مئات الآلاف في إقليم تيغراي الأثيوبي الغارق في الحرب، بدأت بالانتشار إلى أنحاء أخرى من هذا البلد،وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك “من المتوقّع أن يزيد الوضع سوءاً في الأشهر المقبلة، ليس فقط في تيغراي، ولكن في عفر، وأمهرا أيضاً”. وأضاف في كلمته التي حسب وكالة فرانس برس أن الأمم المتّحدة ومنظمات غير حكومية تقدر بأكثر من 350 ألف فردا عدد الذين يعانون حالياً من المجاعة في تيغراي، مشيراً إلى أن المسؤولين الإداريين في الإقليم بدأوا “التبليغ عن وفيات ناجمة عن الجوع”.ولفت المسؤول الأممي إلى أنّه بالإضافة إلى الـ 350 ألف نسمة، فإنّ “مليوني شخص في أقاليم تيغراي، وعفر، وأمهرا” على وشك الوقوع في براثن الجوع.
لكن السفير الإثيوبي لدى الأمم المتّحدة تاي أتسكي سيلاسي آمدي قال عقب مشاركته في جلسة مجلس الأمن حول الوضع في أثيوبيا إن بلاده ترفض بحث المجلس موضوع تيغراي، الذي تعتبره شأناً داخلياً.
وأضاف في تصريح للصحافيين “نختلف بشكل قاطع مع تقييم” المنظمة الدولية عن المجاعة في البلاد، معتبراً أن الأمم المتّحدة والمنظمات غير الحكومية لم تجمع هذه البيانات “بطريقة شفافة وشاملة.
ومهما يكن التقدير مختلف بين الفرقاء، فإن حكومة أديس أبابا نفسها تحذر من أن جهات خارجية تعمل على إثارة الفتنة بين القوميات، كما أن الصراع والإشتباكات على أساس قومي وبسبب أطماع الأمهرا في ضم أجزاء من أقليم تيغراي وأجزاء من أقليم بني شنقول وأجزاء من الفشقة السودانية بات يهدد بحرب قوميات من المرجح إن لم تمتد للسودان أن تمتد أثارها الأمنية و الإقتصادية له، بسبب توسع اللجوء وتوقف الانتاج الزراعي، وتحدث هذه الأحداث الجسام وشرق السودان يشهد توترات قبلية و سياسية متصاعدة، تفشل حكومة الوقت في التعامل الرصين معها ،وتسمح بخروج تداعياتها عن السيطرة. إن التهوين من شأن ما يجري على حدود البلاد الشرقية والتعامل معه بمنطق ( الفرجة) يهدد بعواقب خطيرة على الأمن القومي السوداني، الذي سيحتاج ولا شك، إلى إعادة تعريف مقوماته أذا تدهورت الأوضاع في أثيوبيا إلى حرب قوميات، قد تهدد تماسك ذلك البلد وتهدد بتداعياتها كل إقليم القرن الأفريقي. فهل هنالك من يسمع ويتابع ويرصد، أم أن الأمر متروك على العواهن، وموصول إلى حبل الحكومة الواهن.. فلئن كان الأمر كذلك فلن يبقى إلا أن يقال حسبنا الله ونعم الوكيل.