ملتقى ود كدام .. جهود جبارة ودروس مستفادة
كتب: أحمد فلدوم
وسط حشود ضخمة ومشاركة غير مسبوقة من كافة الفعاليات المحلية والولائية والقومية جاءت انطلاقة الملتقى الثاني لخريجي خلاوى ود كدام بالمزروب قوية وهادفة ورسالية، حيث كان يوم العاشر من الشهر الجاري يوما تاريخيا ومهمًا في خلوة ود كدام ومنطقة المزروب ككل، تقاطر الناس من كل حدب وصوب جاءوا جميعا ميممين وجوههم صوب ساحة الملتقى في المسيد مستصحبين معهم إشراقات ودروسًا وعبرًا خلدها الملتقى الأول في مارس من العام السابق، وبمجرد وصول رقاع الدعوة لانطلاق الملتقى الثاني لخريجي خلاوى ود كدام هيأ الناس هناك أنفسهم لتظاهرة دينية كبيره سيخلدها التاريخ وستتحدث عنها الركبان في منطقة تنير لياليها بتقابة القرآن، وتستشرق صباحاتها أنفاساً نقية مع قرآن الفجر والضحوية ونار التقابة التي ظلت مشتعلة لعشرات السنين في خلوة ود كدام التي قدمت الآلاف من الخريجين (حفظة القرآن) الذين تضج بهم منابر المساجد في عموم البلاد، الحديث عن خلاوى ود كدام وخريجيها يحتاج للكثير من الأوراق، لعمق التجربة التي تقدمها هذه المؤسسة العريقة في شمال كردفان، الملتقى الثاني لخريجي خلاوى ود كدام أتت انطلاقته متميزة امتدت ثلاثة أيام حسوما قدم فيها الخريجون عبر *ملتقاهم الثاني نماذج مشرفة أكدت مدى تسلحهم بالعلم والمعرفة، والعزيمة وقوة الإرادة، وهم يعتمدون على مواردهم الذاتية لتمويل ملتقاهم الثاني لأنهم يرتبطون وجدانياً بخلوة منحتهم العلم والشهرة والمجد ليبادلوها الوفاء بالوفاء مجددين عهداً قطعوه مع أنفسهم بأن تكون لهم عودة جماعية كل عام ليستحضروا فيها الكثير من القيم والمعاني يلونون سماء الخلوة، والمنطقة بلون الحب والوفاء في نهارات عامرة بالزيارات، وتقديم المحاضرات وليالٍ عامرة بالتلاوة الجميلة.
وقبل اليوم المحدد لانطلاقة الملتقى جاءت الوفود والقوافل من كل حدب وصوب، فمن الخرطوم تحرك وفد كبير يضم مختلف الدرجات العلمية من خريجي الخلوة، وشمل هذا الوفد (الدكاترة) والأساتذة وأئمة المساجد، وطلاب الجامعات والمعاهد العليا والحفظة من الخلوة، والذين يحملون المودة والحب لهذه المنارة السامقة، والمريدين لخلوة ود كدام بحلة ٳدريس بالمزروب، وفي المضمار بذلت لجان الملتقى جهودا جبارة عبر كل قطاعاتها وآلياتها لإنجاح الملتقى. وعلى مستوى الولاية جاء الشيخ أحمد محمد عبده في ملأ من قومه من قرى وأودية وفرقان منطقة أبو زعيمة ومن أم بادر شارك الشيخ المقرئ محمد يوسف ومن حفرة جاء ود العبيد وود المصطفى وإخــوانه، ومن دار حمر كان الحضور مبكراً للشيخ المهذب خريج ودكدام محمد خليفة، الذي جا۽ محملاً بعدد من المؤن كانت عربته تخدم ليل نهار، ومن جنوب الأبيض جاء الشيخ الهمام رجل الأعمال الشيخ بشير أحمد عشى، مسخراً نفسه وعربته في خدمة الملتقي وأهله، هذا بجانب العديد من المشاركات الفاعلة من المحبين والمريدين في الملتقى الذي قدمت فيه عدد من الندوات والمحاضرات بالمزروب والقري المجاوره له عبر برنامج متكامل مصحوب برؤية واستراتيجية واضحة تهدف لبناء مؤسسة دعوية راسخة تخدم القرآن وطلابه بالمنطقة في القريب العاجل.
*وفي يوم السبت كان الختام لبرنامج الملتقى بخلاوى الشيخ موسى محمّد كدّام، حيث تم عرض نماذج من تلاوات ندية استمع الناس إليها في خشوع وإخبات.
