ع. م/ ابراهيم مادبو يكتب.. أما وقد بلغنا مُنْـعَرَج اللِّوى فأسمعوها مني، المرحلة القادمة هي ثالثة الأثافي
1__ هذه المرحلة مطلوب فيها أن نختلف بسخونة وأن نتشظى سياسياً وفكرياً واجتماعياً، بأسلوب التخوين ورفض الاخرين وتكفيرهم وترهيبهم واكراههم على اتخاذ مواقف معينة، بحيث تصل الأمور إلى مرحلة خطيرة ومسألة تتجاوز حدودالخلاف السياسي وتفتح على اختلافات حادة وقاسية تزيد الشروخ وتضاعف الفتق الاجتماعي وتنبئ بصدامات وتقود إلى احتمالات مواجهة بين كل معسكر واخر، ونصيحتي لكم وحدوا صفوفكم وابتعدوا عن التسرع في التفكير وأعملوا على رفع الوعي الوطني والثوري، المرحلة القادمة هي اخطر المراحل التي ستمر بها الثورة، مرحلة ليس سلاحها القمع والبطش ولكن سلاحها التخوين، سيجعلونكم تخوّنون بعضكم البعض وتشككون في بعضكم البعض، وتضربون رقاب بعضكم البعض. وأني لكم لناصح ولا عذر لمن أنذر.
2_ يمكن بسهولة لكل مراقب محايد أن يرى ملامح هذه المرحلة التي بدأت تلوح في الأفق بالتلويح والتصريح من ثوار ونشطاء وساسة وحزبيين وقادة وفاقيون كانوا من أشد المتحمسين والمدافعين عن المشاركة في الثورة واعتبروا مشاركتهم انجازاً وطنياً واجتماعياً لمنسوبيهم ولشارعهم وإذا بهم في لحظة تتطلب الوعي يديرون ظهرهم للفرصة التاريخية التي خرجت من بين خطاب البرهان، وبدلاً من العمل السياسي الوطني يعمدون لتصعيد المواقف الصدامية ويعتبرون التقدم لإنجاح الفترة الإنتقالية «خيانة» وخروجاً «عن الثورية» مستخدمين لغة تخوين مباشرة ولغة تكفير مستترة ولغة تجريم مبطنة لا يمكن لها أن تسمح بقيام أي عمل ديمقراطي حول حق المشاركة في الحوار بين الأطراف المدنية والسياسية، أو حق المقاطعة وبما يصادر بتعسف غير منطقي حقوق الآخرين في اتخاذ قرارهم وتحديد خيارهم واستقلال مواقفهم من الحوارات التكميلية القادمة قريباً بدون ترهيب وبدون اكراه، فاسلوب الاكراه و «الأملاء» أسلوب معيب يتناقض وينافي الديمقراطية التي يدعون الالتزام بها، فكيف يكون «الإملاء» والإكراه والتهديد بالتتريس والعصيان إسلوباً في الموقف السياسي أمام طرف ترك لنا الساحة وغادر؟ وكيف نفهم اكراه المواطنين على اتخاذ مواقف تتسق مع مواقف تجمعات وكيانات واحزاب وقادة سياسيين كانوا يفاوضون الطرف الذي غادر حتى وهو يحزم في حقائبه؟ في حين يرفعون شعار الديمقراطية والحرية ويزعمون انهم من دعاة الدولة المدنية وهي التي ابسط شروطها وأول مقوماتها حرية القرار واستقلالية الخيار واحترام المختلف والمغاير فرداً كان أم جماعة، فكيف يخونون بعضهم الان والمطلوب منهم أن يجتمعوا للحوار فيما بينهم؟ وعن أي مدنية يتحدث البعض وهم يمارسون شكلاً من اشكال الارهاب بتخوين أي طرف يريد للفترة الإنتقالية النجاح، ويرددون بأن المشاركة في أي حوار (مدني/مدني) خيانة وبأن المشاركة خروج عن الثورة، كما تفهمون ذلك وكما تفصلونه بحسب مقاييس رؤيتكم الثيوقراطية المستغرقة في الاستعلاء الفوقي الذي يستمد استعلاءه وغروره من دعم وتدخلات خارجية يتم توظيفها توظيفاً ضيقاً لخدمة اجندة جماعة سياسية بعينها تجير المواقف وتجير الثورة سياسياً وتدفع الأمور نحو محاولات التعبئة والتجييش والدعوات الصدامية وإجترار العداوات وتوجيهها نحو الجيش بطريقة المراهقين السياسيين، فلغة التخوين والتكفير والتأثيم والتجريم التي بدأ البعض يستخدمها بقوة في حملات ترويجية لمقاطعة الحوار، تحمل لغة مجهولة العواقب وسيئة وضارة بالوطن، ومن يستخدمها اسلوباً ويلوح بها ترهيباً لاجبار الآخرين من البسطاء والعامة على الاصطفاف معه ومع دعواته، بكل تأكيد لا يحب وطنه وليس قلبه عليه فمن يحب وطنه لا يشطره إلى معسكرين على خلفية «خونة وثوار» فكل ما يريده الوطن أن أتركوا الناس تحدد مواقفها وتختار قرارها باستقلالية حقيقية بدون املاءات ووصاية ودون حملات مصنوعة أصبحت اسلوباً لإدارة الدولة وإدارة المجتمع وإدارة الحراك، «فقط» أتركوا الناس وشأنهم في القرار، ورؤيتهم في مشاركة يجدونها واجباً وطنياً وموقفاً داعماً للإصلاح وإنجاح الفترة الإنتقالية.
3 – الآن بدأ الشعب السوداني يدرك الحقيقة وبدأت الململة والمواجهة مع المتسلطين والإنتهازيين، ولكن ستكون المعركة كبيرة ومعقدة، لأن الخصم ليس مقتصراً على النظام، وإنما ضد مخلفات النظام وضد مخلفات المرحلة ونواتجها، من أشخاص ونشطاء وقادة سياسيين وأفكار وثقافة وخطاب كراهية وعنصرية ومشاكسات ومنظومات سياسية فاسدة نشأت وترعرعت على حواف وجروف النظام السابق، منظومات وتجمعات تبيح لنفسها أي شئ بإسم الثورية، وتبرر أفعالها ولا تقيم وزناً للكرامة الآدمية، ولا الوطنية، ولا لحق المواطن السوداني في الاختيار والعيش الكريم، أنظمة أشد قهراً من الأنظمة نفسها، وأكثر قدرة على توزيع الاتهامات، ونشر الشائعات، وأعظم جرأة في التجريم، وأبلغ في خطاب التخوين والتشكيك، وأشد فظاعة في مواجهة معارضيهم، وأطول نفساً في التباكي وإستدار العواطف وإغراغ الجماهير في خطاب التضليل والمخادعة.
4_ وفي الختام لن ينتصر الشعب السوداني إلا إذا استطاع مغادرة المرحلة السابقة ومغادرة مخلفاتها، *وهذا لن يكون إلا بجهود ونضالات الثوار الحقيقيون أمثال ذلك الراكز الثائر وعضو لجنة المقاومة الذي وقف شامخاً كالطود في «أعتصام الجودة»* وتحدث بالوعي في الفيديو المشهور، وصفع أهل السياسة الجوفاء، ومدعي النضال المعلب، وجوقة المخدوعين بالسلوك، والسنابل، والدريبات، وعنتريات هُبُّوا، وفبركات فولكر.