عثمان جلال يكتب. . المؤتمر الشعبي وشورى الحكمة
(1)
وددت لو تضمنت التدابير التي اتخذتها الحركة الإسلامية لإنجاز ثورة 30 يونيو 1989 قرارا استراتيجيا بالتواثق على عدم إسقاط تجربة الحكم في السودان بالاستلاب أو الانقلاب، أو الثورة، وان اي تباين- مهما تعاظم- حول الرؤى والوسائل التي توصلنا إلى كمال مثالات التجربة والتحول الديمقراطي الشامل ينبغي ادارته تدافعا فكريا وسياسيا من داخل المؤسسات التنظيمية، ولكن كما نهضت الإنقاذ بالوحدة والتماسك والتضحيات العظيمة سقطت بالتآكل الذاتي والتعرية الداخلية.
(2)
المؤتمر الشعبي التيار الإسلامي الطليعي الذي جمرته تجربة العمل السياسي والتحالفات المعارضة لنظام الإنقاذ ادرك بعد انتفاضة 2013 أن الوسع الذي استنفده في التحالف مع التجمع الوطني الديمقراطي البائس من أجل قضايا البناء الوطني والديمقراطي كان الأجدر الصبر الدؤوب على بذله في عملية التغيير والاصلاح داخل مؤسسات الانقاذ حتى تستوي نظاما ديمقراطيا يكون التيار الإسلامي الوطني في طليعته.
وهكذا كانت الرؤية الاستراتيجية للمؤتمر الشعبي بعد مبادرة الحوار الوطني في عام 2014م والمتمثلة في التوافق مع المؤتمر الوطني ودفع كل القوى السياسية الوطنية لإنجاز قضايا الوفاق والسلام وبناء المنظومة الخالفة التيار الفكري والسياسي الطليعي لترسيخ قضايا البناء الوطني، والتحول الديمقراطي المستدام.
(3)
تنعقد هيئة الشورى القومية للمؤتمر الشعبي غدا السبت 25 يونيو 2022، والدولة السودانية بين خياري الصمود والبقاء، والتشظي والتفكك، وتنعقد هيئة الشورى وقد استدار الزمان كهيئته قبل 30 يونيو 1989م والتيار الإسلامي الوطني يواجه ذات التحديات المصيرية والمتمثلة في محاولات العزل والاجتثاث من قوى الشر الإقليمية والدولية وحلفاؤهم في الداخل وفي طليعتهم قحت المجلس المركزي البائسة بالتالي فإن توسيع دائرة الشورى ووحدة الرؤية بين القيادة والقاعدة حول قضايا المصير الوطني والاسلامي في هذا السياق الظرفي ينم عن حكمة وعقلانية.
(4)
ان إعمال الشورى الكثيفة حول القضايا المصيرية الكبرى من سنن حركة الإسلام الام وقد عقدها النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر الكبرى (اشيروا علي أيها القوم) واثمرت عن بيعة النصرة من كل قيادات وقواعد الاوس والخزرج بدلا من انعقادها يوم بيعة العقبة الثانية بين النبي (ص) وكبار زعماء الاوس والخزرج، وتداعي الشورى يوم الخندق اثمر عن هزيمة الأحزاب وجلاء اليهود من المدينة وقاد إلى الهدف الاستراتيجي والمتمثل في فتح مكة، وتداعي الشورى وسط القيادة والقاعدة بعد مقتل الخليفة عمر رضي الله عنه أثمر عن وحدة وتماسك الصف الإسلامي وانتخاب عثمان رضي الله عنه خليفة للمسلمين وتداعي كل المسلمين عقب وفاة النبي (ص) في مؤتمر شورى سقيفة بني ساعدة أثمر عن وحدة وتماسك المسلمين وانبثاق الرؤية الاستراتيجية للحكم في الاسلام والتي تجلت نتائجها في ذلك الشعار العولمي الباذخ (ياسحابة شرقي وغربي أينما تمطرين يأتيني خراجك).
(5)
في اعتقادي أن الخلاف داخل المؤتمر الشعبي خلاف تباين وتنوع وليس خلاف تناقض وتضاد، وينبغي إدارته غدا السبت 25 يونيو 2022م في مؤتمر شورى الحكمة والعقلانية بالتدافع الفكري والسياسي والخروج برؤية تفضي إلى وحدة وتماسك وفاعلية أجهزة الحزب من القمة إلى القاعدة، وتماثل الرؤية الفكرية والسياسية بين القيادة والقاعدة حول قضايا المصير الوطني وقضايا التيار الاسلامي ونسج منوال التحالفات السياسية الاستراتيجية بما يصب في تحقيق الوفاق والسلام والتحول الديمقراطي المستدام عبر رؤية وإرادة سودانية محضة.