التأمين الصحي في شمال كردفان) … المواطن أولا ..!
بقلم : إبراهيم عربي
قبل الدخول في منعرجات ومنعطفات خدمات التأمين الصحي بالإدارة التنفيذية في شمال كردفان تقييما وتقوييما ، أعتقد لابد من حديث عن خدمات الصندوق القومي للتأمين الصحي الذي يقوده الدكتور بشير الماحي من بين آخرين كثر سبقوه ومعه نفر كريم لهم قدم السبق في النهوض بالتجربة التي إنطلقت عمليا من سنار 1994 لتتعاقب عليها الولايات المختلفة وهي علي وشك إكمال عقدها الثالث ، ونسأل الله الرحمة والمغفرة لم توفاهم أو توافاهن الله إليه ، كما نزجي التحية لكل من سبق ومن لحق بالتجربة المجتمعية الراسخة ، والتوفيق والسداد لمن لازالوا يمشون بها بين الناس .
لازلت أذكر بدايات إنطلاقة التجربة (فكرة جميلة خلاص .. التأمين الصحي لكل الناس) ، والتي جاءت من بنات أفكار الإنقاذ سبقتها إليها الدول ، ولازلت أذكر تقاطعات المصالح والكوابح ومثبطات الهمم التي أقعدت التجربة ومنها الصراع المرير مع الصحة (صراع الضرار) وولاية الخرطوم التي أساءت الفهم فتمردت علي التجربة التي لازالت فيها متعثرة دون غيرها من الولايات التي آمنت بالتجربة لأجل مجتمعها ، وقد أسميناه وقتها (صراع الأفيال) فيما كادت أن تلحق بها الجزيرة وبورتسودان ،فضلا عن صراع مراكز القوي داخل دهاليز الإنقاذ وبالطبع داخل وزارة الرعاية والضمان الإجتماعي التي كانت ولا زالت يتبع لها الصندوق .
علي كل إنها مساوئ ومثبطات جاءت بسبب سوء فهم التجربة المتفردة وقصر النظر المستقبلية لبعض القيادات وتقاطعات المصالح الخاصة ، لو لاها وغيرها لكان التأمين الصحي يمتلك اليوم أفضل المؤسسات المباشرة الطبية والعلاجية وشركة لإنتاج وتصنيع الدواء والتي لازلنا ندافع عنها بقوة ونراها من الضروريات ولها مبرراتها ، منطلقين في ذلك من تجارب عملية في الشقيقة مصر وغيرها ، لولا دخولها مجال الخدمات المباشرة لا سيما بشأن تصنيع الدواء لما خرجت من الديون التي كبلتها وما أشبه الوضع لدينا في السودان في ظل هذه الظروف مع سياسية تحرير الدولار وخروج الدولة عن كثير من الخدمات المجتمعية .
في الواقع تباينت التجربة العملية للتأمين الصحي في السودان بين الولايات حسب تباين ظروفها والتتسيق بين المسؤولين فيها ، فلولا التأمين الصحي لما كان هنالك وجود لخدمات الصحة في ولاية وسط دارفور وجبل مرة خاصة وهي نموذجا فقط لا للحصر ، فالتحية للدكتور التونسي الذي لازال يؤدي رسالته بإحدي أصقاع البلاد وهو نموذج للمثالية من الذين يجب أن يكرموا ، داعبته وقتها 2016 بعد تجوال طويل لأكثر من (20) يوما بمناطق الولاية المختلفة في جبالها وسهولها ولم أجد أي مرفق تديره الصحة بما فيها المستشفيات الكبيرة فقلت له إنت مديرا للتأمين الصحي ووزيرا للصحة !.
وبالطبع لولا التأمين لما وجدت الخدمات الصحية والعلاجية طريقها للأطراف ومناطق الشدة والهشاشة بالولايات المختلفة لا سيما دارفور وكردفان وشمالها خاصة ، وبالتالي لولا التأمين الصحي لما كان هنالك مشتشفي ريفي في الميعة في محلية أم روابة في شمال كردفان وهو الوحيد في الخدمة منذ العام 2006 وقد شملت خدماته حتي المواطنين بمناطق محلية العباسبة التابعة لولاية جنوب كردفان .
