اسفير نيوز
تقرير: خديجة الرحيمة
وسط تغيرات المشهد السياسي وتلاحق الأحداث، أطلت الذكرى الأولى للإجراءات التصحيحية لقائد الجيش الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان بصورة مختلفة، لتجد المشهد السياسي قد ازداد تعقيداً، كما أن المواكب فقدت ألقها وزخمها الكبير بعد الإحباط الكبير الذي أصاب الشارع السوداني، فشراكة العسكر والساسة ذهبت أدراج الرياح، كما أن الساسة انقسموا فيما بينهم وهكذا هو المشهد السياسي .
وعلى الرغم من الدعوات المتتالية للجان المقاومة والتظاهرات المستمرة، الا أنه بدا واضحاً أن العسكر ماضون في الإجراءات التي أقدموا عليها في (25) أكتوبر، ولكن الشارع لم يكن كالسابق، وجاءات تظاهرات الأمس كسابقتها ولم تحقق الأهداف رغم تعدد الوسائل .
ومنذ سقوط البشير خرجت العديد من المليونيات مطالبة بالحكم المدني بعد دعوات لجان المقاومة المستمرة رفضاً للاءات الثلاث، ومنذ حلول أكتوبر دعت لجان المقاومة لتكثيف العمل المقاوم والانخراط في التحضير للمشاركة في مليونية ذكرى (25) أكتوبر، ولكنها باءت بالفشل نسبة لقلة المشاركين فيها، بحسب ما قالت الشرطة إن عدد ثوار مواكب الأمس لم يتجاوز (3200) ثائر في كل أنحاء العاصمة
.تراجع الأعداد
ولعل المتابع عن كثب لسير المواكب ما بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية يجد أن مجموعة كبيرة من المتظاهرين تراجعت، وتظاهرات الأمس لن تكون سدرة منتهى، بل ستتواصل المواكب رغم قلة عدد المتظاهرين.
ووفقاً لمراقبين فإن المواكب لم تكن كالسابق رغم تعدد الوسائل والأساليب، مشيرين الى أنها لن تحقق الأهداف، وتوقعوا انخفاض عدد المتظاهرين في كل موكب حتى تتوقف التظاهرات، ولكن آخرون يرون عكس ذلك، مشيرين الى أنه اذا خرج شخص واحد فسيمثل الكل ويوصل الرسالة.
وما بين نظرة أولئك وهؤلاء تستمر السيناريوهات وتساؤلات كثيرة تفرض نفسها، هل ستتوقف التظاهرات ام ستستمر رغم قلة العدد.
قلب الطاولة
وبحسب المحلل السياسي أحمد عابدين فإن المواطن الذي اندفع في البداية لمساندة التغيير ظنته القوى السياسية بلا عقل وأنه رهين لها، فإذا به يقلب الطاولة الآن على الكل، وقال في حديثه لـ (الانتباهة): (القادة المدنيون منافقون في نظر الشعب، فتناقض سلوكهم مع ما يرفعونه من شعارات وممارستهم للسلطة في الفترة الماضية وتخطيهم الخطوط الحمراء وعجز الأحزاب على تكوين رؤية كلية للاتفاق على الحد الأدنى، جعل المواطنين ينسحبون)، مشيراً الى أن التشكيلات الشبابية الطامحة الى التغيير الحقيقي تشققت واصابها الضعف، ودخلها الإحساس بعدم الثقة في القادة المدنيين الذين يسقطون يومياً في امتحان الشفافية والثبات على المبادئ بحسب اعتقاده، وأضاف قائلاً: (كذلك هذه القطاعات الواسعة أرهقها الزمن وتطاول عليها الإرهاق، وتمويل عمليات الاحتجاج أصابه الشح، فحتى المجتمع الدولي والاصدقاء أُرهقوا واصابهم اليأس من تحقيق أية نتائج، فكل العالم لديه الآن أولويات أهم من دعم مجموعات متصارعة في السودان لا تشبه المسؤولية ولن تحقق النتائج المرجوة)، ومضى قائلاً: (لقد نجح العسكر حتى الآن في وضع القوى المدنية في زاوية التلميذ الفاشل في مراجعة الامتحان المفتوح، وأي حصيف يعلم أنه حين قال العسكر إنهم خرجوا من السياسة فإنهم يراهنون على عدم اتفاق المدنيين، وهو ما يحدث الآن، وسيستمر لأطول وقت حتى تأتي الضربة القاضية وهي قريبة، فالقوى التي صارعت الإسلاميين ثلاثين عاماً معلوم عنها فقط تفوقها بالحلاقيم الكبيرة والتبجح بالشعارات، وهذا ما ظل على الدوام يضع العسكر في حالة الحل الدائم للحكم في السودان). وأكد قائلاً: (لن يعود الشارع لألقه وزخمه إلا بحل ساحر، وهذا غير متوفر لدى العقليات المدنية المدمنة لأساليب إعلاء الولاء الحزبي على الوطني، والتشاكس في أيهما يفوز بأكبر ساندوتش من سفرة السلطة.
زيادة الوتيرة
وفي الحديث عن فقدان المواكب ألقها والإحباط الذي أصاب الثوار، يختلف المحلل السياسي صلاح الدومة مع عابدين حول تحليله للأمر، حيث قال الدومة لـ (الانتباهة): (ازدادت وتيرة المواكب في أكتوبر أكثر من ديسمبر)، مشيراً الى أن مواكب (25) أكتوبر كانت أكبر من التي قبلها ولم تفقد ألقها مطلقاً، وأضاف قائلاً: (نعم لم تكن المواكب مثل مواكب (30) يونيو التي سجلت رقماً قياسياً، ولكنها كانت تمثل أغلبية الشعب السوداني)، وتابع قائلاً: (في ما يتعلق بتقرير الشرطة حول عدد المتظاهرين فمن الطبيعي للأجهز الأمنية أن تكذب، وهذه ليست المرة الأولى، فتظاهرات الأمس شغلت الرأي العام المحلي والدولي، ولا يمكن أن نغطي الشمس بكفة اليد، وأما بخصوص تقرير قناة (الجزيرة) فمن الممكن أن يكون مدفوع القيمة، لأن المواكب كانت كبيرة وهذا شيء لا ينكر)