عبدالماجد عبدالحميد يكتب.. عودة غندور .. عودة العقل والحيوية للمشهد السياسي السوداني

0

• قبل حواره مع قناة الجزيرة مباشر كان البروفيسير إبراهيم غندور القيادي المؤثر بحزب المؤتمر الوطني يستقبل وفد الأمير عبد الرحمن الصادق المهدي نجل الإمام الراحل الصادق المهدي وخليفته المنتظر علي عرش إمامة وقيادة كيان الأنصار وحزب الأمة ..
• عندما دخل وفد الأمير عبدالرحمن الصادق كانت دار البروف غندور قبلة لطيف واسع من المجتمع السوداني جاءت لتحية الرجل عقب إطلاق سراحه من حبس تجاوز البروف آثاره عقب براءته من كل التهم التي تم تلفيقها له عقب اعتقاله الذي كان سببه المباشر طبيعة الحيوية والتأثير الأفقي والرأسي الذي أحدثه بروف غندور عقب سقوط الإنقاذ والزج بقيادات حزب المؤتمر الوطني إلي السجون والمعتقلات مع حملة شيطنة إعلامية وسياسية غير مسبوقة في تاريخ السودان الحديث ضد حزب سياسي والمنتمين إليه والتحريض علي قتلهم وسحلهم في شوارع الخرطوم !!
• والغريب والمدهش في الأمر أن آخر حديث سياسي لبروف غندور كان علي قناة الجزيرة مباشر في مواجهة عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني وهو اللقاء الذي أفحم فيه البروف الدقير ووضعه في خانة المدافع عن مواقف بدت مهزوزة وغير متسقة علماً بأن الدقير كان يمثل أحد أهم أحزاب الحرية والتغيير أيام سطوتها التي إنتهت إلي سراب !!
• قبل لقاء قناة الجزيرة مباشر كان البروف يستقبل ضيوفه .. يبادلهم السلام والتقدير وعلي طريقته الخاصة كان حريصاً علي تحيتهم بأحب الأسماء إليهم وهي الصفة التي حببت الرجل إلي معارفه سياسياً واجتماعياً ومما التقطته من سلامه لوفد نسائي جاء لتحيته مناداته لإحداهن بقوله ( إزيك يا بت أمها ) وهو ما دفع ضيفته الكريمة إلي البكاء تأثراً قبل أن يعود الرجل إلي مجلسه المحتشد بقيادات من كل القوي السياسية وأعيان المجتمع الذين لم ينقطعوا عن دار غندور منذ اللحظات الأولي لإطلاق سراحه ..
• صحبنا وفد الامير عبدالرحمن الصادق المهدي إلي منزل الأخ كمال إبراهيم أبرز الذين تم اعتقالهم منذ الأيام الأولي لسقوط الإنقاذ والذي خرج بحكم البراءة الذي شمله مع آخرين من إخوانه وأحبابه ، وفي طريق عودتي إلي منزلي تابعت حوار البروف مع قناة الجزيرة مباشر وتساءلت علي الفور من أين لبروف غندور بكل هذه الطاقة للمشاركة بالحديث إلي قناة إخبارية وقبلها بدقائق كان مشغولاً باستقبال ضيوفه من أهل السودان كافة ؟!
• وحتي لا (نسحر الرجل) نقول بسم الله ماشاء الله .. ونعيد التذكير بأن غندور ظل من أبرز مراكز الجذب الإعلامي التي لا تستطيع أي قناة ومنصة إعلامية تجاوزها .. فهوحاضر في كل الأوقات وهو أيضاً من السياسيين القلائل الذين يملكون حضوراً عالياً وترتيباً مدهشاً في تعاطيه مع أكثر الأسئلة الصحفية تعقيداً وإرباكاً وهو ما أكسبه تقدير واحترام من يحاوره من الإعلاميين ومن يستمع إليه من عامة الناس مؤيدين له أو معارضين !!
• في حديثه لقناة الجزيرة مباشر أعاد غندور الحيوية للمشهد السياسي السوداني وليس غريباً أن يسجل حواره مع القناة أعلي درجات مشاهدة لحديث سياسي سوداني في الآونة الأخيرة وبهذا سيبقي غندور قبلةً لحوارات وأحاديث صحفية ستقصده خلال الأيام القادمة ..