وفي بداية البرنامج رحب الشيخ محمد موسى كدام (إنابة عن أسرة آل كدام) بالمشاركين من الضيوف والحشود الضخمة التي أتت للمشاركة في الملتقى. وتخلل الحفل كلمات عديدة ومفيدة منها تذكرة الشيخ الشريف أحمد الشريف السالك عن القرءان وفضله، وأهمية العناية به وصونه بحفظه* وفهمه والعمل به في ظل فتن الزمان التي أصبحت تدهمنا من كل جهة، كما تحدث الدكتور أبو ذر التجاني عن جهد آل كدام منذ أجدادهم الذين سلفوا عن حماية نار التقابه في دار المجانين من أن تنطفيء وأنهم أفنوا أعمارهم في هذا الشرف نساءً ورجالاً وأخلصوا له، مترحمًا على روح الراحلة الوالدة (أم الفقراء) أم عزين بشير كدام (رحمها الله) زوج الشيخ موسى محمد كدام في خدمة حيران الشيخ ورعايتهم وأنها لم تشكُ يوماً من نقص وقتها ولا تضييق رزقها ، وأكد أنها كانت امرأة عصاميه* استثنائية في مسيرة آل كدام في خدمة أهل القرءان، وأنها أهم خرزات العقد النضيد.
معدداً مآثر الشيخ الشيخ موسى محمد كدام، مما أثار في الحاضرين شجوناً وذكريات خوالي فبكى الجميع.
وفي السياق تحدث السيد الناظر سليمان جابر ناظر عموم قبيلة المجانيين عن رضاهم التام عن مثل هذه الملتقيات والتجمعات، ودعا إلى استمرارها وتطويرها حتى بستفيد منها كل الناس في دار الريح ،، فالناس هنا في حاجة لسماع قول الله ورسوله.
وضمن فعاليات الملتقى الثاني لخريجي خلاوى ود كدام الدعوية خطب الشيخ فضل الله محمد زين في المصليين بمسجد المزروب العتيق قائلا : إن للدماء حرمة مشيرا إلى أن القبلية داء فتاك، وأنه لابد من عدم الالتفات للنعرات القبلية التي تهدم المجتمعات والشعوب، فيما تناول في خطبة الجمعة (موضوع الربا) ووصفه بالحرب مع الخالق عز وجل ، وفي السياق ذاته قدم الشيخ فضل الله محاضرة عن السلم الاجتماعي بالمسجد القطري، وقال إن الناس سبب في دخول الجنة أو النار، وأكد أن خطوات السلم الاجتماعي هي، ( المحبة والرضاء والتسامح). كما أشار في اليوم الختامي إلى أن سبب تأسيس قبيلة الحفظة هو التبشير بالإصلاح بين القبائل المجاورة، والسعي لبث الوعي في السودان عامة وشمال كردفان بصفة خاصة. فيماعقب على الندوة بالمسجد القطري الدكتور محمد النور الأمين عساكر متحدثا عن السلم الاجتـــــماعــــــي .
ومن ثم قدمت محاضرة للنسا۽ بمسجد حلة الحاج يوسف ((بعنوان. المرٲه المسلمة ودورها في تنشئة الاسرة)) قدمها فضيلة الشيخ الدكتور الدرديري أحمدجابر، والدكتور أبوذر التجاني.
إضافة إلى تخريج الحفظة وعددهم (20 حافظاً)، وتم تكريمهم وشيوخهم بحافز مالي محترم قدره (مليار واربعمئة ألف) بالقديم مقدم من قِبل عضو الملتقى وخريج الخلوة المعطاء الشيخ بشير أحمد عشي (الشنبلي) وكذلك قدمت مظاريف لكل الخريجيين من الأخ محمد خليفة الحمري وكذلك مبلغ ثلاثمئة ألف جنيه من المدير التنفيذي لمحلية غرب بارا، وعلى هامش الملتقى التقى وفد الحفظة بناظر إمارة المجانيين السيد سليمان جابر بداره العامرة بمدينة المزروب وسط حفاوة بالغة وكرم فياض من أهل الدار تباحث الجانبان في الكثير من الأمور والقضايا التي تهم المنطقة وأهلها ودور الخريجين من أهل القرآن، ومن ذلك مثلا حلحلة القضايا العالقة بالمنطقه ،
كما تحدث بدار السيد الناظر عضو الملتقي الدكتور الدرديري عن أهمية الترابط والتكاتف والتعاضد وعن ضرورة صلة الرحم وعن أهمية وحدة الصف، وعقّب الدكتور أبو ذر التجاني عن أهل الملتقى وقال: إن لديهم جهودا جادة ومبذول لها الوقت والمال وكل غال ونفيس من أجل حلحلة المشكلات القبلية التي حدثت مؤخراً من حولنا، وقدم الاستاذ الشاعر بشير عطا المنان شعراً رصينا في حق أهل القراءن وفي فضله، وفي حق أهل المزروب عموما.