ولكن أيضا لو لا تلكم الجهود التنسيقية المشتركة والتي أولتها إدارة التأمين الصحي بشمال كردفان بقيادة الدكتور إبراهيم الإنصاري ومن قبله آخرون كثر بالولاية والمحلية إهتمامها فضلا عن الجهود الكبيرة التي ظل يبذلها الرشيد محمد سعد في قيادة التأمين الصحي بالمحلية علاوة علي التنسيق الجيد مع صندوق الإمدادات الطيبة بالولاية تحت قيادة الدكتور موسي الجبوري وله منا التحية والتجلة ، فضلا عن كفاءة الكادر الطبي بالمستشفي وتفانيه بقيادة الدكتور عبد الرحمن ووقوف المجتمع وغيرها ، لولا كل هذه الجهود التنسيقية الجيدة لما كان هذا المستشفي صرحا يقدم خدماته حتي هذه اللحظة ، وبالطبع يحتاج للكثير ولكننا لا نود أن نوصي حتي نفسد عليكم زيارتكم والمثل بقول (البشوفوه بالعين ما بضووا ليه نار ..!) .
ولذلك نحن نشيد ونثمن منهج الدكتور الأنصاري المتفرد (الثورة التصحيحية) والتي إبتدرها بالوقوف ميدانيا علي الخدمات في المحليات المختلفة والتقصي وتلمس مواطن الخلل والضعف والقوة في مؤسسات التأمين الصحي من خلال تقديم الخدمات بأفضل السبل وبجودة عالية لأجل نيل رضا المؤمن عليهم وذلك أساس جوهر وفلسفة تقديم الخدمات للمواطن والتي تشارك فيها الإدارات المختلفة وبعض مدراء الوحدات التنفيذية بالمحليات لنقل التجربة وتلمس الفوارق وكل ذلك لأجل رضا المؤمن عليهم .
وأعتقد إنها من أفضل الأساليب الإدارية لربط التقارير علي الورق بالعمل الميداني ، وياليت لو تبناها والي الولاية خالد مصطفي وندعوه للمشاركة في بعضها ، ولذلك من المتوقع أن تنال محلية أم روابة ، حظها من (الثورة التصحيحية) تلك الإسبوع المقبل أسوة بمحليات الولاية (الثمانية) وحتما إنها زيارة مهما ستشمل ريفها وحضرها وأصقاعها النائية ، وأعتقد الزيارة فرصة ثمينة لتنال المحلية حظها من الخدمات الطبية والعلاجية ضمن هذه الحركة الدؤوبة والتي تشارك فيها كامل الإدارات بالولاية والمحلية .
بالطبع سيجد الدكتور الأنصاري الكثير من الشكاوي والمشاكل التراكمية ولكنه أيضا سيجد عدد من المقترحات من قبل المؤمن عليهم وغيرهم ، ولكننا نلفت الإنتباه فقط إلي ترامي المحلية مقابل الإنتشار الواسع للخدمات التأمينية ، وبالطبع لابد من إنشاء مؤسسات طبية وعلاجية جديدة وأعتقد المحلية في أمس الحاجة لها ، فضلا عن التأهيل والصيانات لبعض المؤسسات وإدخال خدمات الاسنان والعيون والمخيمات وخدمات الأيام العلاجية وغيرها بالريف والأحياء .
وبلا شك ستناقش هذه الزيارات الميدانية التصحيحية تقارير الأداء الشهرية بالوحدة التنفيذية بالمحلية بصورة مفصلة ومحكمة لإكتشاف مواطن القصور ونقاط الضعف والقوة من أجل تقديم خدمات أفضل وبجوده عالية تواكب تطلعات المشتركين ، وبالتالي نهمس في الآن جهرا لنؤكد علي أهمية سياسات ضبط الجودة التي تفتقدها الكثير من مؤسساتنا ، وأعتقد الجودة فعل مستمر ومن السهل تحقيقه ولكن كيف يمكن المحافظة عليها ، وتأكدوا أن الطريق إلي المعالي سهل ولكن لابد من المحافظة عليها بذات الجودة ، وهذا مايجب أن يتم وفق رؤية راكزة يتم تنفيذها بخطي ثابتة لأجل المحافظة علي رضا المؤمن عليهم .
الرادار … الخميس الحادي عشر من مارس 2021 .