إيلون ماسك وتنشيط خدمة الإنترنت الفضائي في إيران بين الواقع والأمنيات !
خدمة الإنترنت الفضائي
إعداد:نايلة الصليبي
تتطرق نايلة الصليبي في “النشرة الرقمية” إلى تفعيل إيلون ماسك لخدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية “ستارلينك” بعد إقرار وزارة الخزانة الأمريكية توسيع خدمات الإنترنت المتاحة للإيرانيين بالرغم من العقوبات الأمريكية على إيران. و إصرار البعض على وصفها “بأنها ستغير قواعد اللعبة”، ولماذا الواقع غير ذلك؟
إعلان
تنشيط خدمة الإنترنت الفضائي في إيران بين الواقع والأمنيات !
كما هو الحال في كثير من الأحيان مع إيلون ماسك يشعل فتيل الجدل عبر تغريدة على تويتر،غرد بأن ستارلينك تعلن اتاحة خدمتها في جميع القارات، بما في ذلك القارة القطبية الجنوبية. وإذا بمغرد يطلب الخدمة لإيران، بعد حجب الحكومة الإيرانية لها مع تصاعد الاحتجاجات وعمليات قتل المتظاهرين، إثر مقتل الشابة مهسا أميني بعد اعتقالها من أفراد شرطة الأخلاق في طهران بسبب عدم ارتدائها للحجاب الإسلامي كما يجب.
أجاب إيلون ماسك بالموافقة بشرط تخفيف شروط العقوبات الأمريكية على إيران. أقرت وزارة الخزانة الأمريكية توسيع خدمات الإنترنت المتاحة للإيرانيين على الرغم من العقوبات الأمريكية على إيران.
قبيل ذلك نشرت المواقع الصحفية تقارير و مقالات مفرطة بالحماس و التفاؤل حول كيفية تغيير إيلون ماسك لقواعد اللعبة مع ستارلينك وخدمات الإنترنت الفضائية، من أوكرانيا إلى القطب الجنوبي.
لكن مهلا إيران ليست أوكرانيا…فهنالك تحديات كبيرة تقنية، مالية، لوجيستية وأيضا سياسية تواجه تغيير قواعد اللعبة.
قد يكون التحدي الأكبر تقنيًا. تعتمد تقنية ستارلينك للإنترنت الفضائي على عدة أجهزة.
أولا: الأقمار الصناعية التي تحلق في الفضاء.
ثانيا: محطة صغيرة مع طبق لاقط للمستخدم لاستقبال الإرسال من الأقمار الصناعية.
وأيضا تعتمد تقنية ستارلينك للإنترنت عبر الفضاء على محطات أرضية ثابتة متصلة بشبكة الإنترنت. يجب أن تكون المحطات الأرضية قريبة بدرجة كافية من المستخدمين على نطاق مئات الكيلومترات، لكي يتمكن النظام العمل بشكل فعال.
يعتمد المستخدمون حاليا في أوكرانيا، على محطات في بولندا وليتوانيا وتركيا، أما إيران فهي بعيدة عن أي من محطات ستارلينك الأرضية المعروفة، لذا قد تكون جودة الخدمة محدودة ما لم توافق الدول المجاورة على إنشاء محطات نقل إنترنت أرضية ثابتة، التي يمكن أن تثير أزمة دبلوماسية بين إيران و جيرانها.
علما أن الأقمار الصناعية الأحدث من ستارلينك، يقال بأنها تتواصل مع بعضها البعض باستخدام الليزر، مما قد يحد في النهاية من الحاجة إلى المحطات الأرضية.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية كيف يمكن إدخال المحطات والأطباق اللاقطة داخل إيران من دون إرادة السلطات الإيرانية؟ عندما أرسل إيلون ماسك أكثر من 15 ألف جهاز إلى أوكرانيا، كان بطلب و دعم الحكومة الأوكرانية.
