اسفير نيوز
تسير الأسواق السودانية نحو الشلل التام، في ظل قرارات حكومية متخبطة تهدف لجباية إيرادات حكومية تساعد في مواجهة عجز الموازنة والذي تفاقم بشدة في أعقاب توقف المساعدات الخارجية للبلاد، وأدت هذه القرارات بالإضافة إلى الأزمة السياسية الحادة وحرب أوكرانيا إلى موجات غير مسبوقة من التضخم والركود دفعا المواطنين إلى هجر الأسواق على الرغم من احتياجهم للكثير من السلع، لا سيما الضرورية منها.
الظروف العصيبة التي يمر بها الاقتصاد السوداني دفعت الكثير من كبار التجار لترك المهنة وإغلاق محلاتهم، لأسباب متعددة، من بينها عدم الاستقرار السياسي والأمني وإغلاق الطرق وفرض الحكومة رسوماً جديدة تحت بنود جديدة مثل النفايات، والعوائد، وتجديد الرخصة، والمساهمات الوطنية، ما جعل التجار يتخوفون من الخسارة المؤكدة وفقد رأس المال.
ويعاني السودان من معدلات تضخم وصلت إلى مستويات قياسية وسط تراجع القدرة الشرائية للعملة المحلية والصعود المستمر للدولار، ووفق أحدث إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء في السودان فإنّ المعدل السنوي بلغ 117.42% في أغسطس/ آب الماضي.
وكان معدل التضخم قد بدأ رحلة تحسن ملحوظ بداية من مايو/ أيار الماضي والذي تباطأ خلاله نمو التضخم السنوي إلى 192 بالمائة، نزولاً من 220.71 بالمائة خلال إبريل/ نيسان السابق له، وأرجع الجهاز المركزي للإحصاء التباطؤ إلى نمو أسعار الغذاء والوقود بمعدلات أقل من النمو المسجل في إبريل 2022.
ورغم التباطؤ الملحوظ في معدلات التضخم خلال الأشهر الأخيرة فإنّ نسب التضخم ما زالت عند مستويات هي الأعلى على مستوى العالم، وأنها محصلة لعدة مشكلات مركبة، ترتبط بصورة أساسية بانخفاض سعر الجنيه السوداني إلى متوسط 570 جنيهاً للدولار مقارنة بنحو 375 جنيهاً عند تعويم العملة في مارس/ آذار 2022، كما أنّ السودان يشهد تذبذباً حاداً في وفرة النقد الأجنبي، الأمر الذي يرفع كلفة الاستيراد ويحمل المستهلك النهائي فروقات أسعار الصرف، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار عالمياً، خصوصاً الوقود والغذاء، واضطراب حركة الإنتاج المحلي نتيجة للاضطرابات السياسية.
زيادة الدولار الجمركي
على الرغم من الصعوبات المعيشية الحادة التي يلاقيها السوداني والتي تفاقمت في ظل أزمة التضخم العالمية، وعلى الرغم كذلك من الصعوبات الكبيرة التي يعانيها المستورد في توفير النقد الأجنبي اللازم للاستيراد، بالإضافة إلى حال الركود الحادة التي تعانيها الأسواق، فإنّ مجتمع الأعمال فوجئ بقرار من هيئة الجمارك يقضي بزيادة سعر الدولار الجمركي الخاص بالاستيراد.
وبالفعل، بدأت الحكومة تطبيق الزيادة على الرسوم الجمركية برفع قيمتها من 445 جنيهاً إلى 564 جنيهاً (الدولار يساوي 567 جنيهاً)، بزيادة 26.8%، رغم مسارعة وزارة المالية إلى نفي القرار حين صدوره، ولكن الواقع يشير إلى أن الوزارة دفعت أحد أذرعها وهو هيئة الجمارك التابعة إدارياً لها والقائمة على تنفيذ سياسات الدولة بشأن تحرير سعر الصرف نحو رفع السعر.
الراكوبة