اسفير نيوز
adilalfaki@hotmail.com
بدأ موسم اعداد الموازنة السنوية متأخراً جداً عن الموعد الذي كان يفترض أن يبدأ فيه، بما أن تنفيذ الموازنة يبدأ في اليوم الأول من يناير في كل عام فقد كان يفترض أن تبدأ مراحل الاعداد في الأول من سبتمبر بمراجعة الأداء في التسعة أشهر السابقة، وعمل تقديرات للأداء الفعلي التقديري للإيرادات والمصروفات لكل العام، لتحديد مواضع الانحراف، وإصدار منشور الاعداد للوحدات الحكومية على أن يتضمن التشاور مع أصحاب المصلحة الذين تهمهم الموازنة العامة للدولة
صحيح ان حجم الموازنة هو عادة أقل من 30% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن السياسات المالية أو النقدية التي تصدر مصاحبة لها تؤثر على مجمل النشاط الاقتصادي في الدولة.
السياسات المالية تصدرها وزارة المالية وأمثلتها نسبة الضرائب التي تفرض على كل نشاط اقتصادي، وسياسات الاستدانة من البنك المركزي لسد عجز الموازنة، وسياسات إصدار الأدوات المعينة على إدارة السيولة وتنفيذ المشروعات مثل الصكوك والسندات.
أما السياسات النقدية فيصدرها بنك السودان المركزي لتحقيق أهدافه الرئيسية المتمثلة في خفض نسب التضخم للنسب المقبولة وهي أقل من خانتين عشريتين، والحفاظ على استقرار الأسعار، وتحديد نسبة العائد على التمويل المصرفي، وغيرها.
الموازنة يشرف على اعدادها موظفون حكوميون، وفي الأوضاع العادية تجاز من مجلس الوزراء ثم ترفع للمجلس التشريعي الذي يجيزها ويصدرها في شكل قانون واجب النفاذ، ويعاقب من يخالفه. لكن منذ العام 2019 وبلادنا تعيش أوضاع استثنائية لهذا اختل هذا الترتيب، ولا توجد تقارير للمتابعة والمحاسبة من قبل المراجع القومي، ولا يوجد مجلس تشريعي لمحاسبة الحكومة حول أهم برامجها وهو مشروع الموازنة الذي يسقط حكومات ويقيم أخرى كما حدث في بريطانيا مؤخراً.
رغم هذه الظروف ندعو لاستصحاب رأي أصحاب المصلحة، وهم من يؤثر في الموازنة ومن يتأثر بها. من الممكن الاستماع لعامة المواطنين من خلال ندوات وورش عمل جادة تنظمها الأحزاب السياسية المسؤولة، في العاصمة والولايات تحت إشراف الولاة.
ومن المهم كذلك الاستماع لأصحاب العمل من خلال تنظيماتهم المختلفة: الغرفة الصناعية، التجارية، المصدرين، المستوردين، والحرفيين. وفي نفس الوقت الاستماع لممثلي المزارعين في القطاعين المروي والمطري. والاستماع كذلك للرعاة وأصحاب الإنتاج الحيواني ومزارع الأسماك والنحالين، وغيرهم من المنتجين.
القطاع المصرفي ممثلاً في المصارف وسوق الخرطوم للأوراق المالية وشركات الوساطة المالية وشركات ومؤسسات التمويل الأصغر، وقطاع التأمين، بشركاته المختلفة هم لاعبون أساسيون لا بد من الاستماع لهم.
ولا بد أن يحدد المواطنين على المستوى المحلي احتياجاتهم، والتي قد تكون مختلفة جداً عن تصورات الموظفين القابعين خلف المكاتب داخل وزارتهم، وهذا ما يسمونه في أدبيات الموازنة البناء من أسفل لأعلى Bottom up approach والله الموفق.