رقية الزاكي تكتب فليترجلْ (الفاشل)
الجلوس على مقاعد الحكم مسؤولية والإمساك بزمام الأمور المعيشية للناس مسؤولية وعلاج المرضى مسؤولية، وحلهم وترحالهم وأمنهم وأمانهم مسؤولية. وفي ديننا الحنيف قال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، ووضع على رأس من عناهم بقوله (كلكم) الإمام.
وللصحافة أيضاً مسؤولية تحتم عليها نقل معاناة الناس بدقة ومسؤولية ودون أي أجندة سياسية، فقط واجبنا أن نوصل للحكام ما يعانيه المواطنون المحكومون.
راسلتني مواطنة قالت إن قطعة الخبز التي اشترتها اليوم تجاوز سعرها مبلغ الـ(50) جنيهاً حيث منحها صاحب المخبز (9) قطع بمبلغ (500) جنيه، وتابعت (ركبت مواصلات بمبلغ خرافي) .. هكذا قالت.
هذه الرسالة جاءتني وكنت أطالع خبراً عن مقتل شاب غدراً وسط العاصمة الخرطوم وقبله شاب وآخر وآخر في أيام متتالية حتى أصبح القتل عادة، نعيش الإحساس بمعاناة المواطن وسوء الحال وشظف العيش وتمدد الفقر والأمراض.
الكل مسؤول عن مايعيشه المواطن السوداني من درك أسفل وافتقاد للأمن والأمان وشظف في العيش وانهيار في الخدمات، الذين ينشدون تغيير الواقع شباب في مقتبل العمر ويواجهون الموت وإن كانوا هم يواجهون الموت هكذا، فالقابعون في بيوتهم (صبراً) دون اللجوء إلى أية وسيلة من وسائل الاحتجاج والتعبير، عن رفض هذا الواقع يواجهون خطر الموت أيضاً لكن بطرق أخرى، وتنتابهم الحيرة وتحيط بهم الهموم من كل جانب.
هل ياترى يشعر الحاكمون ومن شايعهم إن كانوا عسكريين أو مدنيين بحالة من الرضا، وهم يتفرجون على واقع المواطن السوداني، والظروف الخانقة التي يمر بها والحيرة التي تنتابه.
الآن من يملكون المقدرة المالية هربوا لبلدان أخرى وغيرهم يرتبون للهروب، ومن لا يستطيعون ينتظرون الموت بطريقة أو بأخرى.
تعقيدات الملف الاقتصادي وملف معاش الناس من أبجديات مهام الحكومة، ومن لم يأنس في نفسه الكفاءة ومن لم يستطع تقديم حلول أو إحداث أي اختراق في ملف معاش الناس، عليه أن يعترف بالفشل.
لا يعقل أن يستمر الجالسون على كراسي وزاراتهم يكتفون بالفرجة وفي مشاهدة فيلم، أبطاله من الكادحين الذين لاينام لهم جفن وينتظرون موت البطل.
لايعقل أن يقود هؤلاء المتشبثون بمقاعدهم بل ويقاتلون من أجل قيادة لايملكون لها أي إمكانيات، ومن غير المنطقي أن تسعى الحكومة لتمويل موازنتها من جيب المواطن ومدخراته، لأن هذا الأمر لن يستمر طويلاً، بعد أن تقضي الأسعار التي تزيدها الحكومة كل يوم على مدخرات المواطن غير الموجودة أصلاً، في ظل تدمير الحكومة نفسها للإنتاج.
فليترجلْ الفاشل حتى يجد التقدير من هذا الشعب فالاعتراف بالذنب فضيلة.. وأفضل بكثير من التمادي فيه.
التفتوا قليلاً لحال المواطن المغلوب على أمره رحمكم الله، فقد بلغ السيل الزبى ولم يبقَ الكثير لتندلع ثورة الجياع.