الطاهر ساتي يكتب.. صناعة الأزمات ..!!

إليكم

0

 

🔳بتاريخ 14 أبريل 2021، أي قبل أربعة أشهر، أصدر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قراراً يسمح لشركات القطاع الخاص باستيراد وقود النقل والتعدين والصناعة من عائد الصادر، وهو القرار (رقم 148)، والذي صدر عقب جلسة نقاش بمجلس الوزراء، وهو القرار الذي أسهم في توفير الوقود و استقرار الدولار طوال الأشهر الماضية ، لعدم لجوء الشركات إلى السوق الموازي لشراء الدولار..!!

 

🔳 ولكن الأفراح لاتكتمل في بلاد تضج بمراكز القوى في كل العهود، إذ بعد أربعة أشهر من هذا القرار الإيجابي، صدر قرار آخر، من مجلس الوزراء ذاته، يحمل توقيع وزير شؤون مجلس الوزراء، خالد عمر، يقضى بعدم السماح للقطاع الخاص والبنوك باستيراد وقود النقل والتعدين والصناعة من عائد الصادر، أي تم إلغاء القرار الإيجابي (رقم 148)، قبل أن يجف مداده ..!!

 

🔳تأملوا الحدث، أربعة أشهر فقط ، هي الفترة الفاصلة ما بين القرار و نقيضه .. ثم الجدير بالانتباه، صدر القرار الأول بتوقيع رئيس الوزراء، وبعد نقاش في اجتماع مجلس الوزراء رقم (12)، أي شارك في صناعة القرار كل وزراء القطاع الاقتصادي .. ولكن القرار النقيض، صدر بتوقيع وزير الرئاسة بمجلس الوزراء، ويخاطب وزراء القطاع الاقتصادي بالأمر القائل ( على وزارات المالية و النفط والصناعة والتجارة والنقل وبنك السودان تنفيذ القرار )..!!

 

🔳 فالسادة المسؤولون بكل تلك الوحدات الاقتصادية ناقشوا وشاركوا – مع رئيس الوزراء – في صناعة قرار السماح لشركات القطاع الخاص باستخدام عائد الصادر في استيراد الوقود .. ولكن عند إلغاء القرار، لم يشاركوا و لم يناقشوا، لقد تم إخطارهم فقط، مع الأمر بالتنفيذ .. ليبقى السؤال، لماذا لم يشارك السادة المسؤولون بالمالية والنفط وغيرهم في صناعة القرار الثاني ، كما شاركوا في القرار الأول..؟؟

 

🔳 من الذي انفرد بقرار الإلغاء؟، ولمصلحة من؟.. من أهداف الثورة تقوية المؤسسية على مستوى الدولة، بحيث لا تحكم الأجهزة بقوانين (بيوت العزابة).. وكما تعلمون، فمن قوانين (بيوت العزابة)، أول من يستيقظ صباحاً يقوم بتجهيز الشاي وكنس الحوش وغسل العدة وإحضار الرغيف و(توضيب البوش)، ثم يجمع المبلغ من رفاقه، ويذهب إلى السوق ويُجهّز (حلة الغداء)، أي يصبح هو سيد البيت..!!

 

🔳إدارة الدولةُ تختلِف عن إدارة (بيوت العزابة)، بحيث يجب أن يكون العمل جماعياً، كما حدث عند صناعة القرار الأول .. ولا يكون العمل جماعياً ما لم يكن مُؤسّسياً، والمفقود في هذا القرار المُريب هو العمل المؤسسي .. أي ليست من المؤسسية أن يُلبي رئيس مجلس الوزراء – أو الوزير برئاسة مجلس الوزراء – طلبات بعض الجهات دون الرجوع لكل السلطات الاقتصادية ..!!

 

🔳وعلى كلٍّ، قرار منع شركات القطاع الخاص من استخدام عائد الصادر في استيراد الوقود (قرار خاطئ)، لأن البديل – لدولار عائد الصادر- هو دولار السوق الأسود .. والعودة إلى الأسواق السوداء تعني عودة الصفوف في محطات الوقود مع ارتفاع أسعار الدولار .. من المستفيد من خلق الأزمات بمثل هذه (القرارات المُريبة) ؟، ومن المستفيد من إفشال سياسة التحرير، بحيث لا تحتكر أية جهة دولار عائد الصادر ..؟؟

اترك رد