الطاهر ساتي يكتب.. و تحقق الحلم ..!! _____________

0

 

:: ( ذقنا أصنافاً من المعاناة والعناية الإلهية أنقذت زوجتي)، أنس محمود محمد حماد، من أبناء شمال كردفان، متحدثاً – لليوم التالي – بعد نجاح عملية زوجته صباح الجمعة الفائتة بمستشفى علياء بأمدرمان..فالحمد و الشكر لله، إنها عملية أول لزراعة الكبد بالسودان، ثم الشكر لملائكة الرحمة بعلياء و هم يزرعون الفرح و الأمل في نفوس شعبهم.. وكان التخطيط لهذا النجاح قد بدأ قبل خمس تحت اشراف طاقم مستشفى منيبال الهندي ..!!

 

:: خمسون مصاباً بالكبد يسافرون شهرياً للعلاج بالهند و غيرها، ولذلك لم يكن مدهشاً أن تسجل إدارة علياء – بعد نجاح العملية الأولى – في قائمة الانتظار ( 13 مريضاً)، شفاهم الله .. تكاليف زراعة الكبد بالخارج تتجاوز ( 55.000 دولار)، بيد أن التكاليف بالسودان ما دون ذلك بنسبة (50%).. فالحدث مفرح و قد طال إنتظاره، ولكنه يجتر ذكرى وقائع تكشف أن نهضة الشعوب ليست مستحيلة في حال أن يتولى أمرها ذوي الضمائر.. وكنت قد نشرتها كثيراً ..!!

 

:: قبل (12 سنة)، كاد السودان يحتفل بإجراء أول عملية لزراعة الكبد.. نعم، في العام 2010، جاء بعض أبناء السودان بالسعودية بالمشروع.. ليس لحاجة مرضانا فقط، بل لمرضى دول الجوار الأفريقي أيضاً، فالغاية كانت أن نصبح مركزاً إقليمياً لزراعة الأعضاء، بما فيها الكبد.. وتعاقدوا مع وزارة الصحة بعقد تكافلي ينص على علاج (15%) من مرضى مشافي السودان (مجاناً).. ثم تعاقدوا مع مستشفى الخرطوم بعقد آخر ينص على علاج (10%) من مرضى الخرطوم (مجاناً).. أي مجاناً للفقراء و المساكين..!!

 

:: وجهزوا مستشفى ابن سينا، وكان كمال عبد القادر وكيلاً للصحة وداعماً للمشروع، واستجلب الكفاءة السودانية من السعودية وألمانيا ودول أخرى.. و زاروا المشافي التي فيها تتوجع (أكباد الناس)، ومنها جعفر بن عوف، ملاذ أطفالنا .. معدل وفيات الأطفال بداء الكبد يتراوح شهرياً ما بين (3/ 4).. وقفوا على الحالات، واختاروا (12 مريضاً)، نصفهم أطفال.. تم التشخيص بمعامل الرياض والقاهرة وألمانيا بتكلفة تجاوزت (25 مليون جنيه)، وكان سعر الدولار( 2.5 جنيه)..!!

 

:: لم يدفع ذوو المرضى جنيهاً، فالمشروع كان تكافلياً.. وتم تجهيزهم طبياً ونفسياً، ثم تم تجهيز غرف العمليات بابن سينا، وأعلنوا موعد العمليات بالصحف والفضائيات.. ولكن، لا يكتمل البنيان في بلاد مراكز القوى الفاسدة.. قبل موعد العمليات بـ(24 ساعة)، فاجأ وزير الدولة بالصحة – اللواء طبيب حسب الرسول بابكر – الناس والبلد و المرضى بقرارين..تجميد المشروع وإيقاف العمليات، قبل 24 ساعة من موعد زراعة أول كبد في السودان..!!

 

:: ومات المشروع قبل أن يُولد، ومات ثلاثة أطفال في ذات شهر التجميد.. وتجمهرت أمهات الأطفال أمام القصراحتجاجاً وبحثاً عن أمل الشفاء.. وتم طردهن بواسطة العسس.. يوم مظاهرة الأمهات، قصدت مكتب وزير الدولة سائلاً عن أسباب وأد المشروع الإنساني، فقال: (إنت مستعجل ليه؟، ح نعملوا بشكل كويس في مدينة البشير الطبية).. وعليه، فالحمد لله، لقد ذهب وزير الدولة إلى مذبلة التاريخ، و.. تحقق الحلم ..!!

اترك رد