صلاح الدين عووضه يكتب.. ماشين..!!
ماشين !!
ومادِّين..
ماشين كويس..
كويس جداً…ومسرعين..
وعلى قدر الشوق ما يمد مادِّين…وفي سكة الشوق الذي يمد هذا جادِّين..
الشوق إلى حياة البداوة الحلوة..
إلى كل قديمٍ جميل…….فمن نسي قديمه تاه..
ومفردة جادِّين هنا بتشديد الدال…لا تخفيفها كاسمك يا جادين..
وجادين هذا – لمن لا يعلم – هو وزير الطاقة..
يعني هو المسؤول الأول عن الكهرباء..
يعني المسؤول الأول عن قطوعات الكهرباء هذه..
وتحرياً للدقة نقول : توصيلات الكهرباء…فالقطع بات هو الأصل..
والوصل هو العرض…هو الطارئ…هو النشاز..
هو بمثابة اعتذار لمتلقي خدمة التوصيل الكهربائي يتمثل في : فاصل ونواصل..
فجادين في موضوع استدامة القطع من الجادِّين..
ولولا جديته هذه لما كنا مشاين – الآن – في الطريق الذي يُعيدنا إلى نقاء الحياة..
يُعيدنا سيرتنا الأولى…إلى ما قبل حقبة المستعمر..
إلى حيث لا ماء…لا كهرباء…لا شاشات…ولا إذاعات…ولا وزارات..
وإلى حيث كنا نرى النجوم في عز الليل..
لا في عز النهار ؛ كنهاراتنا هذي..
وبعد أن كدنا نصل فاجأنا جادين هذا بما نغص علينا مشينا…وخطاوينا..
قال إنه سوف يستقيل إن شعر بالتقصير..
إن شعر إنه مقصِّر في حق الشعب ؛ كهربائياً..
ورغم علمنا بأنه لن يفعل إلا أن التهديد – في حد ذاته – مخيف..
فنحن نريد بلوغ دنيتنا الجميلة..
دنيا الفوانيس…والآبار…وحمير الماء…ونجوم الليل..
فقد آلينا على أنفسنا أن ننظر إلى الجانب المشرق في عتمة راهننا الانتقامي..
أن ننظر إلى الجزء الملآن من الكوب..
حتى ولو كان الجزء هذا بمقدار رشفة من رشفات قهوة سادة..
فلا ماء كل اليوم..
ولا كهرباء نصف اليوم..
والتقدم – إلى الوراء – هذا رُوعي فيه التدرج لتطبيع نفسيات الناس عليه..
فبدايات التأسيس دوماً صعبة..
ولكنا سنعبر بإذن الله..
إلى أن نبلغ الضوء الذي في نهاية النفق..
وحينها سوف تكون مفردة كل هي عنوان كل شيء..
فلا وجود لكل الكهرباء…ولا كل الماء…ولا كل الدواء…ولا كل الغذاء..
وكل ما ذكره الرحالة بوركهات يدور في ذهني الآن..
فقد أُعجب بحياة البساطة التي كان عليها أجدادنا…إبان جولاته في بلادنا..
وكان ذلك في الربع الأول من القرن التاسع عشر..
قال إنها حياة تخلو من التعقيدات..
فما من أحدٍ يحمل هماً لأي شيء ؛ يصحو فيأكل فينام…ثم يصحو فيشرب فينام..
فإذا ما حل الظلام ينام…ليصحو…ليُعيد دورة الأمس ذاتها..
وهكذا إلى أن تنتهي دورة حياته – قصيرة كانت أم طويلة – فينام نومته الأخيرة..
لا يحمل هماً لمدارس…ولا مواصلات…ولا أسعار..
ولا يعكر عليه صفو حياته البسيطة هذه حكامُ يعقِّدون ؛ ولا يُبسِّطون..
ولا يرفع ضغطه ظهورٌ لهم سخيف في الفضائيات..
ولا يفقع مرارته مثل حديث جادين عن تنحيه فور شعوره بالعجز تجاه المواطن..
مع أن إداء وزارته – الآن – في قمة العجز..
والعجز في الكهرباء بلغ حد : فاصل ونواصل القطع..
ومن تبريراته التي هو فيها من الجادِّين أن أجهزة توليد الكهرباء أضحت عجوزة..
عجَّزت في نحوعامين فقط ؛ هو عمر الثورة..
عجَّزت إلى درجة أن أمست عاجزة عن فعل ما كانت تفعله أيام النظام البائد..
بل وحتى في قمة عجز النظام هذا..
ومع كل هذا العجز نحن نتمسك بجادين ؛ حتى نبلغ ضوء نهاية نفق مشوارنا..
حتى نعبر إلى حياة البداوة…والهداوة…والنقاوة..
نتمسك به بكل عجزه…وعجوزاته…وعواجيزه ؛ فهو الذي سيجعلنا ننتصر..
فله كل الشكر من بعد حمدوك….وبقية المنتقمين..
فنحن ما شاء الله – تبارك الله – ماشين كويس..
كويس جداً..
ومادِّين !!.