مرارتها !!
ونعني الحقيقة..
فهي مرة…ومؤلمة..
وما أكثرها ؛ ولكن ما يهمنا هنا واحدة منها…ذات إيلامٍ أليم..
وسوف تتضح أبعادها للمخدوعين كافة..
وهي أن من يتباكون على شهداء اليوم هم من ضحوا بشهداء الأمس..
وذلك حين باعوا دماءهم بثمنٍ بخس..
حتى وإن كانوا يرونه عظيما – الثمن هذا – بحساب شهوات التمكين السلطوي..
التمكين إلى أجلٍ غير معلوم..
بل إن منهم من تمنى لو أنْ يمتد الأجل هذا إلى أكثر من سنواتٍ عشر..
وذلك مقابل أن تبقى الرئاسة بأيدي العسكر..
وأن تبقى السلطة التنفيذية – والتمكينية – بأيديهم وحدهم ؛ ولهذا صمتوا..
صمتوا عن جريمة فض الاعتصام..
وعن المجلس التشريعي…وعن المحكمة الدستورية…وعن مفوضية الانتخابات..
ما كانوا يذكرون ذلكم كله أبداً…أبداً..
وظل هذا الاتفاق سرياً بينهم وبين شريكهم العسكري ؛ وكان سيظل كذلك..
كان سيبقى سراً – دفيناً – بين الشريكين لولا..
لولا انزلاق طبق العسل – بالسمن – الذي كانا يتقاسمانه ؛ واندلاق محتواه..
ثم انزلاق ألسنة بعض رموز الشريك المدني نحو السباب..
ثم اندلاق محتوى بعض بنود الاتفاقات السرية بينهما ؛ ومنها بند الصمت..
فقد صمت كلاهما عما تم الاتفاق عليه..
ونائب رئيس حزب الأمة – إبراهيم الأمين – تحدث عن خرقٍ لوثيقة الدستور..
تحدث عن ذلك – بمرارة – ذات مرة..
ولكنه صمت – بدوره – من بعد ذلك…ولم يُفصح..
ولكن الآن نطق المسكوت عنه – نطقاً هامساً – وسيصرخ عما قريب..
وسيعلم المخدوعون حقيقة (أصنامهم) الثورية..
وإلى ذلكم الحين سيظلون لهذه الأصنام عابدين ؛ وبحمدهم الثوري مسبحين..
وأعني المخدوعين ممن أسميهم القطيع..
سيما وأن خادعيهم – باسم الثورة وشهدائها – تذكروا الآن ما كانوا نسوه..
وطفقوا يتاجرون بالثورة هذه – ودمائها – مرةً أخرى..
علماً بأنهم نسوا – من بين ما نسوه – حتى دماء مجزرة فض الاعتصام..
بل نسوا حتى لجنتها التي كونوها بأنفسهم..
تذكروا من بعد أن فقدوا تمكينهم…وكراسيهم…وفارهاتهم…و امتيازاتهم..
وعادوا يتباكون على الشهداء الجدد..
ويتحدثون عن الديمقراطية…والانتخابات…ووثيقة دستورية خرقوها بليل..
والقطيع من خلفهم يفعل الشيء ذاته..
فهو مخدوع…ولا يعلم أنه مخدوع…ومن ينصحهم يظنون أنه هو المخدوع..
وإلى البارحة ما زال بعضهم مخدوعا..
رغم (عبور) حمدوك إلى ضفة التصحيح لمسار الثورة وتركهم وراءه..
ثم عبور المحيط وتركنا جميعاً – وبلادنا – وراءه..
ولكنهم حتماً سيفيقون من غيبوبتهم هذه..
سيما إن تكشفت حقيقةٌ أخرى من قلب لجنةٍ ما فتئوا يتغنون بثوريتها..
ونعني لجنة تفكيك التمكين..
وهي حقيقة مشابهة لحقائق ظلت هذه اللجنة تعمل على كشفها للناس..
ولا نقول – طبقاً للمثل – (حاميها حراميها)..
كما لا نقول – كذلك – أن جميع أعضاء اللجنة هذه سيشملهم الكشف..
كشف الحقيقة هذه ؛ وكشف أسماء من كانوا (يكشفون)..
علماً بأن كلمتنا هذه كتبناها قبل أن ينكشف بعض المستور هذه الأيام..
ونجترها اليوم من باب التذكير للمرة المئة…أو الألف…أو المليون..
التذكير بأن ما نقوله لا (يقع أرضاً)..
وإنما الذين يقعون هم من لا (تقع) لهم الأمور قبلاً..
أي قبل أن تقع…ويقعون هم معها..
وهدفنا من كلمتنا هذه اليوم أن نحذر – كما ظللنا نفعل – من تقديس الأفراد..
وإنما التقديس لدستور النظم الديمقراطية…ومؤسساتها..
ورغم كلمتنا هذه سيبقى البعض سادراً في غيه…وغيبوبته…وغياب عقله..
سيبقون كذلك إلى أن تقف الحقيقة عاريةً أمامهم..
بكل ألمها…وقسوتها..
ومرارتها !!.