وسط الأزمة المتصاعدة في العراق.. زيارة “ملفتة” للحكيم إلى السعودية تثير التكهنات
اسفير نيوز __وكالات
بعد أقل من 24 ساعة على عقد الكتل السياسية العراقية اجتماعا لمحاولة إيجاد مخرج للأزمة السياسية التي تشل البلاد، وصل زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم إلى السعودية في زيارة يقول مقربون منه إنها تحمل أبعادا “دينية وسياسية” فيما يرى مراقبون أنها قد تهدف للبحث عن “وساطة” مع “التيار الصدري”.
ووصل الحكيم وهو أحد قادة الإطار التنسيقي، الأربعاء، إلى مدينة جدة حيث استقبله مسؤولون سعوديون كبار، وفقا لوكالة الأنباء السعودية (واس) من بينهم نائب وزير الخارجية المهندس وليد بن عبد الكريم الخريجي.
وكان الحكيم حضر صباح الأربعاء مؤتمرا للقوى السياسية العراقية للنقاش بشأن الأزمة التي يشهدها العراق حاليا، لكن لم يعلن بعد بشكل رسمي ما إذا كانت هذه الزيارة مرتبطة بالنقاشات السياسية حول أزمة تشكيل الحكومة في العراق.
لكن عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة فادي الشمري أكد أن الزيارة لا تهدف إلى وساطة مع الصدر، بل هي تحمل أبعادا سياسية ودينية واجتماعية وستشمل فعاليات يقوم بها الحكيم في المناطق الشيعية في المملكة”.
وقال الشمري في تصريح لموقع “الحرة” إن “توقيت الزيارة لا علاقة به باجتماع القوى الوطنية الذي عقد في بغداد الأربعاء، لإنها جاءت بناء على دعوة من السعودية وجهت للحكيم منذ فترة طويلة”.
وأضاف الشمري أن “الحكيم سيناقش خلال زيارته قضايا متعلقة بالتقارب الشيعي السني، وأيضا طبيعة التحولات السياسية التي تجري في العراق والحراك الجاري في البلاد لتشكيل حكومة وطنية”.
وكانت وسائل إعلام محلية عراقية أفادت بأن زيارة الحكيم للسعودية جاءت “لرغبة الإطار التنسيقي بدخول المملكة كوسيط” بينه وبين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي قاطع اجتماع القوى السياسية الأربعاء.
ونقلت وكالة “شفق نيوز” عن دبلوماسي في السفارة السعودية لدى العراق طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح القول إن “القيادة السياسية في المملكة لن تقحم نفسها بالشأن العراقي الداخلي ولن تقوم بدعم جهة ضد جهة أخرى، إلا أنها لن تمانع في زيارة أي وفد عراقي للمملكة”.
وأيضا تعليقا على زيارة الحكيم للسعودية قال مقرب من الصدر، من دون أن يذكر اسم زعيم تيار الحكمة صراحة، إن “من الملفت للنظر أن أحدهم توجه إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة بعد انتهاء جلسة الحوار ببضع ساعات”.
وأضاف صالح محمد العراقي في تدوينة على فيسبوك “لو كنّا نحن الفاعلون لقالوا إن جلسة الحوار كانت بضغط من الخارج وإشعار من التطبيعين والأميركيين وما شاكل ذلك”.
وشدد العراقي في تعليقه على اجتماع القوى السياسية في بغداد أن “جلسة الحوار لم تسفر إلا عن بعض النقاط التي لا تسمن ولا تغني من جوع”، مشيرا إلى أن “أغلب الحضور لا يهمّه سوى بقاؤه على الكرسي”.
وقاطع الصدر اجتماع قادة الكتل السياسية العراقية الذي عقد في قصر الحكومة في بغداد بدعوة من رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي.
وفي بيان نشره مكتب رئيس مجلس الوزراء بختام الاجتماع، دعا المشاركون التيار الصدري إلى “الانخراط في الحوار الوطني، لوضع آليات للحل الشامل بما يخدم تطلعات الشعب العراقي وتحقيق أهدافه”.