• غندور أعاد الحيوية أولاً لصفوف قيادات وقواعد المؤتمر الوطني نفسه .. هذه القواعد والقيادات التي ظلت منذ سقوط الإنقاذ حبيسة ردة الفعل السياسي وغير راغبة في الحديث المباشر لوسائل الإعلام ..
• حديث بروف غندور اليوم أحيا موات المواقف داخل الوطني والذي ظلّ منذ مدة طويلة حبيساً داخل تدابير سياسية وتنظيمية أقعدت الحزب وأبعدته عن دائرة التأثير السياسي وتفصيل هذا الحديث الصريح يهم قيادات وقواعد الوطني في صفها الداخلي أكثر مما يعني عامة جماهير الشعب السوداني التي لايزال قطاع كبير منها علي موقفه الضبابي من الوطني بفعل حرب التشويه الشرسة التي تلت سقوط الإنقاذ ..
• أعاد غندور بحديثه اليوم الحيوية والتعقل للمشهد السياسي السوداني والذي طال به العهد أن يسمع من ينادي بتجاوز المرارات السياسية لصالح الوطن السودان وهو موقف وحديث عاقل تحتاجه قوي الحرية والتغيير نفسها التي وجدت نفسها في موقف لاتحسد عليه جراء تقديراتها السياسية الخاطئة التي لم تخرجها من المشهد السياسي وحسب ، بل عرضتها لموجة غضب شعبي عارم حتي من أقوي مؤيديها من الشباب الذين حشدتهم بخطاب الكراهية ضد الكيزان !!
• لا أعرف كيف تابع الدكتور عبد الله حمدوك حوار قناة الجزيرة مع غندور ؟! .. لقد قدم الأستاذ الجامعي وطبيب الأسنان وحكيم السياسة السودانية درساً في أخلاق السياسة .. لم يقل كلمة تُحسب عليه ضد حمدوك .. قال بذكاء السياسي المحنك إنه يترك تقييم تجربة حمدوك للشعب السوداني !!
• لا أعرف كيف تابعت قيادات الحرية والتغيير داخل وخارج السجون والمعتقلات حديث بروف غندور ؟! .. ربما تحدث مفاجأة سياسية لم تدر بخلد أحدٍ أو توقعه .. أن يقود بروف غندور مبادرة سياسية لاطلاق سراح وجدي صالح وآخرين من ورطتهم السياسية والقانونية .. لن ترتفع حواجب الدهشة عند من يعرفون غندور إن سمعوا بأنه تقدم بطلب لزيارتهم في محبسهم بسجن سوبا .. لن يكون هذا غريباً فالذين يعرفون غندور يعلمون أنه يطبق قولاً وفعلاً شطر بيت الشعر العربي ( ليس زعيم القوم من يحمل الحقدا ) ..
• في أيام الإنقاذ الأخيرة تحدث الأستاذ حسين خوجلي بأسي عندما قال إن حكومات الإنقاذ في سنواتها الأخيرة خلت من السياسيين والتنفيذيين النجوم أولئك الذين يحركون المشهد السياسي صمتوا .. أو تحدثوا ..
• وفي سنواتنا الأخير هذه افتقد أهل السودان أشياء كثيرة وعزيزة ، ومن تلك الأشياء العزيزة التي افتقدوها نجوم السياسة في المشهد السياسي السوداني .. الذين لم ينتبهوا لحديث غندور عن المعارضة المساندة في أيام الهيجان تلك ربما عاد إليهم وعيهم بعد التجربة المريرة مع سنوات الثورة المصنوعة .. هاهو غندور يعود إلي كرسي نجوم السياسة الذين يحركون راكد الإعلام ويعيدون الوعي إلي مشهد سياسي يضج بلعيبة الدافوري ..
• إن كان المهتمون بكرة القدم العالمية قد عادوا إلي متابعة مشاهدة مباريات برشلونة بسبب الإضافة النوعية التي قدمها المدرب الشاب شافي إلي صفوف لاعبي البارسا ، فإن المهتمين بالمشهد السياسي السوداني ربما يعودون إلي وعيهم لإدارة الخلاف السوداني علي طريقة ( التيكي تاكا ) .. وهاهو غندور قد قدّم السبت بانتظار الأحد من فرقاء المشهد السياسي المأزوم .. العسكريين والأمنيين منهم قبل السياسيين !!

اترك رد