الرئيس التونسي.. يطرح “نسخة مصححة” من مسودة الدستور ويدعو للتصويت بنعم
اسفير نيوز __ وكالات
قال الرئيس التونسي قيس سعيد الجمعة، إن مسودة الدستور التي نُشرت في نهاية يونيو الماضي حوت بعض الأخطاء التي جرى تصويبها وتصحيحها على أن تنشر النسخة الجديد من المسودة ليل الجمعة، داعياً التونسيين إلى التصويت بـ”نعم” في الاستفتاء لـ”تصحيح مسار الثورة والتاريخ”.
واتهم سعيد، في كلمة مسجلة على صفحة الرئاسة التونسية بمناسبة حلول عيد الأضحي، بعض المنتقدين ممن لم يسمهم، لمسودة الدستور بأن انتقاداتهم “مدفوعة بحسابات سياسية وتحالفات لم تعد تخفى على أحد”.
وقال الرئيس التونسي، إنه يود أن يوضح أن “بعض الأخطاء قد تسربت لمشروع مسودة الدستور التي تم نشرها فوجب إصلاحها وتصويبها”.
وأوضح أن تلك الأخطاء كانت في بعضها “أخطاء في الشكل وأخرى في الترتيب”، واعتبر أن ذلك “أمر معهود ومألوف” في نشر سائر النصوص القانونية والقرارات القضائية إذ “تتسلل الأخطاء لأي عمل بشري”، لافتاً إلى أن النسخة المصححة ستنشر، ليلة الجمعة، في الجريدة الرسمية “بعد إصلاح جملة من الأبواب وعدد من الفصول”.
لكن سعيد شدد على أن النسخة المصححة التي ستعرض للاستفتاء في 25 يوليو الجاري، “لا تراجع فيها عن الاختيارات الأساسية ولا عن المبادئ الكبرى لأنها من صميم الثورة بل هي من روحها ومن وجدان الشعب وضميره”.
وتابع: “ما ورد خطأ فقد رفع وما كان التباساً فقد نزع ولا خوف ولا تشكيك”.
وأثارت نسخة الدستور التي نشرها الرئيس قيس سعيد بالجريدة الرسمية في 30 يونيو جدلاً واسعاً لما تمنحه للرئيس من سلطات واسعة وتنقل النظام السياسي إلى نظام رئاسي بالكامل.
وتبرأ الصادق بلعيد، رئيس لجنة إعداد الدستور من المسودة التي نشرت وقال إنها مخالفة لتلك سلمها للرئيس قبل نشرها، مؤكداً أن تبنّيه في استفتاء 25 يوليو يمكن أن “يفتح المجال أمام نظام ديكتاتوري”.
وينصّ مشروع الدستور على أن “رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة” يعيّنه الرئيس حسبما ذكرت “فرانس برس”.
وهذه الحكومة “مسؤولة عن تصرفاتها أمام رئيس الجمهورية” وليست بحاجة لأن تحصل على ثقة البرلمان لتزاول مهامها، كما يمكن للرئيس أن ينهي مهام الحكومة أو مهام أي عضو منها تلقائياً، ما يعني أن البلاد ستنتقل إذا ما أقرّ هذا المشروع من النظام البرلماني الحالي إلى نظام رئاسي.
واعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل، السبت الماضي، أن الدستور الذي سيطرح للاستفتاء يتضمن صلاحيات واسعة للرئيس وتحجيماً لباقي الهيئات وهياكل الدولة، وهو ما من شأنه أن “يهدد الديمقراطية”.
“حسابات سياسية”
وقال الرئيس قيس سعيد في كلمته المسجلة، إنه “كان لا بد بمناسبة إصلاح هذه الأخطاء، من إضافة جملة من التوضيحات درءاً لأي التباس أو تأويل”، لكنه اعتبر أن النصوص القانونية “ليست بمنأى عن التأويل وإلا ما كان هناك فقه قانوني وتعاريف قانونية”.
وأضاف أنه إذا كانت بعض التأويلات صادرة عن الصادرة عن البعض مقبولة، فإن البعض الآخر “ينطلق من حسابات سياسية وتحالفات لم تعد تخفى على أحد”.
وتابع: “من المفارقات الغريبة أنه في الأسابيع الأخيرة البعض يتحدث عن الاستبداد والديكتاتورية وهو تحت حماية الأمن ويتصرف بكل حرية ولم تثر ضده أي قضية”.
وشدد على أن “الاستبداد ذهب دون رجعة ولن يعود لا بنص الدستور ولا بأي نص تشريعي آخر” لأن الشعب الذي “قدم آلاف من الشهداء والجرحى لأجل الحرية وكسر كل الأغلال، سيحميها ويتصدى لكل من يناوئها ويعاديها”.
ومضى قائلاً: “من المفارقات أن من يدعون باطلاً وبهتاناً أنهم يتخوفون من الديكتاتورية هم الذين عاثوا في الأرض فساداً واستبداداً تحت عنوان مغشوش وهو الانتقال الديمقراطي”.
وتابع: “لا انتقال حصل ولا ديمقراطية حقيقية تحققت، الأمر يتعلق بمصير دولة وبمستقبل شعب واقتضى الواجب المقدس أمام الله والشعب أن أتحمل المسؤولية التي حملتها وأتحملها كاملة”.
“هدف غير معلن”
وشدد سعيد على أن النص الذي سيعرض للاستفتاء “لا تراجع فيه عن الاختيارات الأساسية ولا عن المبادئ الكبرى لأنها من صميم الثورة بل هي من روحها ومن ودان الشعب وضميره”.
واعتبر أن الدولة “كانت تتهاوى وكانت على وشك السقوط” وأنه تم التنكر لمطالب الشعب لأن الهدف غير المعلن كان “تفجير الدولة من الداخل والتنظم داخل مرافقها العمومية واختلاق الأزمات الأزمة تلو الأزمة في الماء والكهرباء والسكر والحبوب والأدوية وغيرها”.
وأشار سعيد إلى “حملات منسقة” لم يسم من ورائها، انطلقت منذ مدة غير قصيرة بحسب قوله، الهدف منها هو “التشكيك في أي اختيار لذلك تم إدراج جملة من الإصلاحات حتى يرفع كل التباس”.
ودعا التونسيين إلى التصويت بنعم “حتى يكتمل مسار تصحيح الثورة ويكتمل تصحيح مسار التاريخ لنحفظ دولتنا معاً ونحفظ الحقوق والحريات ولنحقق أهداف الثورة معاً”.
وقال: “أدعو الجميع ألا يقبل أحد مالاً من أي جهة كانت كما حصل في 2019، أنا براء من أي تمويل كان، بإمكانياتكم حتى وإن كانت محدودة وبتعففكم غير المحدود يمكنكم المساهمة الناجعة في إنجاح الاستفتاء على مشروع الدستور الذي سيصدر بعد قليل للرائد الرسمي في هذه الليلة المباركة”