وأشار المجتمعون كذلك إلى الانتخابات المبكرة، معتبرين أنها “ليست حدثا استثنائيا في تاريخ التجارب الديموقراطية عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة”، من غير أن يتطرقوا إلى تفاصيل إضافية.
وارتفع مستوى التصعيد بين التيار الصدري والإطار التنسيقي منذ أواخر يوليو، مع تبادل الطرفين الضغط في الشارع وفي التصريحات، من دون أن تتطور الأمور إلى عنف.
وحتى الآن، لم تفضِ محاولات الوساطة ودعوات الحوار بين الطرفين إلى نتيجة.
ويطالب التيار الصدري بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، فيما يريد الإطار التنسيقي، إجراء هذه الانتخابات لكن بشروط، مطالبا بتشكيل حكومة قبل إجراء انتخابات مبكرة.
ويضمّ الإطار التنسيقي خصوصا كتلة الفتح البرلمانية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران وكتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الخصم التاريخي للصدر.
وكان الصدر الذي يعتصم مناصروه منذ أكثر من أسبوعين في محيط البرلمان العراقي، دعا إلى تظاهرة “مليونية” السبت المقبل، لكنه أعلن الثلاثاء تأجيلها “إلى إشعار آخر”.
ومنذ 12 أغسطس، يقيم مناصرو الإطار التنسيقي كذلك اعتصاما على طريق يؤدي إلى المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد.
ويرى المحلل السياسي العراقي إياد العنبر أن “الرهان على أن يكون حل الأزمة من الخارج، قد يعقد المشهد أكثر، ويؤكد فكرة أن القوى السياسية عاجزة عن حل مشاكلها دون الاستعانة بأطراف خارجية”.
ويقول العنبر لموقع “الحرة” إنه “في حال افترضنا أن الزيارة غايتها التدخل في حلحلة الأزمة بين الفرقاء الشيعة فهذا يعني أن المشكلة الأساسية في الطبقة السياسية الحالية هي أنها لا تزال عاجزة عن مواجهة المشاكل من دون الاستعانة بأطراف خارجية”.
بدوره يرى يؤكد الشمري أن “الإطار التنسيقي يؤكد أن حل القضايا الداخلية العراقية يجب أن يجري عبر الحوار الوطني”، مضيفا “أننا نحاول أن نبعد أي تأثيرات خارجية وانعكاساتها على الداخل العراقي ونجنب البلاد أي تأثير خارجي”.
لكن الشمري مع ذلك يشير إلى أن “لفاعل الإقليمي لديه دور بالتأكيد على الوضع الداخلي للعراق، ونأمل أن يكون هذا الدور إيجابي وألا يكون هو الحاسم والمؤثر الأول في هذا الاتجاه”.
وفيما يتعلق بنتائج اجتماع القوى السياسية الذي جرى الأربعاء، يقول الشمري إن “هناك آفاق تفاهم فيما يتعلق بالأزمة الداخلية، ويمكن أن نصل لتفاهمات نهائية في المدى القريب”.
ويؤكد الشمري أن “الإطار التنسيقي وباقي والقوى السياسية ذاهبون باتجاه تنفيذ الاستحقاقات الدستورية من خلال عقد جلسة للبرلمان وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتكليف رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة والذهاب باتجاه موضوع الانتخابات المبكرة بعد تعديل قانون الانتخابات وتغيير مفوضية الانتخابات”.
وبين الشمري “نحن حريصون على أن يكون التيار الصدري جزءا من المعادلة السياسية والتشكيلة القادمة، ولكنه إذا قرر البقاء خارج الحكومة وأن يمارس دوره في إطار المعارضة فنحن سنحترم ذلك”.
ويرى المحلل السياسي فاضل البدراني أن “كل المحاولات التي أقدمت عليها القوى السياسية للتقرب من التيار الصدري لم تنجح والمسافة بينهما باتت أبعد يوما بعد آخر”.
ويضيف البدراني في تصريح للحرة أن “زيارة الحكيم للسعودية تهدف للتقرب مع المحور العربي وإدراكا من الإطار التنسيقي بأهمية الثقل السعودي