هيثم محمود يكتب.. أزمة شرق السودان بين تلكوء الحكومة وتصعيد الثوار!!
مع إنتهاء المهلة التي منحها مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة للحكومة المركزية بفتحه لطريق الشرق الذي يربط العاصمة الخرطوم بالميناء الرئيس (بورتسودان)، هدد مجلس نظارات البجا بإعادة الإغلاق الكامل للشرق إذا لم تستجب الحكومة للمطالب التي رفعها الثوار.*
*بدأ ثوار الشرق التصعيد فعليا بتصريح لمقرر المجلس قبل أسبوع خاطب فيه شركات الملاحة والمستثمرين وشركات النقل بتحمل كافة التبعات إذا اقدموا على تنفيذ عمليات صادر أو وارد خلال أو قبل الرابع من ديسمبر، وفي تقديري أن التصريح قصد منه تذكير الحكومة بالوفاء بوعدها وتنفيذ مطالب أهل الشرق المتمثلة في إلغاء مسار الشرق وإنشاء منبر تفاوضي وحقوق الشرق في السلطة والثروة بجانب التمثيل المناسب في المواقع الدستورية.*
*بقرارات البرهان الاخيرة التي حل بموحبها المجلس السيادي ومجلس الوزراء وجمد بموحبها لجنة إزالة التمكين نفذت نصف المطالب التي رفعها ثوار الشرق وتبقت بعض المطالب لذا اتفق ثوار الشرق على رفع الإعتصام وفتح الطريق القومي والميناء وامهلوا الحكومة فترة شهر لتنفيذ بقية المطالب.*
*الحكومة شرعت في تنفيذ مطالب الشرق الخاصة بالإقليم في التمثيل بالمجلس السيادي بمقعد للشرق تم تاجيل تسمية شاغله لمزيد من التشاور والتوافق بين مكونات الإقليم، ومن المرجح أن يشغله الناظر محمد الأمين ترك ناظر عموم قبائل البجا الذي صار رمزاً لثوار الشرق وجاء هذا الحق اعترافا من البرهان بأهمية تمثيل كافة أقاليم السودان في المجلس السيادي الخطوة التي وجدت ترحيبا كبيرا من المواطنين.*
*أما قضية فتح مسار الشرق وإنشاء منبر تفاوضي واعتماد توصيات مؤتمر سنكات فهي قضية معقدة جدا إذ أن الشرق به مكونين رئيسيين هما البجا والبني عامر وبين المكونين ماصنع الحداد، واسهمت حكومة قوى الحرية والتغيير في توسيع الشقة بين المكونيين بإحتوائها لقادة مسار الشرق خالد شاويش والأمين داؤود واعتبار مكون البجا من فلول نظام المؤتمر الوطني، ونشبت ملاسنات حادة بين الناظر ترك وأعضاء من حكومة قحت إذ كان رأي المكون المدني فض إعتصام الشرق بقوة السلاح بينما كان رأي العسكر أن القضية سياسية والمطالب مشروعة وأن الحل يكمن في الحوار، مما جعل قادة قحت يتهمون البرهان وحميدتي بتأجيج الصراع في الشرق.*
*تلك الاتهامات جعلت الناظر ترك يعلن تاييده الرسمي ومساندته للعسكر ودعم اعتصام القصر الجمهوري الذي تسبب في إسقاط حكومة قحت.*
*لم تتوقف مطالب الناظر ترك عند قضايا أهل الشرق بل رفع سقف مطالبه بإقالة حكومة حمدوك وحل لجنة التمكين، رغم أن المطالب الأولى عند بداية الإعتصام لم تتجاوز حقوق اقليم الشرق.*
*طيلة إعتصام الشرق لم تفلح جهود الحكومة ممثلة في المدنيين في حل المشكلة ورفع الإعتصام إذ أنهم أصبحوا في خانة العداء للبجا والناظر ترك، لذا اوصد ترك باب الحوار مع المدنيين ووافق على الحوار مع العسكريين واستقبل عضو مجلس السيادة الفريق شمس الدين كباشي ووافق على فتح خط أنابيب البترول والتزم بعدم اغلاقها أو التعرض لها.*
*عقب عودته الأخيرة للسلطة لم يتحرك رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في قضية شرق السودان ولم يهتم بها باعتبارها مسالة ثانوية مما زاد الأمر تعقيدا إنتهاء فترة السماح التي منحها ثوار الشرق للحكومة.*
*يرى البعض أن قضية الشرق ستحل باستيعاب الناظر ترك وتعيينه عضوا بمجلس السيادة الإنتقالي وهو رأي لا يسنده منطق لأن قضية الشرق أصبحت قضية جماهير وحقوق شعب تتفق فيها كل مكونات الشرق (بجا ،بني عامر ، المكونات الأخرى) وبإمكان ثوار الشرق خنق الحكومة المركزية من (حلقومها) بإغلاق الميناء الوحيد.*
*الحكومة في موقف لا تحسد عليه فليس باستطاعتها فتح جبهة أخرى للحرب في الشرق مهما كلفها الأمر ولن تستطيع فتح مسار الشرق الذي أقحم اقحاما في إتفاقية جوبا للسلام التي تجاوزت مكون رئيسي وفئة كبيرة من أهل الشرق ولن تستطيع تلبية جميع مطالب أهل الشرق!!.*
*تأخر الحكومة في تنفيذ مطالب أهل الشرق وتكوينها للجنة كسيحة لم تنشط إلا في اليومين الماضيين سيعقد المشهد بشدة في حال إغلاق الميناء الرئيسي والمنفذ البحري الوحيد خاصة وأن الإغلاق السابق قد كبد البلاد خسائر فادحة وأسهم في إنهيار الإقتصاد المتهالك.*
*مطالب ثوار وأهل الشرق مطالب عادلة ومنطقية فهم يرون أن حقوقهم مهدرة ضائعة وطالبوا بقسمة الموارد وعدالة التنمية والمشاركة السياسية في السلطة يرون أن هذه الحقوق يجب أن تنتزع إنتزاعا وأمامهم تجارب الحركات المسلحة بدارفور والنيل الأزرق التي يرون أنها جاءت لكراسي السلطة بالتفاوض المرتبط بقوة السلاح وضمنت حقوقها في الثروة.*
*يحمد لأهل الشرق أنهم لم يحملوا السلاح في وجه الدولة وطالبوا بحقوقهم بالطرق السلمية وصعدوا الأمر بالإعتصام وقفل الطريق القومي والميناء الرئيسي.*
*على الحكومة أن تستجيب لمطالب أهل الشرق وأن تحافظ على وحدة الوطن فقضية الشرق أكبر من الناظر ترك إذ أن هنالك أطماع كبيرة منها حرب المواني والسعي لضم أراضي واسعة من ولايات القضارف وكسلا والبحر الأحمر لدول مجاورة بالإضافة لاستفادة مصر القصوى من إغلاق ميناء بورتسودان في تشغيل موانيها بالتحكم في كل صادرات وواردات السودان بعد أن كانت تصدر معظم منتجاتنا الزراعية والحيوانية كمنتجات مصرية عند اغلاق الميناء أصبحت المنفذ الوحيد الذي يتحكم في صادرات وواردات السودان!!.*
*فهل ستستجيب الحكومة لمطالب أهل الشرق وتعمل على معالجتها بالتعقل والحكمة أم ستبكي كالنساء على وحدة وطن لم تحافظ عليه كالرجال.*