فضل الله رابح يكتب.. مبدعـون صبــروا على واقـع التلفزيـون (1) عبدالعظيم قمش .. نظرة إيجابيـة
التلفزيون القومي السوداني
المخرج عبدالعظيم قمش الكثيرون قرأوا إسمه مقروناً مع شعار السهرات التلفزيونيـة الكثيرة لكنـهم لم يلتقوه كفاحاً فهو رجل مرح وخفيـف الظل .. ومن يلتقي قمش لأول مرة يخيـل إليه ومن خلال شخصيتـه الخفيفـة وملامحه أنـه ينتسب لاحدى بطون قبائل البجا او البني عامر لكن فى الحقيقـة انه من أبنـاء القضارف جغرافية لكنه من أصول جعليــة والـده كان ومازال من كبـار مزارعى القضارف وهو ينتمى لأسرة كبيرة وعريقـة اسرة محافظة ومتماسكة وممتدة لـه عدد من الأشقاء أحدهم فريـق بجهاز المخابرات العامة وتربطـه صلـة قرابــــة قويـة بالبروفيسور العلامة ابراهيم احمد عمر .. تخرج عبدالعظيـــم قمش من معهد الموسيقي والمسرح بدايـة الثمانينات وعمل مباشرة بالتلفزيـون القومى وحصل على كورسات فى الاخراج والاضاءة وجماليـات الصورة من خارج السودان فى دول المانيـا وماليـزيا .. ومن زملاءه بكليـة الموسيقى وتبوأوا مواقع رفيعـة مدير الهيئـة العامة للاذاعة والتلفزيون ابراهيم البـُزعى وكانا يقطنـان فى غرفـة واحدة بالداخليـة وتربطهما علاقات صداقـة وحب قويـــة ومن الذين جايلوه بالتلفزيون المخرج إسماعيل عيساوي ..خلال مسيرة عملـه أخرج قمش برامج وسهرات عديدة غير أن اشهرها علي الاطلاق سهرة ( بدون عنـوان ) رفقـة الاعلامى ذائـع الصيت محمد سليمان كما أخرج برنامج ( صحتـك) الذى يقدمـه البروفيسور مامون حميدة .. لم يعرف لـ قمش شخصية إدارية ذات ملامح محددة لكنه من أنجح صناع الصورة والفنـون رجل اجتماعي ولا يحب المواجهات العنيفـة ويفضل العمل بعيداً عن الضوء كعادة المخرجين يقدمون الاعمال المبهـرة والثريـة بصرياً من خلف الكواليس .. عبدالعظيم قمش عاصر كثير من الأجيال بالتلفزيون القومى منهم من قضى نحبـه ومنهم ينتظر لكنهم بجملـة واحدة نجحوا كأوائل فى نهضـة التلفزيون وتطوره رغم المعاناة إذ تبوأ بعضهم مواقع رفيعـة داخل وخارج السودان وطافوا كل العالم مع المسؤولين السودانيين وهنا تحضرنى الذاكرة وأذكر من صناع الجمال المصورون عبدالله حجازي وعباس سليمان وخضر الفحام والمبدع ميرغنى عجيب وأسامة غانـدى وعوض قرهوب هؤلاء منهم من دخل التلفزيون بالشهادة الثانوية وكان فى عمر الزهور وامضي داخل الحوش زهرة حياته وغادره بعد نصف قرن من الزمان وتخرج على يديـهم أجيال مختلفة ومن المخرجين الذين كانوا يترجمون إبداع أهل السودان من خلال الصورة وجايلهم قمش بعضهم كان أستاذتـــه وبعضهم جاء بعده منـهم ابراهيم عوض وعبادي محجوب والأخير هذا تخرج من الجامعات المصرية ثـم جاء نضـراً من القاهرة واستقر بالتلفزيـون فهو من الذين امضوا حياتـهم وزهرتها بالعمل داخل الحيشان الثلاثـة وكذلك معاذ موسى وعادل عوض وشكر الله خلف اللَّه وكردش وهؤلاء الأخيـرين من الأجيـال التي أتاحت لها التقنيـة وتطور صناعـة الصورة وتكويناتـها وجمالياتها ومصادر عرضـها فرصـة لم تكن متاحـة للأوائـل من المبدعيـن والمخرجين الذين تعاقبوا على تلفزيـون السودان .. وإننى هنا لا أستطيع تجاوز حاصد الحوائز العالمية سيف الدين حسن و الأستاذ ابوبكر حسن شريف فني المونتاج الذي يرقد الآن طريح الفراش الأبيض وكان من اشهر برامجه كثير من الأعمال الكوميـديـة .. ومن مذيعى الزمن الجميل وأبدعوا الدكتور عمر الجزلي ويسرية محمد الحسن والرائعـة فتحية ابراهيم ومن من مشاهدي تلفزيـون السودان لا يذكر برنامج ( جريدة المساء ) الذي كانت فتحيـة ابراهيم نجمته في الثمانينات .. هؤلاء جميعاً لم يكونوا فقط نجوم فى تخصصاتهم بل كانوا مؤثرين فى كثير من المجالات داخل التلفزيـون حتى فى صناعـة وإتخاذ القرار وتطور التلفزيون والعمل الاخبارى بحكم علاقاتـهم وقربـهم من قادة الحكومات الوطنية المتعاقبــــة والمسؤولين .. ومن الذين كانت له بصمات فى الأخبار وتطورها الاستاذ محمد ابشر عوض السيد وهو من اوائل منتجي الاخبار بعد فصلها كإدارة مستقلـة عن البرنامج العام ومن الشخصيات الحاليـة وعاصرت كثير من الأجيال والحضارات الاستاذة آمال مرجان فهى من الشخصيات النسائيـة القويــة المعتـدة بنفسها كادارية أمضت وقتاً طويلاً فى إدارة التنسيق البرامجى وما أن تذكر آمال مرجان إلا ويأتى ذكر الرجل النبيل مديـر القنـاة القوميـة الاسبق مصدق حسن فهو شخصية قويــة وصاحب عطاء رفقـة الاستاذ يس إبراهيـم فهو من الصحفيين القلائل الذين أثروا العمل بعلم ونُبــْـل .. هؤلاء جميعـاً سوا كانوا السابقون أو الحاضرون كانوا نجـوم تعانـق السحاب وأسهموا فى نهضـة التلفزيـون إختلف الناس أو إتفقوا فى تقديراتهم بيـد أن الحقيقـة كل منهم أسهم بقدر فى النجاح وأصبحوا من أكثر الأسماء إبداعاً وإتقاناً .. جميعهم يمثلون ذاكـرة السودان بحكم مجالهم فهم الآن يعيشون أوضاعاً تستحق النظر إليها برأفــة فبعضهم تدهورت صحتـه وتغيرت نفسياتـه وبعضهم يعانى المسغبـة من ضيق ذات اليـد لكنـهم رسموا لنا طريقـاً محفزاً على الإبـداع ورسموا لنا كل ما كان الناس يرونـه جميلاً على شاشـة القومى ولأن حياتـهم ما تزال لوحة بيضاء بلا براوز فهذه محاولـة لرسم وتلويـن هذا العطاء وهذه السير ومن ثم وضع البراوز المناسب لها وعرضها كتوثيـق لنساء ورجال أتقنـوا مهنتهم ودورهم فى هذه الحيـاة ويستحقون التكريـم ..
نُواصِـــل إنشـاء اللَّه ..