واحدة من أسباب تثاقلي وإنصرافي عن تتبع هذا الملف . وجانب العلاقات السودانية الأثيوبية قناعة صارت تتعاظم عندي . أن البلاد وبسبب سياسات التجريف والفوضى العامة فقدت مفاتيح مهمة و مرجعيات ذات بصيرة في هذه الموضوعات فصار العمل يقوم على سياسة التعامل وفق منهج الحدث وارد الوقت . والأحداث الطارئة دون وجود محددات تدير المعالجات مع دول الجوار وفق وضعية إمتلاك روح المبأداة بناء على مصفوفة ملزمات معلومة وواضحة .
2
ملف الحدود مع أثيوبيا _ودون خوض فيه كخطوط طول وعرض ومادة بحث _ يرتبط عن الجانب الأثيوبي بإمتدادات داخلية . قضية النخبة القومية ذات التطلع نحو الفشقة وقضية الإستراتجية الأثيوبية تجاه تعريف حائط الحدود مع السودان كثغرة أساس التعامل معها يقوم أما على سودان موالي لأديس ابابا او بالحد الأدني محايد تجاه تطورات النزاع في شمال أثيوبيا الذي كررنا مئة مرة ان معركته الاخيرة والمفصلية ستكون تحت اسوار الحدود الغربية ربما بشكل تتبعه لاحقا قضية التقسيمات الأدارية للداخل بين قوميتي الامهرا والتقراي او بقية إستحقاقات الموقف التفاوضي من جانبي الأزمة .
3
هذا الوضع خيارات السودان فيه واضحة إما تواصل مباشر مع أديس ابابا بلا وسطاء ومسهلين . بما يزيل مخاوف الاثيوبيين ويحولهم الى نظام حليف _نظام ابي احمد_ او أن يرتب السودان تقديراته وفق توجه صريح وواضح بأخذ جانب جبهة تحرير تقراي وهذا كلفته عالية بالنسبة للخرطوم لانه بالضرورة يعني مفاصلة بين موقفها ومواقف محاور عربية خليجية خطها معلوم تجاه تاكيد دعم الحكومة الأثيوبية المركزية بسند ظلي من روسيا وتركيا وان كان ذات الموقف ربما يقارب خطوط الخرطوم والقاهرة فيما يبدو الموقف الأمريكي في المنطقة الرمادية الذي قد لا يكون في حماسة عالية لابي احمد لكنه منفتح على النهج الأمريكي في برغماتية المواقف .
4
بهذا الوضع تفويض جنوب السودان بوساطة سيكون مجاملة ونقاط يذهب ريعها للبلد الوسيط بأجر المحاولة . إذ لا تملك جوبا أدوات مشتركة متساوية للنفوذ على الطرفين . قد تكون كذلك على السودان لكنها لن تكون كذلك لاثيوبيا وعليه لو كنت في مكان نصح بتحري وساطة بتلك المواصفات فأولى بها أرتريا وأسمرا بإعتبار ان جار أثيوبيا الشمالي يتداخل حدوديا مع مسرح الخلاف على الارض وأما الاهم من هذا ان له مصلحة في تسوية الكنتور في تلك النطاقات لانها في نقاط امنه القومي الحمراء وبالتالي ومع نفوذه المعلوم عسكريا وسياسيا على آليات القرار والتيارات والاجنحة باثيوبيا فمن السهل ان يمارس الضغوط المناسبة للتوصل الى معالجات موضوعية . جوبا سادتي لا تمتلك معالج لفك شفرة هذا الملف ومن قال بذلك يجاملها ويعلم يقينا أنها حتى ان جمعت الرؤساء( سيلفا .البرهان وابي ) فاقصى ما ستخرج به إتفاق قد ينفخه أسياس افورقي في خمس دقائق