فتح الرحمن يوسف يكتب.. الحقيقة كما هي وما ينبغي أن يكون
لعل من الواضح أن سرد الحقائق كما هي دون تستر ولا مجاملة لإيجاد المعالجات المناسبة والجذرية أمر مهم جدا وضروري وعليه فإن مايجري في دارفور الآن نلخصه في الآتي:-
* المجلس العسكري لا يملك إرادة إنهاء الصراع في دارفور وتنفيذ إتفاق السلام بكامل مطلوباته والتماطل في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية خير دليل والصمت على مايفعله الدعم السريع من إشعاله لفتيل المشاكل والفتن دليل ثاني أكبر. ثم إن أي إستقرار في الأوضاع الأمنية في السودان يعني على المجلس العسكري التحول للخطوات التي تلي الأمن وهي تسليمه السلطة للشعب وبالطبع هذا فيه نهاية لدور المجلس العسكري السياسي الذي يلعبه الآن وهذا مالا يريده.
*الدعم السريع هو المهدد الأكبر للأمن في دارفور وكل السودان وآل دقلو يسترزقون على عذابات شعب السودان وأرواح أبنائه وعلى العمالة لأطراف خارجية لا تريد حدوث أي توافق سوداني أو أي إستقرار كلما لاح في الأفق بصيص من أمل لذلك لن يتوقف الدعم السريع عن ممارساته لأن وجود قادته في معادلة الحكم ضامن استمراره الترويع والتخويف وإظهار القوه فمشكلة كتلك التي حدثت في كرينك ماكان لها أن تصل إلى هذه المرحلة لولا تدخل مليشيات الدعم السريع بعتادها الحربي.
*الدولة لن تستطيع فرض هيبتها في دارفور في ظل وجود حميدتي ووجود قواته هناك وفي ظل إصرار المجلس العسكري علي إرسال قوات مشتركة فيها الدعم السريع.
* ترى الحركات المسلحة أنها وضعت بين خيارين أحلاهما مر الأول الصبر على الخطوات البطيئة لتنفيذ إتفاق جوبا وهذا مكلف جدا في ظل استمرار الصراعات والموت في دارفور
فهو يكلف الحركات فقدان مصداقيتها تجاه شعبها الذي من أجله حملت السلاح ومسح تاريخها النضالي الطويل وتحمل هجمات أصحاب أصوات النقد الرافضين لإتفاق جوبا وتساقط العديد من عضوية هذه الحركات.
أو أن تخسر هذه الحركات إتفاق جوبا للسلام وتعود لمربع الحرب وهذا الأمر أيضا مكلف جدا لأن المواجهة ستكون هذه المرة مواجهة مباشرة مع الدعم السريع دون حوجة من الدعم السريع للتستر خلف الصراعات القبلية أو إشعال الفتن هنا وهناك بل سيجد مبررا لمواصلة جرائمه وبالتالي سيكون عدد الضحايا أكبر.
صمت هذه الحركات أحيانا بحجة أن مايجري تفلتات قبلية ويجب حلها في إطارها فيه مجافاة للحكمة التي ينشدونها. والشجب والإدانة فقط مع العلم المؤكد مشاركة الدعم السريع بل وخلقه لكل تلك المشكلات أيضا فيه عدم جرأة في قول الحق وقلة الحيلة في التعامل مع الحقائق على أرض الواقع.
*مايجب فعله وبصورة عاجلة هو إعلان تجميد إتفاق جوبا للسلام الجانب الخاص منه بإقليم دارفور والعودة الي الضامنين مع التزام تلك الحركات بضبط وربط جنودها والالتزام ببروتوكول وقف إطلاق النار في حالة وقف الدعم السريع لانتهاكاته وقيام القوات المسلحة والشرطة والأمن بواجباتهم الأمنية.
هذا الإعلان هو أكبر إحتجاج على مايجري في دارفور وفرصة لمراجعة بند الترتيبات الأمنية والإصرار على دمج الدعم السريع وتسريحه.
العودة لمربع الحرب أمر مكلف جدا لا يعلم عواقبه إلا عاقل وعالم بطبيعة مايحدث في السودان وماحوله والبحث عن سلام جديد سيكون أكثر تعقيدا ولذلك حتى خطوات الرجوع إلى الخلف يجب أن تكون محسوبة بدقة حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة.
* الذين يهاجمون حركات سلام جوبا عليهم أن يعلموا جيدا أن وجود هؤلاء داخل الوطن مهما كلف وجودهم خير من عودتهم الي مربع الحرب ولو ظنوا أن بخروجهم ستنعم أحزابهم بخير السودان وكراسي سلطته الوثيرة أو أن الأمور ستستقر يكونوا قد صنعوا أكبر أكذوبة وصدقوها.