فضل الله رابح يكتب.. خطاب البرهان .. المستـور والهستيريا السياسيـة القحاتيـــة ..
ليس هناك أدنى شك أن خطاب 4/يوليـــو الذى ألقاه الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالى قد أزال الكثير من الغشاوة عن عيون الكثيرين بمن فيهم المحللون والباحثون عن الحقيقة ووضع الجيش فى التموضع المريح بعدما كان علي حافة الهاوية لكنه نهض به من حالة الكبوة والسُبات إلى الفاعل الحقيقى فى المستقبل ومختصر الحديث أن البرهان بلغة الكتشينة ( دك الورق) وبعد شهر او ثلاثـة شهور من هذا الخطاب لن يتفق المدنيـون السياسيون ولن تتشكل حكومة مدنية كاملة الدسم وسيضطر الجيش الي الخطـوة البديلـة وهى تشكيـل حكومـة تصريف اعمال من كفاءات وطنية والعمل علي ترتيب المشهد السوداني من جديد وسيبدأ الاعداد لإنتخابات وفي المقابل سيبدأ الشيوعي واطياف اليسار رحلـة البحث عن شرعيـة البرهان نفسه ويتفاخرون بأنهم لا يريدون تعايشاً وتداخلاً مع اليمين والجيش من اساسه وسيبدأون الدخول في التحدي بخطوات تصعيـدية وتحريـك الشارع من جديد لكن حتي هذه الخطوات الجيش تحصن وتخسب لها فى خطاب قائده البرهان وهى تعتبر مغامرة من الحزب الشيوعي إما افلحت في اعادة ترتيب البلد واذانجحت هذه المرة ستكون الي منطقة اشد ظلاماً وظلماً أو ينزلون تحت الارض كما كانوا يفعلون ويستمر التراجع والأحداث ومشوار الطمع السياسي ويصعد حزب الأمـة مستفيداً من حالة السيولة السياسية ليقول انه حزب الاغلبية في ديمقراطية العام 1986م ولا يقبل بغير ذلك وكذلك الاتحاديين سيرفعون السقف ويقولون انهم الحزب الثاني في السودان بعذ حزب الامة وستظهر حركات دارفور على حقيقتها وستدعي انهم كانوا مخدوعين ومغدورين وهم أصحاب النضال والثورة التراكمية ويطالبون بترفيع نسبة مشاركتهم في السلطة الـ 25% المنصوص عليها في اتفاق جوبا الي 40% في نفس الوقت يرون بمنظار آخر وانهم الاكثر نضالاً وتضحية تلك هي التنبواءات الاستشرافية لطبيعة الصراع والمناكفات المحتملة .. ثم يأتي دور شتات احزاب البعث العربي بتصوراتهم الساذجة وهيمنــتهم اللامعقولة علي عقلـه الخشبى .. ثم يأتي حزب المؤتمر السودانى محاكماً الجميع بانه الحزب التقدمي الوحيد ويهتفون بأشعار الشريف حسين الهندي والشريف زين العابدين .. هكذا حزب السنابل كثيراً ما يدعي بانه حزب يحمل ختم وسحر الثورة وأنه من أشعل اللساتك ناراً وهو وحده من بيده كتابة نهاية تاريخ الثورة .. والبرهان بهذا الخطاب وضع قد رجله ووقف فى المكان الذى تجنبه المشير عمر البشير وهو الوقوف في مسافة واحدة من الجميع ومواجهة التطورات اللاحقة .. البعض حذر ومتخوف من ان يكون خطاب البرهان خدعـة وبيان تخديري وفيـه تضليل وانه رضخ لمحاولات السفير السعودي ومساعدة وزير الخارجية وفرضهم بعض الاجندة مثل ابعاد العساكر من عملية الحوار وتكوين حكومة كفاءات مدنية كاملـــة الدسم الي جانب طريقة تكوين مجلس السيادة ومجلس الامن والدفاع وضرورة اشراف رئيس الوزراء المدنى علي مجلس الامن والدفاع .. واضح ان البرهان تخلص من هذه الورطة وتعمد ان يقيــم علاقات سحرية مع الكل واضعاً امامهم شرط الاتفاق والتوافق الوطني وكانه قصد ان يقول لهم : ( يلا نشوف فلاحتكم يا مدنيين ) الا ان من يفزعون بآمالهم وافكارهم المجنحة متناسيين سيرورة الكون وإمكانيـة أن تمطر بدون بُرَاق على قول حميدتي والبرهان بهذا الخطاب التجريدى يجتاز الوعى الشائع وآليات تطوره ليضع الجميع امام سيناريوهات كثيرة لكن الأكثر تأثيراً فيها البرهان فتح النور الطويل الذي يكشف بانه يمتلك أوراق مخفية حال ظهورها ستقلب الطاولة علي الجميع .. وهذا نتركه لقادم الشهور وما تشهده من تخبط وعجز وصراعات وتزاحم على اليات حوار الثلاثية التي اتوقع ان تغادر البلاد وتنهي عملية الحوار التي هي آلية من اليات الغزو والاستعمار الجديـــد .. صحيح أن خطاب البرهان خلا من التطرق لقضايا الناس وإحتياجاتهم اليوميـة وربما التجاهل مقصود فى هذه الزاوية وفي هذا التوقيت مرتبــــك .. فى خطاب البرهان غابت مصطلحات ومراجع اساسية ابرزها الحديث عن الوثيقة الدستورية وسيحاول ذات الذين طالبوا وهتفوا بعودة الجيش للثكنات ان يقنعوه بالعودة الي طاولة المفاوضات مرة اخري لكن ستكون بعد فوات الاوان والنتيجة ستكون خسارة عليهم وسيتوه فولكر بيرتس فى متاهات الخصام والتكتلات السياسية وسيكسب الجيش رهان الانتخابات بقيامها بعد انتهاء اجل المرحلة الانتقاليـــة في زمانـها المحدد لها لحظتها الحشاش يملأ شبكتو ..
..