صلاح الدين عووضه يكتب.. فاطنة السمحة..!!
يا سمحة !!
يا فاطنة..
أو فاطنة السمحة..
ونكتب اسم فاطمة هكذا – بالنون – كما ننطقه بعاميتنا السودانية..
وكما ينطقه شاعر النوبة المصرية الأبنودي..
وندخل الآن في موضوعنا اليوم ؛ والذي هو من وحي حديثٍ جرى ليلة أمس..
والحديث ذو شجون…والشيء بالشيء يُذكر..
فقد حاورته في كل شيء ذاك اليوم..
كل شيء ؛ إلا الذي أتيت خصيصاً من أجل محاورته فيه..
وكان ذلك في أواخر التسعينيات بمكتبٍ علوي يخلو من أبهة الأيام الخوالي..
أيام (في حكاياتنا مايو)..
وكان المكتب بجوار مبنى صحيفة الوطن الآن..
أو لعله هو إن لم تخني الذاكرة ؛ كما تخون أخوة المصير…حين يتفرق بهم المصير..
أخوة السلاح…والطعام…والأحلام…والدموع..
فالقيادي المايوي الذي حاورته هذا وضعت الأقدار مصير أخٍ له بين يديه..
فحكم عليه بالذي أحجم عنه آخرون..
ورضي بحكمه النميري…بعد أن لاقى هوى في نفسه..
نفسه المتعطشة للدماء في ذلكم اليوم الدموي..
وفي تلكم الأيام الكئيبة أُعدم آخرون إلى جانب المقدم بابكر النور..
ومن الذين أُعدموا – من المدنيين – الشفيع أحمد الشيخ..
رغم أنه لم يكن ذا ضلعٍ – ولا وجود – في محاولة انقلاب هاشم العطا..
ولم تشفع له – عند نميري – رجاءات القيادة السوفيتية..
وهو من الذين قال نميري إنه ما كان ليعطيهم شرف الإعدام رمياً بالرصاص..
خرج من المحاكمة مساءً وعقله شاخص نحو النهاية الحزينة..
وشاخص – كذلك – نحو البداية السعيدة..
نحو مساءٍ مثل ذياك المساء شهد عقد قرانه على فتاة متفردة…ومتمردة..
متمرة على المفاهيم البالية..
لا على القيم…والمثل…والأخلاق..
كانت تحكي له فضل أمها عليها في هذا الجانب..
وكيف أنها نهرتها يوماً حين أطالت الوقوف أمام المرآة تنظر إلى وجهها..
قالت لها (المهم ليس جمال الشعر…وإنما الذي تحته)..
وكانت تعني جمال العقل…وكماله…ورزانته..
ولكن عقول الذين داخل قاعة المحكمة غابت عن رؤوسهم يومذاك..
فكانت رؤوساً بلا عقولٍ..
فحكموا على من مثلوا أمامهم بأن يغيبوا عن الدنيا..
حتى من بين الشهود – من المدنيين – من غاب عقله أيضاً ؛ مثل معاوية سورج..
فشهد على بعض أخوة الطعام…والأحلام…والأيام..
ومنهم الشفيع الذي تحققت أحد أحلامه هذه في ذلكم المساء بحي العباسية..
فقد اقترن بفتاة أحلامه (فاطنة السمحة)…بنت الأصول..
واقترنت فاطمة هذه بذاكرتي في كلمة كتبتها عنها قبل أعوام خلت..
عن زيارتها إلى لندن وقتها…وتوبيخها من احتفين بها..
كن مجموعة من متحررات اليسار ؛ احتفلن بإحدى رائدات اليسار..
وما درين أن يسارهن ليس مثل يسارها..
فانتفضت فيهن صائحة : (التحرير) الذي طالبنا به لا يعني (التحرر) من الأخلاق..
ولا من العادات…والأخلاق…والمثل…والفضيلة..
وبقيت محتفظة بعقلها داخل رأسها منذ وقفتها تلك أمام المرآة…وعتاب أمها..
مروراً بولوجها البرلمان كأول نائبة سودانية…وعربية..
وليس انتهاءً بتعنيفها شاربات البيرة والسجائر…من يساريات لندن..
ومن ثم كان يمكن محاورتها في كل شيء..
كل شيء ؛ من لدن الطفولة وحتى الشيخوخة دون أن تقول لك : إلا هذا الشيء..
ولكن بعض من حكموا على زوجها وآخرين (قالوا)..
وما نقوله نحن في ختام كلمتنا اليوم : طبتِ بدايةً – ونهايةً – يا فاطنة..
يا سمحة !!.