لكن هذه الصعوبة يمكن التغلب عليها بدعم من ستارلينك ووزارة الخارجية الأمريكية. التحدي الخر الذي يمكن تجاوزه أيضا بسهولة هو التحدي المالي. سيكلف إنشاء وصيانة و إرسال آلاف محطات ستارلينكلإيران ملايين الدولارات. أمر من السهل يمكن التغلب عليه، مع القدرات التقنية التي يتمتع بها الكثير من رياديي الأعمال والعقول التكنولوجية الإيرانية في السيليكون فالي وغيرها. والعديد منهم أصدقاء مع إيلون ماسك.
من يريد “تغيير قواعد اللعبة” عليه الانتظار …
إيلون ماسك يعرف كيف يستخدم الأزمات أو السياقات الجيوسياسية المتوترة، وأيضا وسائل التواصل و الإعلام للدعاية و جذب الانتباه.
تدخل ستارلينك في الحرب الروسية في أوكرانيا كان بمثابة دعاية ضخمة لجهود إيلون ماسك لتعزيز الثقة في خدمات ستارلينك للإنترنت عبر الفضاء . فمع لعب ستارلينك دورًا حاسمًا في ضمان التنسيق العسكري للدفاع الأوكراني، أدى إلى رفع عدد المشتركين في خدمة ستارلينك حيث تتوفر الخدمة. وأيضا إلى ضعف الخدمة مع ارتفاع عدد المستخدمين في الولايات المتحدة!
يقدم إيلون ماسك اليوم نفسه الداعم الأول للإيرانيين ضد التجاوزات الاستبدادية لنظام الملالي. فهذا الاندفاع لتقديم الخدمات مجانا للجنود الأوكرانيين وغيرهم على الكرة الأرضية، يخفي سباقًا شرسا على احتلال الفضاء، ما دفع وكالة الفضاء الأمريكية “الناسا” إلى التنديد باستراتيجية إيلون ماسك في نشر أقماره الصناعية. كذلك علماء الفيزياء الفلكية يَتَّهِمون إيلون ماسك برغبته بخصخصة الفضاء لمصلحة رجل واحد.
بالتالي هذا السباق المحموم للسيطرة على خدمة الإنترنت عبر الفضاء لا يقلق إيلون ماسك حول العواقب الجيوسياسية لعروض خدمته.
اتهمت روسيا، الولايات المتحدة “بتدخل شبه مباشر في الصراع بسبب استخدام تقنيات الفضاء المدنية، أي ستارلينك، لأغراض عسكرية” هددت بتدمير تلك الأقمار.في الصين، اقترح علماء مرتبطون بالجيش الصيني تطوير قدرات “تدمير أقمار ستارلينك الصناعية”، لأنه يمكن أن تستخدم من قبل القوات الجوية الأمريكية في حال نشوب صراع بين البلدين مع ارتفاع حدة التوتر السياسي والعسكري حول جزيرة تايوان.
لا يمكن لأحد أن يفهم ما يدور في خلد إيلون ماسك …وهنا لن أعود لقضية عرض شراء شركة “تويتر” والتراجع عن الصفقة، بل إلى ما يمكن أن يؤدي له جشع المنافسة التجارية عن طريق استغلال الأزمات و تجاهل العواقب الجيوسياسية.
إذ بإمكان استهداف أقماره الصناعية والتشويش على إشارات الإرسال من قبل قراصنة مدعومين من الدول. وأيضا تدمير أقمار ستارلينك الصناعية. إيران ليست قوة فضائية كبيرة، غير أن روسيا والصين تمتلكان هذه القدرات.
كذلك تتمتع الصين بنفوذ كبيرعلى إيلون ماسك وشركة سبايس إيكس من خلال شركة تيسلا، للسيارات الكهربائية، التي تبني وتبيع عشرات الآلاف من السيارات في الصين كل عام.
وقال مناوي
لذا من يعتقد “بتغيير قواعد اللعبة” عبر إيلون ماسك والإنترنت عبر الفضاء وستارلينك، عليه الانتظار!
مونت كارلو الدولية